أكد خبراء ومحللون ماليون أن أسهم قطاعات البنوك والعقار والطاقة حققت مكاسب قوية منذ مطلع العام الجاري، مدعومة بإعلان الشركات والبنوك المدرجة عن أرباح قوية خلال الربع الأول من العام الجاري، فضلاً عن الأرباح القياسية والتوزيعات السخية لعام 2022، إلى جانب قوة ومتانة الاقتصاد الوطني.

وتوقع الخبراء استمرار الأداء القوي للقطاعات الثلاثة، لاسيما البنوك الكبرى والشركات القوية في القطاع العقاري مع توسع أعمالها، فضلاً عن قلة المخاطرة بقطاع البنوك في ظل معدلات الفائدة المرتفعة، إضافة إلى ارتفاع النفط التي تدعم شركات الطاقة المحلية خلال 2023.

وقال الخبراء الذين استطلعت «البيان» آراءهم: إن شركات العقار والطاقة والبنوك المدرجة في أسواق الإمارات حققت أرباحاً فاقت التوقعات العام الماضي، وهو ما يعد دليلاً على نجاحها في تخطي تحديات الاقتصاد العالمي الراهنة مستفيدة من خطط التحفيز التي أقرتها الحكومة لتجاوز التحديات وتسريع التعافي والتأسيس لمرحلة جديدة من النمو والانتعاش الاقتصادي.

وبحسب مسح «البيان الاقتصادي»، تجاوزت أرباح 5 بنوك مدرجة في سوق دبي المالي 9.7 مليارات درهم خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بنحو 4.8 مليارات خلال الربع الأول 2022.

وأظهر المسح أن الأرباح الصافية للبنوك الـ 5 خلال الفترة من يناير إلى نهاية مارس 2023 زادت بنسبة 102.9% أو ما يعادل 4.94 مليارات درهم، بإجمالي أرباح صافية 9.74 مليارات درهم.

وتجاوزت الأرباح الصافية لـ 13 بنكاً وطنياً مدرجاً خلال الربع الأول من العام الجاري حاجز 17.7 مليار درهم بزيادة 37% عن الفترة نفسها من العام الماضي، بما يعكس قوة ملاءتها المالية مستفيدة من انتعاش الاقتصاد الوطني وذلك بالرغم من التحديات التي شهدها القطاع المصرفي العالمي.

ووصلت قيمة التوزيعات النقدية لـ 10 بنوك وطنية مدرجة في سوقي أبوظبي ودبي الماليين إلى 18.35 مليار درهم في عام 2022، منها 9.87 مليارات درهم من البنوك المدرجة في سوق أبوظبي، و8.48 مليارات درهم من البنوك المدرجة في بدبي.

وزادت الأرباح الصافية للشركات العقارية المدرجة بنسبة 92% لتصل إلى 11 ملياراً و514 مليون درهم في 2022، مقارنة بنحو 6 مليارات و10 ملايين درهم في 2021، بزيادة تعادل 5.5 مليارات درهم، مدفوعة بالنمو القوي للقطاع العقاري والسياحي وانتعاش الاقتصاد الوطني بعد التعافي الكامل من تداعيات جائحة «كوفيد -19».

وارتفعت إيرادات شركات العقار بنسبة 2% لتصل إلى 57 ملياراً و691 مليون درهم في 2022، مقارنة بنحو 56 ملياراً و572 مليون درهم في 2021، بزيادة تعادل 1.11 مليار درهم.

وتجاوزت الأرباح الصافية لسبع شركات مُدرجة في قطاع الطاقة والمرافق 24 مليار درهم خلال العام الماضي، مقابل نحو 20 مليار درهم خلال 2021، بزيادة تعادل 4.1 مليارات درهم.

الأعلى ربحية

وأفاد المحلل المالي حسام الحسيني بأن الشركات الإماراتية تعد الأعلى من ناحية الربحية، مقارنة بنظائرها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشيراً إلى أن هناك عدة عوامل استفادت منها معظم القطاعات بالدولة منها الانفتاح الاقتصادي واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، التي نمت بقطاعي العقار والبنوك.

وتوقع الحسيني استمرار نمو شركات القطاع العقاري مع توسع أعمالها، فضلاً عن قلة المخاطرة بقطاع البنوك في ظل ارتفاع أسعار الفائدة.

وأكد أن الشركات الإماراتية نجحت في التعافي سريعاً من تداعيات الجائحة، وهو ما ظهر جلياً من خلال النمو المحقق في الربع الأول 2023، حيث استفادت بشكل أساسي من المحفزات المستمرة التي تقرها الحكومة لدعم الاقتصاد ومساندة الشركات، بالإضافة إلى أسعار النفط والذي كان محركاً رئيسياً لمزيد من النمو للشركات.

وقال إن أرباح غالبية شركات العقار الكبرى والبنوك مرشحة للارتفاع، وذلك في ظل الأرباح القياسية والتوزيعات السخية خلال عام 2022، التي جعلت شركات الإمارات في الصدارة إقليمياً. ولفت إلى أن نجاح الطروحات الأولية السابقة ستحفز شركات عائلية وخاصة كبرى للدخول إلى أسواق الإمارات خلال الفترة المقبلة.

أرباح قياسية

وقال خبير أسواق المال أحمد نجم إن أسهم البنوك والعقار والطاقة حققت قفزات سعرية منذ مطلع العام الجاري، مؤكداً أن الشركات الإماراتية المدرجة على موعد مع أرباح قياسية خلال 2023، مدعومة بشكل رئيسي بقوة الاقتصاد الوطني ونجاحه في الخروج بأفضل النتائج من تداعيات الجائحة، التي هزت الأسواق العالمية، في ظل وجود العديد من البوادر والمؤشرات الإيجابية على الانتعاش الاقتصادي في الدولة.

وأوضح أن نتائج الشركات أظهرت نمواً قياسياً في العام الماضي مدعومة بعودة الحياة لطبيعتها في الدولة وخطط التحفيز، التي أطلقتها الحكومة والمصرف المركزي لدعم قطاعات الأعمال في مواجهة الجائحة، متوقعاً أن يظل القطاع المصرفي الحصان الرابح مقارنة بباقي القطاعات الأخرى، بسبب الأداء التشغيلي الجيد وتراجع نسبة القروض المتعثرة، وهو ما انعكس بصورة إيجابية على أداء البنوك ودفعها لتحقيق نتائج جيدة، ما يؤكد تحسن أوضاع التمويل والسيولة وقوة الملاءة المالية للبنوك الإماراتية وقدرتها على مواجهة التحديات في أصعب الظروف.

وأضاف: «نظراً للاقتصاد المحلي القوي والتحول المحتمل نحو سياسة نقدية أكثر ليونة في الولايات المتحدة وأوروبا، أسواق الأسهم الإماراتية سوف تشهد أداء أقوى خلال العام الجاري، مما قد يدعم زيادة الطلب على الأسهم البارزة بما فيها الأسهم المدرجة حديثاً».

وتابع: «بفضل الظروف الاقتصادية المحلية الجيدة يمكن لمختلف القطاعات أن تشهد نمواً متجدداً من العقارات إلى الطاقة وغيرها، على الرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي، تمكنت القطاعات غير النفطية من الحفاظ على مستويات نشاط قوية وتشارك في خلق ظروف إيجابية لارتفاع الأسهم».

وأكد أن قطاع العقارات سيستمر في الاستفادة من طلب قوي بفضل قدرة النمو الاقتصادي من جذب المواهب والشركات من جميع أنحاء العالم، مما قد يؤدي إلى احتياج للوحدات السكنية والمباني الخاصة بالشركات، كما يعطي الانتعاش في السياحة دفعة إضافية للعقارات التجارية. وأشار إلى أنه ستشهد الأسهم المرتبطة بالطاقة مثل «أدنوك للغاز» نظرة مستقبلية أكثر إيجابية مع توقع ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي خلال العام الجاري.

توقعات إيجابية

أكد الخبير المصرفي حسن الريس، أن هناك مجموعة من العوامل لعبت دوراً كبيراً في تعزيز ربحية الشركات الإماراتية في مقدمتها قوة ومتانة الاقتصاد الوطني وخطط التحفيز الحكومي، وهو ما عزز من قدرة العديد من القطاعات على تحقيق قفزة في أرباحها، كذلك فإن أسعار النفط لعبت دوراً مهماً في تعزيز ربحية الشركات.

وتوقع استمرار الأداء القوي للشركات المدرجة خلال العام الجاري وخصوصاً في ظل استمرار الاقتصاد الإماراتي بتحقيق مستويات نمو قوية، وكذلك انعكاس ارتفاع أسعار الفائدة المرتفعة على حجم السيولة العالية للبنوك والتي تعزز من ربحية الشركات واستمرار العديد من القطاعات بتحقيق أداء قوي ونمو مستدام.

وقال: «هناك عوامل إيجابية كثيرة أخرى تجذب المستثمرين الجدد للبحث عن الاستثمار في الشركات الإماراتية، حيث توفر الدولة بيئة مثالية للاستثمار طويل الأجل مثل امتلاك أكثر الموانئ والمطارات فعالية، فضلاً عن الطرق والمواصلات ومحطات التخزين، هذا يجعل الشركات العاملة في الإمارات تتمتع بالأفضلية الدائمة».

انتعاش اقتصادي

قال فيجاي فاليشا، كبير محللي الأسواق لدى «سينشري فايننشال»، إن دبي شهدت موجة ناجحة من الاكتتابات العامة الأولية عام 2022 جعل الشركات الصغيرة والمتوسطة تتطلع إلى الإدراج في سوق دبي المالي، بالإضافة إلى أن القطاع المصرفي في دبي يشهد انتعاشاً في هامش الربح لتحسين الإنتاجية بسبب تحسين التكنولوجيا وانخفاض تكلفة الموظفين والمزيد من الدمج في القطاع. وتوقع استمرار تحقيق أسهم البنوك والعقار في تحقيق نتائج قياسية العام الجاري بدعم رئيسي من الانتعاش الاقتصادي وزيادة الإيرادات مع انخفاض التكاليف وتحسن الإنتاجية.