شهدت دبي خلال العامين الماضيين نمواً متسارعاً لنظام المدفوعات «اشترِ الآن وادفع لاحقاً»، والذي بات من أسرع نماذج الخدمات المالية نمواً محلياً وإقليمياً. وقال مسؤولون في القطاع لـ «البيان» إن تنامي الطلب قاد إلى نشوء العديد من الشركات المتخصصة التي حصلت على تراخيص لتقديم هذه الخدمات، حيث باتت الشركات القائمة في دبي تقدم هذه الخدمات للمستهلكين في مختلف أنحاء الدولة والمنطقة.

وبحسب المسؤولين، بلغ النمو السنوي خلال 2023 في الطلب على نظام مدفوعات «اشتر الآن وادفع لاحقاً» في دبي 80 إلى 90%، ما يشير إلى مستوى الشعبية العالية لنموذج المدفوعات الإلكترونية الجديد الذي يعتمد على خيار التقسيط على فترات بدون أي فوائد، بحسب مسؤولين عاملين في القطاع.

وأفاد مسؤولو الشركات بأن تجربة الشراء الجديدة تحظى بقبول كبير لدى شريحة الشباب من جيل الألفية، حيث تشير التقديرات إلى أن 25 إلى 30 % من المشتريات التي تتم إلكترونياً بدبي تجري عبر هذه الخدمة، والتي تعتبر حديثة نسبياً في السوق، مؤكدين أن النموذج الجديد أكثر جاذبية للعملاء مقارنة بخيار بطاقات الائتمان والفوائد المرتبطة به.

وتوقع المديرون أن يستمر النمو في الصناعة بمستويات عالية خلال السنوات المقبلة، ودخول لاعبين جدد للسوق، فضلاً عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملية التقييم الائتماني للعميل وحدوث عملية اصطفاء للقطاعات والمنتجات التي تحقق نجاحاً أكبر عبر هذه الخدمة.

4 ملايين عميل

وكشف حسام عرب، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في «تابي»، المنصة الأكبر حجماً في سوق الشرق الأوسط، أن 25 % إلى 30 % من حجم المشتريات الإلكترونية في دبي يتم عبر نظام المدفوعات «اشترِ الآن وادفع لاحقاً»، مما يدل على حجم الإقبال الكبير والشعبية العالية لتجربة الشراء والدفع الجديدة، ولا سيما أنها نظام حديث لم يكن متواجداً قبل 3 سنوات.

وأفاد عرب في تصريحات لـ «البيان» بأن دبي تعتبر من المدن الأسرع نمواً في الشرق الأوسط من حيث تبني نموذج «اشترِ الآن وادفع لاحقاً»، لافتاً إلى أن الخدمة سجلت نمواً يتجاوز 300 % خلال 2023 بالنسبة لعملاء «تابي»، الذين بلغوا حتى الآن أكثر من 4 ملايين عميل، فيما بلغ متوسط النمو بالنسبة لمجمل السوق المحلي أكثر من 80 % على أساس سنوي.

وقال إن خدمة «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» تحظى بطلب عالمي كبير مقارنة بمقدمي خدمات بطاقات الائتمان، والتي تؤدي غالباً عبر نموذج عملها إلى تراكم الديون على العملاء نتيجة الفوائد التي تترتب عليهم، والعكس تماماً بالنسبة للخدمة الجديدة، حيث يتم تقسيط مشترياتك على أربعة أقساط شهرية بدون فوائد، أو الدفع بعد الشراء خلال 14 يوماً.

وأضاف أن نسبة التعثر أو التخلف عن السداد بالنسبة للعملاء منخفضة جداً مقارنة بأساليب دفع أخرى، ولا سيما وأن العميل لا يدفع أي رسوم للشركة، والتي بدورها تحصل عمولة بنسب تصل بالمتوسط إلى 6 % من البائع وليس العميل.

وأشار إلى أن تجربة الشراء الجديدة تحظى بمستويات نمو غير مسبوقة محلياً وعالمياً، رغم أنها حديثة نسبياً، ولكن يبدو أن تجربة العملاء حظيت بقبول كبير ونسبة موثوقية ومرونة عالية.

جيل الألفية

من جهتها، قالت إسراء جمال، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة «تلر» المتخصصة بخدمات تكنولوجيا المدفوعات، إن خدمة «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» تعتبر فرصة استثنائية بالنسبة للتجار والمستهلكين النهائيين على حد سواء، حيث تمكن الشركات من زيادة مبيعاتها واستقطاب عملاء جدد، وبالنسبة للعميل تعتبر فرصة للقيام بعملية شراء بدون أي فائدة ومن ثم تقسيطها على دفعات.

وأكدت أن نظام المدفوعات الجديد نما بمعدلات عالية خلال العام الجاري بنسب تتجاوز 80 % مقارنة بالعام الماضي، ولا سيما إمارة دبي التي تعتبر المركز الإقليمي الرئيسي لتطور وانتشار الأفكار والخدمات المبتكرة في قطاع الخدمات المالية، ونعتقد بأن احتمالية تكرار العملاء لتجربتهم مع هذا النموذج الجديد ترتفع بنسبة كبيرة بعد أول تجربة لهم، ولا سيما مع سهولتها وتنوع الخيارات المتاحة وانخفاض المخاطر.

ولفتت إلى أن الشريحة الأكبر من المقبلين على تجربة الشراء الجديدة هم من جيل الألفية، أي من الشباب والمراهقين الذين لا يمتلكون صبراً للذهاب إلى البنك والحصول على قرض أو بطاقة ائتمان، وإنما يرغبون بحل سريع ذي خطوة واحدة، وبدون أي مخاطر ائتمانية على العميل.

وأشارت إلى أن مشغلي هذا النظام يعتمدون في أرباحهم على الشركات دون أخذ أي نسبة من العملاء، حيث يستقطعون نسباً تتراوح بين 2 إلى 6 % على كل عملية شراء، ونعتقد بأن لاعبين جدداً سيدخلون الصناعة في المنطقة خلال العام الجاري، وبالتالي مزيد من الخيارات للعملاء والتجار.

الذكاء الاصطناعي

وفي السياق نفسه، قال تشارلز متى، رئيس الاستراتيجية والشراكات في «ماي مونتي»، منصة الخدمات المصرفية، إن الشركة تستهدف إطلاق خدمة «اشترِ الآن وادفع لاحقاً» قريباً مع توظيف أعمق وأوسع لتقينات الذكاء الاصطناعي في عملية تقييم المخاطر الائتمانية للعملاء، فضلاً عن عملية اختيار محددة للقطاعات والمنتجات التي ستقع تحت مظلة هذه الخدمة.

وأفاد بأن إطلاق الخدمة يأتي في إطار الطلب العالي عليها في دبي خاصة ومنطقة الخليج عامة، لا سيما وأن نسب النمو وصلت إلى أكثر من 90 % خلال العام الجاري رغم حداثة تطبيق الفكرة في السوق.

وأضاف: لدينا تصور بأن هذه التجربة لتنجح أكثر يجب أن تكون محددة ومتخصصة أكثر، وليس بالإمكان دخولها إلى كافة القطاعات التجارية أو كافة أنواع المنتجات، وذلك بهدف تقليل نسب التخلف عن السداد لدى العملاء، وأن يكون التشغيل مستداماً على المديين المتوسط والطويل، وبالفعل هي خيار مناسب بالنسبة للعميل الذي لا يرغب باللجوء إلى خيار بطاقات الائتمان القائم على الفوائد، ونعتقد أن نطاق الأسعار الذي من الممكن أن تدخل فيه هكذا خدمة يتراوح بين 500 و3000 درهم، أي الابتعاد عن قطاع الطعام والمشروبات ذي التكلفة المنخفضة وقطاع المنتجات الفارهة عالية السعر أيضاً.

وبين أنه مع تراجع القدرة الشرائية للعملاء حول العالم، ولا سيما بعد جائحة «كوفيد 19» والأزمات المالية المتعاقبة، اتجه الكثير من اللاعبين الرئيسيين في الصناعة إلى دخول قطاعات جديدة لزيادة العرض، مما رفع نسب التعثر.

وقال إن الشركة تعمل على نظام مدفوعات يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف التقييم الائتماني للعميل، وفق آلية تراكمية في جمع البيانات وتقصي سلوك المستهلك.

نمو القطاع

وأوضح جيسي مينا، كبير مسؤولي النمو في «بوست بي»، التي تقدم عبر تطبيقها خدمة «اشتر الآن وادفع لاحقاً»، أن القطاع شهد نمواً على الطلب بنسب تتراوح بين 70 % و 80 % العام الجاري، ونتوقع أن يستمر النمو في قطاع الملابس والأثاث المنزلي والمدارس، فيما تعتبر بعض أنواع الأجهزة الإلكترونية والمنتجات الفارهة عالية السعر أكثر مخاطرة، ولا سيما مع ازدياد احتمالات التخلف عن السداد لدى العميل.

وذكر أن عمليات الشركة انطلقت في 2019، ولديها اليوم أكثر من 300 ألف عميل فعال في المنطقة، فيما بلغت قيمة المبيعات عبر التطبيق خلال 2022 نحو 150 مليون دولار في سوقي الإمارات والسعودية.