توقع أحدث تقارير المستجدات الاقتصادية الذي أعدته «أكسفورد إيكونوميكس» بتكليف من معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز ، أن يرتفع إجمالي نمو الناتج المحلي لدولة الإمارات في 2024 على أساس سنوي ليصل إلى 4.8%.
وفي القطاع النفطي، يتوقع بلوغ متوسط إنتاج يبلغ 3.35 ملايين برميل يومياً في 2024، وزيادة أخرى إلى 3.6 ملايين برميل يومياً في 2025. ورغم هذه الزيادة، إلا أن مستوى الإنتاج لا يزال أقل بكثير من القدرة الإنتاجية القصوى لدولة الإمارات، والتي تبلغ حوالي 4.5 ملايين برميل في اليوم.
وتسعى الإمارات إلى توسيع القطاع غير النفطي كجزء من خططها للتنمية الاقتصادية. وقد ساهمت عملية بيع السندات السيادية الناجحة أخيراً، والتي جمعت 1.5 مليار دولار، في دعم هذه الجهود. ويمثل الاندماج المرتقب للدولة ضمن مجموعة البريكس في يناير علامة فارقة، إذ من شأنه تحفيز فرص التجارة والاستثمار وتعزيز استراتيجية التنويع والنمو. ومن المتوقع أن تكون قطاعات الخدمات اللوجستية والتكنولوجيا والبنية التحتية والتمويل من بين القطاعات الرئيسية المستفيدة. ومن المحتمل أن يتراجع نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي بشكل متواضع إلى 3.8% في 2024، عن 5.2% هذا العام.
أداء قوي
وشهد إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات نمواً بنسبة 3.7% على أساس سنوي في الربع الثاني، مدفوعاً في المقام الأول بالأداء القوي للقطاع غير النفطي. ووصل مؤشر مديري المشتريات البالغ 57.7 في أكتوبر إلى أعلى مستوى له في دولة الإمارات منذ جائحة كورونا، مما يؤكد مرونة الاقتصاد غير النفطي ونموه المستمر. ومن الجدير بالذكر أن نمو الائتمان في دولة الإمارات قد اتجه نحو الارتفاع هذا العام، مبتعداً عن الأنماط الإقليمية، مع نمو قروض الأفراد بنحو 10% على أساس سنوي، على الرغم من ارتفاع تكاليف الاقتراض. وتبدو الآفاق المالية لدولة الإمارات إيجابية، إذ من المتوقع أن تتجاوز الفوائض المالية 5% من إجمالي الناتج المحلي على المديين القريب والمتوسط. وفي 2022، تجاوز الفائض المالي 9% من إجمالي الناتج المحلي. وكان هذا مدفوعاً بالنمو المذهل للإيرادات بنسبة 31.8%، والذي يعود إلى حد كبير إلى ارتفاع عائدات النفط. وقد تم تعزيز هذه المرونة المالية بشكل أكبر من خلال نمو القطاع غير النفطي، والذي يوفر بذلك مصدراً بديلاً مستقراً للإيرادات.
وتحرز دولة الإمارات تقدماً كبيراً في تمويل الصكوك الخضراء، وتخصيص الأموال للمشاريع المستدامة، وتعزيز تحولها إلى الانبعاثات الصفرية. وبعد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، من المتوقع أن تكثف الإمارات جهودها نحو الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بخفض الانبعاثات الصفرية.
مستقبل مستدام
وقالت هنادي خليفة، مديرة مكتب الشرق الأوسط لمعهد المحاسبين القانونيين : «باستضافتها لمؤتمر المناخ COP28، تعزز الإمارات دورها العالمي، وترسخ أيضاً التزامها ببناء مستقبل مستدام. ومن خلال مواءمة قوتها وقدراتها الاقتصادية مع المبادرات المستدامة، تسعى الإمارات جاهدة لتكون في طليعة هذه المرحلة الانتقالية المهمة، حيث يرتبط التقدم الاقتصادي وحماية البيئة بصورة وثيقة للغاية».
وقال سكوت ليفرمور، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين وكبير الخبراء الاقتصاديين والمدير العام في «أكسفورد إيكونوميكس الشرق الأوسط»: «تؤكد الاتفاقيات الأخيرة التي أبرمتها «مصدر»، ذراع الطاقة المتجددة لدولة الإمارات، مع الأردن وهولندا لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، التزام الدولة بالتنمية الاقتصادية المستدامة. وهكذا، فإن الإمارات لا تشق طريقها وحسب نحو التحول إلى اقتصاد خالٍ من الانبعاثات، بل تصبح نموذجاً يحتذى». ومن المتوقع أن تظل أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية حتى النصف الثاني من 2024.
من ناحية أخرى، كشف التقرير أنه من المرتقب للمنطقة أن تتخطى موجة التباطؤ العالمي في 2024، مع استمرار القطاعات غير المتعلقة بالطاقة في قيادة مسيرة النمو. ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة نمو إجمالي الناتج المحلي في الشرق الأوسط إلى 3.2% العام المقبل، متجاوزة توقعات النمو العالمي بنسبة 2.1%.
كذلك، فإنه في المؤشرات الواعدة للقطاعات غير المتعلقة بالطاقة، لا سيما في الإمارات والسعودية. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 3.9% في العام المقبل، مدفوعاً في المقام الأول بهذه الصناعات.