كشف معهد ماستر كارد للاقتصاد، عن تقريره السنوي للعام المقبل «اقتصاد 2024»، والذي يحدد أهم الموضوعات التي تشكل المشهد الاقتصادي. حيث توقع التقرير أن يرتفع الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي في عام 2024 على أساس سنوي بنسبة 5 % في الإمارات.

ويرى التقرير أنه في حين سيبدو الاقتصاد العالمي طبيعياً أكثر في العام المقبل، مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة، إلا أن مساعي تحقيق التوازن مستمرة، مع موازنة دقيقة بين أسعار الفائدة المرتفعة والرواتب، وأسعار السلع، مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة. ومع ذلك، ستتمثل أهم سمات المشهد الاقتصادي في تمكين المستهلك، مع محاولة ضبط مستويات التضخم، وتحقيق نمو اقتصادي ثابت، ولكن متفاوت بحسب كل منطقة.

ومن المتوقع (وفق التقرير)، أن يضطر المستهلكون والشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الإنفاق والاستثمار، حيث ستؤثر فروقات الأسعار وأسعار الفائدة في الميزانيات، مسببة تقلصاً للمفاضلة بين الموارد المتاحة. ويتوقع معهد ماستر كارد للاقتصاد، أن يرتفع الإنفاق الاستهلاكي الحقيقي في عام 2024 على أساس سنوي بنسبة 5 % في الإمارات، و4.3 % في المملكة العربية السعودية، و1.2 % في مصر.

السياسة المالية التوسعية
ومن المتوقع أن تستمر السياسة المالية التوسعية بدعم النمو في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك في ظل التوجه القوي لمواصلة الاستثمارات الهادفة لتحقيق مزيد من التطوير، عبر مشاريع عملاقة في المملكة العربية السعودية، وتسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الحفاظ على مكانتها التقليدية كمركز إقليمي للتجارة والاستثمار. وفي الوقت نفسه، تعمل مصر على تشديد سياساتها للحد من الاختلال في توازن الاقتصاد الكلي. ومن المرجح أن تظل السياحة مرتكزاً رئيساً للعديد من اقتصادات المنطقة.

وقال ديفيد مان كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا المحيط الهادئ وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى ماستر كارد: «على الرغم من أن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تتأثر بعدة عوامل، بما في ذلك الصراع الجيوسياسي، وعدم استقرار تكاليف المعيشة وتقلبات العملة، إلا أن الرؤى الحكومية القوية توفر أساساً داعماً للاستقرار الاقتصادي. ويشجع هذا الأمر المستهلكين الذين يحظون بالتمكين، ويتمتعون بالمرونة على تحمل مسؤولية احتياجاتهم ورغباتهم بثقة، ضمن قيود الموارد المتاحة. ولا شك أن سوق العمل القوي في دول المنطقة، يدعم القوة الشرائية للمستهلكين، ويتوقع معهد ماستر كارد للاقتصاد، أن يساعد تخفيف السياسة النقدية في الحفاظ على مستويات إنفاق المستهلكين في القطاعات التي تتأثر بسهولة بسعر الفائدة».

أولويات الإنفاق
ومن أبرز نتائج التقرير ما يلي:
يتم تحديد أولويات الإنفاق على أساس «الاحتياجات» و«الرغبات».
وسيولي المستهلكون الأولوية للإنفاق الأكثر أهمية، حتى في ظل استحواذ التضخم على حصة أكبر من حجم الإنفاق على الأساسيات، مع بقاء السفر والفعاليات والحفلات الموسيقية الحية والأفلام خيارات شائعة للإنفاق، وهو ما ينعكس بوضوح في الاهتمام الكبير للمستهلكين بجولة المغنية العالمية تايلور سويفت، وبظاهرة شباك التذاكر «باربنهايمر».

وتشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا دعماً خاصاً من قطاع السياحة، فقد كانت مصر وتونس من بين الوجهات الخمس الأسرع نمواً بالنسبة للأوروبيين في عام 2023، مقارنة بعام 2022. كما أن التوجهات القوية لدول مجلس التعاون الخليجي لتنمية قطاع السياحة فيها، جعل هذه المنطقة واحدة من الوجهات الأسرع نمواً في العالم. وتشير التقديرات إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي سجلت في عام 2023 زيادة، بنسبة 22 % في إنفاق السائحين الوافدين، مقارنة بعام 2019، أي أعلى بـ 26 نقطة مئوية من المتوسط العالمي.

التجارة الإلكترونية
وقال التقرير: سيكون هناك إقبال كبير على الشراء، وعائدات التجارة الإلكترونية تفوق العائدات المسجلة ضمن المتاجر التقليدية.

فمع انتهاء أزمة تعقيدات سلاسل التوريد أخيراً، بات بإمكان المستهلكين تأخير عمليات الشراء، في ظل وجود قيود قليلة فقط، وربما إضافة المزيد من الخيارات إلى عربة التسوق لتجربتها في المنزل. وفضلاً عن التسارع في توجه المزيد من الشركات إلى الإنترنت لأول مرة بسبب الجائحة، تشير زيادة العائدات إلى زيادة ولاء العملاء، حيث تؤدي الراحة المتزايدة التي توفرها التجارة الإلكترونية للمتسوقين، إلى زيادة المبيعات، وبالتالي العائدات، وكذلك تكرار الزيارات إلى تلك المتاجر الإلكترونية.

وقد ارتفع معدل عائدات المعاملات عبر الإنترنت في 10 اقتصادات، بين عامي 2019 و2023، إلا أنه ظل دون تغيير نسبياً بالنسبة للمعاملات داخل المتجر. وكان هذا واضحاً بشكل خاص في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ارتفع معدل عائدات التجارة الإلكترونية بنسبة 13.2 % في الإمارات، و12.4 % في السعودية.

الضغوط التضخمية
وأشار معهد ماستر كارد للاقتصاد، إلى أن البنوك المركزية قد تكون الآن عند معدلات الذروة، أو قريبة منها. ومن المتوقع حدوث بعض التيسير في العام المقبل، مع تراجع مستويات التضخم، وبقاء النمو ضعيفاً، ما سيؤدي إلى عودة السياسة النقدية إلى طبيعتها بشكل جزئي.

أما على الصعيد العالمي، فإن معهد ماستر كارد للاقتصاد، يتوقع أن يعتدل التضخم نزولاً إلى 4.9 % على أساس سنوي في عام 2024، منخفضاً من 6 % في عام 2023، لكنه يظل أعلى من مستوياته قبل الجائحة، والتي كانت تبلغ 2.7 %. وعلى الرغم من ذلك، يتوقع المعهد أن يبدو النمو الاقتصادي العالمي في العام المقبل، مشابهاً لما كان عليه في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب التضخم، بنسبة 2.9 ٪ على أساس سنوي في عام 2024.

واستند تقرير «اقتصاد 2024»، إلى عدد كبير من مجموعات البيانات العامة والخاصة، بما في ذلك نشاط مبيعات ماستر كارد المجمّع ومجهول المصدر، بالإضافة إلى نماذج تهدف إلى تقدير النشاط الاقتصادي.