حقق برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية إنجازات نوعية خلال عام 2023، ونجحت دولة الإمارات في توقيع اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع تركيا وكمبوديا وجورجيا.
إضافة إلى إنجاز اتفاقية شراكة شاملة مع جمهورية كولومبيا ما يمهد الطريق لإبرام أول اتفاق تجاري ثنائي بين دولتين، إحداهما في منطقة الخليج العربي والثانية في قارة أمريكا الجنوبية.
كانت الإمارات قد أبرمت عام 2022 اتفاقيات مع 3 دول هي الهند وإسرائيل وإندونيسيا، ليصل عدد الدول التي تم التوقيع معها إلى 7 دول خلال عامين، وتواصل وزارة الاقتصاد إجراء محادثات حالياً مع 12 دولة وتكتلاً اقتصادياً لإبرام اتفاقيات للشراكة الشاملة.
وتتضمن الدول كوستاريكا وتشيلي وكينيا وأوكرانيا وتايلاند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي وفيتنام، وميركوسور، وماليزيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، كما تخطط الدولة لإبرام 15 اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة أخرى في المستقبل مع 15 دولة.
وتطمح الإمارات إلى إبرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع 27 دولة وتكتلاً اقتصادياً، بما يشمل 103 دول، تمثل حصتها ما يصل إلى 95 % من إجمالي التجارة العالمية، ما سيكون له أثر إيجابي على زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة في 2031 بما قيمته 41.71 مليار دولار، ويعتبر برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية الذي تم الإعلان عنه ضمن «مشاريع الخمسين» ركيزة أساسية في جهود الدولة لترسيخ مكانة الإمارات مركزاً اقتصادياً عالمياً.
تركيا
في 3 مارس الماضي وقعت الإمارات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع تركيا لتبدأ حقبة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وبموجب الاتفاقية يتم إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية على ما يمثل أكثر من 93 % من قيمة التجارة البينية غير النفطية، وهو ما يعزز من فرص نمو التجارة الثنائية بين البلدين لتصل إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، بالمقارنة بنحو 19 مليار دولار حالياَ.
كمبوديا
وفي يونيو الماضي أبرمت الإمارات ومملكة كمبوديا اتفاقية للشراكة الاقتصادية الشاملة بهدف مضاعفة التجارة البينية غير النفطية من 407 ملايين دولار في عام 2022 إلى مليار دولار في غضون 5 أعوام. وتفتح الاتفاقية آفاقاً واسعة للارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين الدولتين إلى مستوى جديد من الشراكة والتكامل الاقتصادي.
وخصوصاً أن الدولتين لديهما قاعدة صلبة لتحقيق الأهداف المأمولة من الاتفاقية، إذ سجلت التجارة البينية غير النفطية 407 ملايين دولار في عام 2022، بزيادة 33 % مقارنة بعام 2021، و28 % أكثر من عام 2019، كما تعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين لكمبوديا في العالم العربي بحصة تبلغ 70 % من تجارتها مع المنطقة بحسب بيانات التجارة الخارجية غير النفطية عام 2022.
وبالنسبة للاستثمارات المتبادلة، فهناك آفاق واسعة للتطور والنمو حال دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، بما تخلقه من فرص لمجتمع الأعمال وإبرام الشراكات الاستثمارية، وقد بلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية في كمبوديا نحو 3 ملايين دولار، فيما بلغت قيمة الاستثمار الكمبودي في الدولة حوالي 1 مليون دولار.
وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الاقتصاد، تضمن الاتفاقية وصولاً أفضل للمنتجات الإماراتية إلى السوق الكمبودي، وبما يغطي 92 % من خطوط التعريفة الجمركية، وأكثر من 93 % من قيمة التجارة غير النفطية مع كمبوديا. كما توفر الاتفاقية لدولة الإمارات الوصول إلى مجموعة واسعة من القطاعات الخدمية في السوق الكمبودي.
حيث إنها تغطي معظم القطاعات الخدمية الرئيسية والقطاعات الفرعية. وتوفر الاتفاقية مع كمبوديا لدولة الإمارات جسراً مهماً في قلب الاقتصاد الآسيوي سريع النمو، وتتيح لمجتمعي الأعمال في الدولتين آفاقاً واعدة من النمو المشترك، كما توفر الاتفاقية منصة جديدة لتسهيل تدفق الاستثمارات البينية وخلق المزيد من الفرص أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة في البلدين.
جورجيا
وفي أكتوبر الماضي أبرمت دولة الإمارات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع جورجيا. وذكر الموقع الرسمي لوزارة الاقتصاد أن دراسات الجدوى أظهرت مساهمة اتفاقية الشراكة بين الإمارات وجورجيا في مضاعفة التجارة البينية غير النفطية من مستواها الحالي عند 481 مليون دولار أمريكي وصولاً إلى 1.5 مليار دولار سنوياً في غضون 5 أعوام، عبر إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على 95 % من السلع والمنتجات المتبادلة بين الدولتين، والتي تمثل أكثر من 90 % من إجمالي قيمة التجارة البينية غير النفطية.
وأشار الموقع إلى أن الاتفاقية تنطلق من قاعدة صلبة من العلاقات المتنامية بين الإمارات وجورجيا، حيث شهدت التدفقات التجارية غير النفطية نمواً قياسياً خلال السنوات الماضية، وزادت 115 % خلال عام 2022 إلى 468 مليون دولار مقارنة بعام 2021.
كولومبيا
وتعد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع كولومبيا الأحدث في أجندة التجارة الخارجية لدولة الإمارات.
وتهدف الاتفاقية إلى إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على غالبية خطوط الإنتاج، وإزالة الحواجز أمام التجارة، وتحسين الوصول إلى الأسواق وتعميق التعاون بين البلدين. وتعتبر كولومبيا رابع أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، ومصدراً رئيسياً لإنتاج البن والقهوة، وبوابة للشركات التي تتخذ من دولة الإمارات مقراً لها للوصول إلى المزايا الهائلة التي توفرها المنطقة.
ومع بدء تنفيذ الاتفاقية بعد توقيعها رسمياً وإنجاز إجراءات دخولها حيز التنفيذ، سوف يستفيد القطاع الخاص من وجود ممر تجاري جديد بين أمريكا الجنوبية والشرق الأوسط، وهي أسواق حيوية تضم أكثر من 800 مليون مستهلك.
المستهدفات الوطنية
ويرى جمعة الكيت وكيل وزارة الاقتصاد المساعد ـ قطاع التجارة الدولية، أن خطط توسيع شبكة الشركاء التجاريين للدولة عبر إبرام اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة تلعب دوراً أساسياً في تحقيق المستهدفات الوطنية الاقتصادية لرؤية نحن الإمارات 2031، الرامية إلى مضاعفة حجم التجارة الخارجية غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم، وزيادة الصادرات الوطنية غير النفطية إلى 800 مليار درهم.
وأكد وكيل وزارة الاقتصاد المساعد لقطاع التجارة الدولية لـ«البيان» أن اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي دخلت حيز التنفيذ مع كل من الهند وإندونيسيا وإسرائيل وتركيا سوف يكون لها أثر إيجابي وفعال على حركة الأسواق وتسريع وزيادة وتيرة نمو الصادرات الإماراتية المتنوعة.
كما أن هذه الاتفاقيات سوف تدعم سلاسل التوريد بما يعزز فرص النفاذ إلى الأسواق وإعطاء ميزات تنافسية للمنتجات المتبادلة تجارياً، وكذلك بما يسهم في إزالة المعوقات غير الجمركية التي تؤثر بشكل كبير على فرص التصدير.
وأضاف أن الشراكات الاقتصادية الشاملة تعتبر عاملاً محورياً في جهود الدولة لتحفيز النمو الاقتصادي المستدام على المدى الطويل، وترسخ مكانة الإمارات مركزاً اقتصادياً عالمياً، ودعم العلاقات الثنائية مع العديد من الدول الواعدة والنفاذ إلى الأسواق ذات الأهمية الاستراتيجية.
خطوات مدروسة
وكشف وكيل الوزارة المساعد لقطاع التجارة الدولية، أن وزارة الاقتصاد تتحرك بخطوات علمية مدروسة في برنامج الاتفاقيات الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أن الوزارة أجرت دراسات استقصائية واسعة لاستطلاع آراء رجال الأعمال والقيادات الاقتصادية في القطاع الخاص في الإمارات حول اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة.
وأكد أهمية الاستفادة من خبرات أصحاب الشركات والمصانع ورواد الأعمال لدعم خطط المحادثات عند إبرام اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة. وتابع: إن الدراسات تشمل مجالات عدة مثل كيفية الوصول إلى أسواق الدول المستهدفة، وإمكانات التجارة والاستثمار، والتحديات التي تواجه التجارة، وآلية تسهيل أنشطة التصدير والاستثمار.
وأوضح أن فريق التفاوض الإماراتي يستفيد من خبرات القطاع الخاص بهدف إبرام اتفاقيات تنافسية للشركات الوطنية، من خلال ضمان الوصول إلى أسواق التصدير للسلع والخدمات الإماراتية، وإزالة كافة المعوقات الجمركية وغير الجمركية وخلق المناخ المناسب للمستثمرين الإماراتيين في الدول المستهدفة.
وأشار جمعة الكيت إلى أن الدراسات التي أجرتها وزارة الاقتصاد لها دور مهم في المحادثات واتفاقيات الشراكة الشاملة بهدف تمكين القطاع الخاص من الوصول إلى أسواق المنتجات والخدمات والاستثمارات.
شراكة شاملة مع الكونغو تفتح آفاقاً جديدة بين البلدين
قبل أيام من نهاية العام الجاري أنجزت دولة الإمارات وجمهورية الكونغو (الكونغو برازافيل) بنجاح المحادثات الهادفة إلى التوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة للارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية إلى آفاق جديدة من التعاون، وبناء الشراكات بين مجتمعي الأعمال وتحفيز النمو الاقتصادي المشترك.
ووقع معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير الدولة للتجارة الخارجية، وجان بابتيست أونداي وزير الاقتصاد والمالية في الكونغو برازافيل، بياناً مشتركاً لإعلان إنجاز المحادثات والتوصل إلى بنود الاتفاقية، وذلك في مراسم جرت عبر تقنية الاتصال المرئي.
وتستهدف اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات والكونغو برازافيل بعد إتمام المحادثات بنجاح، وبالتالي إبرامها رسمياً ثم دخولها حيز التنفيذ لاحقاً إلى المساهمة في زيادة تدفقات التجارة غير النفطية بين الدولتين، والتي سجلت 2.1 مليار دولار في النصف الأول من 2023، بنمو 134 % مقارنة بالنصف الأول من عام 2022.
كما تستهدف تسهيل تدفق الاستثمارات بين البلدين، والتي تتوزع على عدد من القطاعات الحيوية. وتقع الكونغو برازافيل (المعروفة رسمياً باسم جمهورية الكونغو) في غرب وسط أفريقيا، وتحدها الغابون والكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأنغولا، وتعد سادس أكبر منتج للنفط في أفريقيا.
وسجلت القيمة الإجمالية للتجارة غير النفطية بين الإمارات والكونغو برازافيل حوالي 2.2 مليار دولار في عام 2022، بنمو 5 % مقارنة بعام 2021 ونمو قدره 29 %، و26 % مقارنة بعامي 2020 و2019 على التوالي. وبحسب بيانات عام 2022، تعد الكونغو برازافيل الشريك التجاري الثاني عشر لدولة الإمارات ضمن الدول الأفريقية غير العربية.
حيث تبلغ حصتها حوالي 4 % من التجارة غير النفطية لدولة الإمارات مع الدول الأفريقية غير العربية. وفي العام نفسه، كانت الإمارات ثامن أكبر سوق لصادرات الكونغو برازافيل بحصة تبلغ 2 % من إجمالي صادراتها، وحلت الإمارات في المركز الثالث عشر كأكبر سوق لواردات الكونغو برازافيل بحصة بلغت 2 % من واردات الكونغو برازافيل.
وتبلغ حصة الإمارات نحو 72 % من التجارة غير النفطية للكونغو برازافيل مع الدول العربية.