39 ألف ساعة عمل بشري وفرتها وزارة المالية من خلال تبنيها التشغيل التلقائي للعمليات (RPA) لإنجاز 1.8 مليون معاملة بدقة تزيد عن 98%، ما أدى إلى تحسينات كبيرة في الإنتاجية والكفاءة، والمضي خطوة إضافية نحو التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار، وتعزيز السعي من خلال التحولات الريادية لأن تصبح الإمارات أفضل دولة في العالم بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها في عام 2071.

لكن تحديث الخدمات الحكومية بالاعتماد على عوامل مساعدة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والمساعدين الافتراضيين عملية مستمرة لا تنتهي، وقد أكملت وزارة المالية بالفعل المرحلة الثانية من رحلة التحول في عملياتها الداخلية نحو التشغيل التلقائي للعمليات (RPA) أو ما يعرف بدمج أتمتة العمليات الآلية (التشغيل الروبوتي للعمليات)، حيث تستخدم الوزارة الآن الروبوتات (تطبيقات برمجية تنفذ مهاماً آلية)، ومن أكثر أنواعها شيوعا برامج الدردشة الآلية التي تدير التفاعلات الهاتفية أو عبر الإنترنت بين المؤسسات وعملائها، كما تستخدمها وزارة المالية على منصة المشتريات الرقمية بموقعها الإلكتروني، حيث تمكنها من تسريع العمليات من 60 يوما إلى ست دقائق، ما يخلق منافسة أكبر على العقود الحكومية من خلال السماح لمزيد من الشركات الصغيرة بالمشاركة، واليوم ينتشر استخدام تلك الروبوتات بشكل متزايد في القطاع العام انطلاقا من سعي الجهات الحكومية لتحسين الكفاءة وخدمات العملاء، حتى ربما لم يعد هناك شخص لم يتعامل معها. 

ولم تأت هذه التحولات بين عشية وضحاها، ولكنها وليدة تراكمات تعود إلى ما قبل العام 2020، حينما حددت الوزارة وظائف يمكن تحسينها من خلال الأتمتة، شملت حساب المدفوعات (الحسابات الدائنة)، وكشوف المرتبات والمعاشات التقاعدية، والمحاسبة المالية، وعمليات تكنولوجيا المعلومات، وخدمات الويب ومراقبة الأجهزة، وهي مهام لطالما تم تنفيذها يدويا مع ما يرافق ذلك من ضغوط على الموظفين واحتمالات ارتكاب أخطاء ما يؤثر على مستوى تقديم الخدمات، بينما ومع التنفيذ الآلي بواسطة الروبوتات،يتم إنجازها بكفاءة ودقة أكبر، ما يمنح الموظفين مزيدًا من الوقت لتنفيذ مهام أكثر أهمية للمؤسسة، والحافز للاستمرار بالتطور وتحسين العمل.

وأتبع عملية تحديد الوظائف القابلة للأتمتة، قيام وزارة المالية بتصميم واختبار الروبوتات، وتحديد أماكن نشرها لتحقيق أقصى قدر من التأثير، ومن ثم تنفيذ النظام الجديد الذي عملت الوزارة على تنفيذه بشكل وثيق مع أحد الشركاء لإيجاد جميع الروبوتات التي تجاوز عددها الخمسين بحلول عام 2022، ونجحت من خلالها بتوفير 12000 ساعة عمل في عام 2023 لوحده، والذي شهد أتمتة وزارة المالية لـ 63 عملية وعملية فرعية، نتج عنها انخفاض بنسبة 95٪ في الأخطاء وبنسبة 65% في متوسط وقت المعالجة، ومن المتوقع أن تؤدي المرحلة الثالثة من تقنية RPA إلى رفع إجمالي العمليات الآلية والعمليات الفرعية إلى أكثر من 100، بالإضافة إلى تقليل متوسط وقت المعالجة بنسبة 10% إضافية، مع تقليل الأخطاء عبر جميع العمليات التي تتم معالجتها بواسطة الروبوتات بنسبة 98%.

وتنبع أهمية تبني وزارة المالية لهذه التقنيات في إدارة عملياتها الداخلية، من حجم مسؤولياتها التي تنعكس مخرجاتها على مجمل التنمية الاقتصادية للدولة، وبالتالي فإن خلق ثقافة تدعم الابتكار يزيد كفاءة إدارة العمليات، وينعكس على جميع القطاعات الاقتصادية وعلى تحقيق الأولويات الوطنية لدولة الإمارات التي اعتمدت رؤية «نحن الإمارات 2031»، ومع الهدف الرئيسي لاستراتيجية الحكومة الرقمية لدولة الإمارات 2025، المتمثل في خلق التزام حكومي واسع عبر كافة القطاعات لتضمين الجوانب الرقمية في كافة الاستراتيجيات الحكومية، وقد أدركت وزارة المالية كغيرها من الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية، أهمية تنفيذ أتمتة العمليات، فجعلتها جزءا أساسيا ضمن الخطة الاستراتيجية لوزارة المالية 2023-2026، وهي خارطة طريق للارتقاء بالعمل الحكومي من خلال التمكين المالي، والاستدامة، والابتكار، واستشراف المستقبل، ودعم الريادة المالية والتنمية المستدامة للدولة.