أكدت فعاليات مالية واقتصادية أن الإمارات تمكنت من تحقيق نجاح كبير من خلال العديد من الاكتتابات العامة الأولية رفيعة المستوى، حيث ساعدت الطروحات المميزة في استقطاب العديد من المستثمرين من الأفراد والمؤسسات والصناديق ورسخت الإمارات ودبي وجهة للمستثمرين من أنحاء العالم.
وأكد محللون وخبراء الأوراق المالية أن استقطاب الاكتتابات العامة تريليون درهم منذ 2021 يمثل علامة بارزة في أسواق رأس المال في الدولة، الأمر الذي يعكس الثقة المتزايدة في اقتصاد الدولة وقدرتها الفريدة على الحوكمة، كما تبرز كقصة نجاح وملاذ آمن ينبض بالأمل والاستقرار، لافتين إلى أن الاكتتابات العامة تشكل الطريق المفضل لزيادة رأس المال أو الخروج بتقييمات جذابة للشركات المدرجة.
وأوضحوا أن انتعاش أسواق الاكتتابات في الإمارات بمثابة شهادة ثقة عالمية في قوة الاقتصاد وقدرته على النمو المستدام.
ثقة متزايدة
وقالت رولا أبو منة، الرئيس التنفيذي، ستاندرد تشارترد، الإمارات، في تصريحات لـ«البيان»: «نحتفي اليوم بإنجاز استثنائي في الأسواق المالية، الأمر الذي يشكل شهادة على رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فقد ارتفعت أسواق رأس المال إلى ذروة غير مسبوقة، لتستقطب اكتتابات عامة تجاوزت قيمتها تريليون درهم منذ 2021، يمثل هذا الإنجاز علامة بارزة في أسواق رأس المال في الدولة، ما يعكس الثقة المتزايدة في اقتصاد الدولة وقدرتها الفريدة على الحوكمة.
وأضافت أنه مع حالة عدم اليقين التي يشهدها الاقتصاد العالمي والتقلبات والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، يظهر اقتصاد الإمارات، التي نجحت في تعزيز مكانتها الرائدة كمركز توصيل فائق لمراكز التجارة العالمية، ما يجعلها مكاناً مثالياً لإجراء الأعمال.
وتابعت أن هذا التموضع الفريد ساعد بشكل كبير في جعل الاقتصاد الإماراتي مغرياً لمجموعات المستثمرين المتنوعة من أنحاء العالم، الأمر الذي يسهم في تعزيز الثقة في قوة الاقتصاد وقدرته على الصمود المستدام.
وذكرت رولا أبو منة أن قصة نجاح الإمارات تعد مصدر إلهام وشهادة على الإمكانات اللامحدودة التي يمكن تحقيقها من خلال القيادة الرشيدة والالتزام الثابت بالتميز، لتستمر بذلك الإمارات في تحديد معايير أسواق رأس المال في المنطقة، وتوفير بيئة آمنة ومربحة للاستثمارات.
استمرار النشاط
وقال علي أنور، المدير العام رئيس الممارسات في الشرق الأوسط لدى شركة ألفاريز آند مارسال: «أحد الموضوعات الاستثمارية الشاملة في الإمارات هو رغبة الحكومة في جذب رؤوس الأموال الدولية والإقليمية إلى البلاد، وتتمثل إحدى طرق تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي في إتاحة الفرص للمستثمرين الدوليين والإقليميين للوصول إلى أسواق الأوراق المالية السائلة والمنظمة بشكل صارم».
وأضاف أن هذا يتطلب زيادة كبيرة في حجم البورصات المحلية، ومن ثم تعمل الإمارات وحكومات المنطقة على تشجيع الشركات المرتبطة بالدولة وشركات القطاع الخاص على الإدراج في البورصات الإقليمية.
وتابع: «كما تنظر الشركات الإقليمية بشكل متزايد إلى الاكتتابات العامة الأولية باعتبارها خياراً جذاباً لزيادة رأس المال لدعم النمو، كما تنظر الشركات العائلية القديمة أيضاً إلى الاكتتابات العامة الأولية باعتبارها طريقاً جذاباً محتملاً للتخارج كجزء من التخطيط للخلافة، نتوقع أن يظل نشاط الاكتتاب العام قوياً 2024».
وأشار علي أنور، إلى أن مساهمي الشركات الإقليمية يرون بشكل متزايد أن الاكتتابات العامة هي الطريق المفضل لزيادة رأس المال أو الخروج بتقييمات جذابة يشجعها ارتفاع عدد المستثمرين الدوليين والإقليميين الذين يخصصون المزيد من رأس المال للاستثمار في الإمارات وأسواق الأسهم في دول التعاون على نطاق أوسع.
عمق السوق
وقال عميد كنعان، مدير أول - ضمان للأوراق المالية، إن الرؤية الاستراتيجية التي تم رسمها للأسواق المالية في دبي نرى أثرها على أرض الواقع من خلال مؤشرات السوق الإيجابية، وكذلك من خلال الأداء المميز في 2023، الذي كاد يكون الأفضل في الأسواق العربية مع نمو المؤشر 20%.
وأضاف: «نرى اليوم نتائج الاكتتابات وحجم التغطية من اكتتاب إلى آخر، ما يدل على الثقة الكبيرة في أداء الشركات المدرجة، التي كانت خدمية في بعضها ومنتقاة في حين آخر، وكأننا ندعو العالم للشراكة معنا في دبي من خلال مؤسساتها، مثل ديوا وسالك وباركن، والعديد من الشركات المهمة، التي تعد أصولاً لإمارة دبي، وحلم كل شخص ومستثمر أن يسهم في هذه الأصول».
وأضاف عميد كنعان: «اليوم رأينا إقبالاً كبيراً من قبل المستثمرين المحليين والعرب والأجانب، وهو بمثابة إعادة تأكيد على حجم الثقة في الأداء الاقتصادي للإمارات ودبي، واستمرارية الرؤية الثاقبة لحكومتها، دبي اليوم على خريطة العالم الاقتصادي شئنا أم أبينا، ولا سيما مع تبنيها خطة استراتيجية شاملة للنهوض بأسواق المال، التي جاءت في وقتها، والأسواق كانت بحاجة لمثل هذه الحركة».
وأوضح: «ورأينا الاستجابة من القاصي والداني من المؤشرات المالية العالمية والشركات الكبرى والصناديق العالمية الكبرى، وفي مقدمتها صندوق الاستثمار النرويجي».
وتابع: «مما يعكس الثقة الكبيرة في الاقتصاد والنمو ومستقبل دبي، اليوم أهم ما يميز الاكتتابات الجديدة النوعية، اليوم نرى تنوعاً في الاكتتابات وحجمها، فالاكتتابات الخدمية زادت من عمق السوق المالي وزادت من الخيارات المتاحة، بالأمس كان القطاع العقار هو المتحكم، ولكن اليوم القطاعات الأخرى موجودة بقوة.
وأضاف أن ذلك رافق العديد من القوانين والأنظمة التي تم تبنيها خلال السنوات الماضية، مثل ميزات الإقامة الذهبية ومبادرات جذب الكوادر والمواهب والمهارات واستقطابها.
مركز عالمي
وقال جورج خوري، الخبير في أسواق المال والمدير العالمي لقسم الأبحاث والتعليم لدى CFI، إن دولة الإمارات تمكنت من تحقيق نجاح كبير من خلال العديد من الاكتتابات العامة الأولية رفيعة المستوى، ما ساعد على تعزيز الاهتمام بسوق الأوراق المالية والدولة ككل بوصفها وجهة للاستثمارات.
وأضاف أن المستثمرين المحليين والدوليين سعوا إلى المشاركة في هذه الاكتتابات العامة نظراً للجودة العالية للشركات المحلية التي يتم طرحها والجهود التي تبذلها الدولة لتطوير الاقتصاد وتعزيز مكانتها مركزاً مالياً واقتصادياً عالمياً. ونتيجة لذلك، تجاوزت طلبات المستثمرين عدد الأسهم المتاحة عدة مرات في معظم الاكتتابات العامة، ما يشير إلى جاذبية الإمارات وشركاتها.
وقال طارق قاقيش، المحلل المالي وخبير أسواق المال، إن من أهم مزايا حكومة الإمارات هو سرعة التأقلم مع التفاعلات الخارجية بسرعه وأخذ قرارات سباقة في جميع المجالات، وبذلك تتقدم عن الدول المتقدمة نتيجة البيروقراطية المتخمرة في أنظمتها، وتكون الإمارات السباقة.