يستعد الأفراد ذوو الثروات العالية حول العالم لإنفاق 4.4 مليارات دولار (16.1 مليار درهم) على العقارات السكنية في دبي خلال 2024، وذلك وفقاً للتقرير الصادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية، نايت فرانك.
أجرت نايت فرانك استطلاعاً لآراء 317 شخصاً من الأثرياء - 217 شخصاً من جميع أنحاء العالم و100 مقيم في دول مجلس التعاون الخليجي من ذوي الثروات العالية - لفهم مواقفهم ورغباتهم وتطلعاتهم فيما يتعلق بالاستثمار في العقارات في دبي.
وبشكل جماعي، يبلغ صافي ثروة المشاركين في الاستطلاع من ذوي الثروات العالية 5.4 مليارات دولار (ما يقارب 20 مليار درهم) ويمتلكون 1,147 منزلاً حول العالم.
وأشار التقرير إلى أن نسبة إقبال الأثرياء على شراء عقار سكني في دبي هذا العام تبلغ 73 %، مقارنة بنسبة 67 % العام الماضي، مما يؤكد المكانة المتزايدة لدبي في أذهان أثرياء العالم لشراء العقارات.
وقال فيصل دوراني، الشريك – رئيس قسم الأبحاث في نايت فرانك، منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: تظل دبي الوجهة المفضلة لمجتمع الأثرياء العالمي.
ولم تكتفِ الإمارة بتعزيز مكانتها باعتبارها السوق الأكثر نشاطاً بمبيعات المنازل التي تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار على مستوى العالم فحسب، بل بات الأثرياء يتطلعون إلى عيش «أسلوب الحياة في دبي» والاستثمار في العقارات ذات القيم العليا في الإمارة.
وأفضل دليل على ذلك هو أن رغبة الأفراد ذوي الثروات العالية في امتلاك منزل في الإمارة تتضاعف من 28 % لأولئك الذين تبلغ ثروتهم الصافية 2 - 5 ملايين دولار إلى 78 % للذين تزيد ثروتهم الصافية على 15 مليون دولار (55 مليون درهم).
وأضاف: هذا القطاع من السوق هو الذي يتحكم بالفعل بسلوك الأسعار عبر السوق. ففي العام الماضي، اقترب إجمالي حجم المعاملات السكنية من رقم قياسي بلغ 120.000 صفقة، بقيمة تقدر بنحو 95 مليار دولار، ومع ذلك، لم تشكل مبيعات المنازل التي تزيد على 10 ملايين دولار سوى 8 % من هذا الرقم من حيث القيمة الإجمالية للمبيعات. ما هو استثنائي بالفعل هو متوسط الميزانية للأفراد ذوي الثروات العالية الذين يفكرون في شراء عقار في دبي.
حيث إن 25 % منهم مستعدون لإنفاق ما بين 60 - 80 مليون دولار (220 - 300 مليون درهم) على منزل في الإمارة، بينما يود 16 % إنفاق أكثر من 300 مليون درهم. وفي الوقت نفسه، يبلغ متوسط الميزانية لهذه المجموعة الحصرية 58.5 مليون دولار (215 مليون درهم).
وأكدت نايت فرانك، أنّ ازدهار دبي جاء نتيجة تحويلها إلى مركز تجاري عالمي خلال الخمسين عاماً الماضية. وقد أسهمت هذه الخطوة، جنباً إلى جنب مع الاستثمارات في البنية التحتية والتركيز على الحياة الاجتماعية، في تحسين مستوى المعيشة بشكل مستمر وتحقيق معدلات استثنائية في السلامة العامة.
ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل تُعتبر دبي أيضاً واحدة من أكثر المدن اتصالاً في العالم، حيث يمكن الوصول إليها ضمن مدى زمني يصل إلى ثمان ساعات جوية من أي دولة في الشرق الأوسط، وست ساعات جوية من المدن الرئيسية في شبه القارة الهندية وأفريقيا.
بصفة عامة، تُعدُ جودة البنية التحتية عالية في الإمارة العامل الرئيسي الذي يجعل دبي مقصداً جاذباً للاستثمار في العقارات، وفقاً لـ 317 من الأثرياء الذين شاركوا بالاستطلاع. حلت جودة البنية التحتية في دولة الإمارات في المرتبة الرابعة عالمياً في تقرير التنافسية لعام 2023 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس/دبليو إي أف)، والذي نُشر يناير الماضي.
وتُعتبر مكانة دبي كوجهة سياحية عالمية ثاني أكبر اعتبار بالنسبة للأثرياء. إذ شهدت هذه الإمارة صعوداً سريعاً منذ أن كانت قرية صيد صغيرة في بدايات القرن الثامن عشر، لتصبح ثالث أكثر المدن زيارة في العالم، حيث بلغ عدد زوارها 17.1 مليون في عام 2023. (بعد لندن التي بلغ عدد زوارها 18.8 مليون زائر وإسطنبول التي استقبلت 20.2 مليون سائح).
مجتمعات الوجهة
تطور سوق العقارات السكنية في دبي بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين، ما أدى إلى ظهور «مجتمعات الوجهة»، والتي تقدم كل منها عروضاً فريدة وعوامل جذب، مصممة لتلبية احتياجات مجتمع المغتربين الدوليين في الإمارة.
بالرغم من أن العديد من المرافق مثل المدارس ومراكز التسوق والعيادات والمرافق الرياضية أصبحت الآن أموراً أساسية، إلا أن هناك زيادة في الطلب على المنازل التي تتمتع بإمكانية الوصول إلى المساحات الخضراء أو الحدائق.
وقال شهزاد جمال، الشريك - قسم الاستراتيجيات والاستشارات في نايت فرانك، منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا: «مرة أخرى، تبرز إمكانية الوصول إلى المساحات الخضراء أو المتنزهات كمعيار أساسي بالنسبة للأثرياء الذين يتطلعون لشراء عقار في دبي. فبالفعل يعتبر 88 % من الأثرياء هذا الأمر عائقاً محتملاً للصفقات عند تقييم خيارات العقارات في الإمارة.
ويتجلى التركيز العالمي المتزايد على الرفاهية الشخصية أيضاً في رغبة الأثرياء في التواجد على مقربة من مراكز الرعاية الصحية مثل العيادات أو المستشفيات، مما يعتبر ثاني أهم معيار لاختيار العقارات. وباعتبار الوصول إلى الشاطئ ثالث أبرز معايير الاختيار ليست بالشيء المفاجئ، فإن دبي تُعتبر وجهةً لمحبي الحياة على الشواطئ.
ومن الطبيعي أيضاً أن تتقاطع رغبة الوصول إلى المساحات الخضراء مع رغبة العيش بالقرب من البحر. ومع وجود 368 منزلاً فقط بالمناطق الرئيسية في دبي، فإن العرض يقل كثيرا عن مستويات الطلب الحالية، مما يعزز ارتفاعات كبيرة في الأسعار عند القمة من الطيف العقاري».