الارتفاع إلى خمس مؤشر الأسهم العالمية يشكل مأزقاً لمديري الصناديق القلقين من ارتفاع التقييمات الهندية.
تقترب الهند من اللحاق بمكانة الصين باعتبارها أكبر دولة في المؤشر القياسي للأسواق الناشئة، ما يسلط الضوء على مأزق يواجه المستثمرين العالميين الذين أصبحوا منكشفين بصورة متزايدة على سوق الأسهم الهندية المتقدة ولكن المكلفة.
ودفع ارتفاع أسعار الأسهم ومبيعاتها ونمو أرباح الشركات الهندية، البلاد إلى أن تشكل نحو خُمس مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة، فيما تراجعت حصة الصين إلى الربع بعدما كانت تشكل أكثر من 40% في 2020.
ويقول مستثمرون إن مراجعة مؤشر «إم إس سي آي» المقرر إجراؤها الشهر المقبل، قد ترفع حصة الهند بالمؤشر إلى أكثر من 20%، متجاوزة تايوان، ما يضع وزنها على المؤشر خلف الصين مباشرة.
وأصبحت الفجوة الآخذة في التضاؤل واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه المستثمرين في الأسواق الناشئة هذا العام، مع تفكيرهم فيما إن كانوا سيضخون رؤوس أموال في السوق الهندية الساخنة فعلاً، أم في الأسهم الصينية الرخيصة نسبياً لكنها تأثرت بالتباطؤ الاقتصادي.
وقال فارون لايجاوالا، مدير محفظة الأسواق الناشئة لدى شركة «ناينتي وان» لإدارة الأصول: «إن نوعي الصفقات المتفق عليهما في الأسواق الناشئة اليوم هما الشراء في الهند والبيع على المكشوف في الصين»، وتابع: «إن فرق التقييم بين هاتين السوقين واسع كما كان دائماً». ويتم تداول الأسهم الهندية عند 24 ضعف الأرباح المُتوقعة في العام المقبل، فيما تتداول الأسهم الصينية عند 10 أضعاف فقط.
وقد سلط هذا التحول الضوء أيضاً على قوة المؤشرات في الأسواق الناشئة، سواء من خلال توجيه مليارات الدولارات من التدفقات السلبية التي تتبع المؤشرات أو من خلال دفع المديرين النشطين إلى معايرة انكشافهم مقارنة بمقاييس معيارية راسخة.
وقال كونجال غالا، رئيس قسم الأسواق الناشئة العالمية لدى «فيدريتد هيرميس»: «شكلت الهند ما يتراوح بين 6% و7% من المؤشر قبل 10 أو 11 عاماً. واليوم، تقترب الهند من 20%».
وفي ضوء ارتفاع القيمة النسبية للأسهم الهندية بالفعل، فإن تحول المؤشر «يشكل معضلة مثيرة للاهتمام بالنسبة للمستثمرين على المدى الطويل مثلنا، أو المستثمرين الأكثر تركيزاً على تقييمات هامش الأمان».
وبحسب غالا: «نحن لا نولي الهند اهتماماً كبيراً في الوقت الحالي، ليس لأننا لا نحب الهند كدولة»، وإنما بسبب ذلك التركيز على هامش الأمان، أو محاولة شراء الأسهم بأسعار أقل كثيراً مقارنة بقيمتها الحقيقية.
وشكلت التدفقات المحلية إلى صناديق الأسهم عاملاً حاسماً. وسجل متوسط التدفقات المحلية الصافية السنوية إلى الأسهم 12 مليار دولار بين 2016 و2020. وتضخمت هذه التدفقات السنوية بين عامي 2021 و2023 إلى 29 مليار دولار، بحسب لايجاوالا.
ورغم التشكك إزاء استدامة هذه التدفقات والتقييمات، لكن جزءاً من معضلة المستثمرين هو أن تفويت الاستثمار في الأسهم الهندية كان مكلفاً للغاية.
وكانت الهند واحدة من أفضل الأسواق أداء على مستوى العالم قياساً بالعملة المحلية، وسايرت الأسهم الأمريكية في الأداء قياساً بالعملة الخضراء في العقود الأخيرة.
كما أنها كانت الهند أفضل الأسواق العالمية من حيث الأسهم التي ارتفعت بما لا يقل عن 10 أضعاف، وفقاً لفيكاس بيرشاد، مدير المحفظة لدى «إم آند جي إنفستمنتس».
وقال بيرشاد: «إن واحداً من أقل المؤشرات المالية أهمية بأي مكان، خاصة في الهند، هو مكرر ربحية السهم الآجل لعام واحد»، موضحاً: «ولهذا، فوّت المستثمرون طيلة 20 عاماً العوائد التي تدرها الأسهم الهندية».
واستناداً إلى بيانات «بلومبرغ»، فإن تقديرات الأرباح الآجلة للسهم الواحد للشركات الهندية المدرجة في مؤشر «إم إس سي آي» للأسواق الناشئة تتراوح من 13 إلى 17% للعامين الجاري والمقبل، مثل الأسواق الناشئة الأخرى.
وفي حين ترتفع أرباح الشركات الهندية، إلا أن وتيرة التصاعد ليست أسرع من الأسواق الناشئة الأخرى. ويرى سونيل تيرومالاي، الخبير الاستراتيجي في الأسواق الناشئة العالمية لدى «يو بي إس»، أن «نمو الأرباح في الهند عادي في حقيقة الأمر».
لكن وبينما تراجعت تقييمات الشركات الصينية في العامين الأخيرين، إلا أن الهند سلكت مساراً مغايراً، مدفوعة جزئياً في ذلك بطفرة في استثمارات الأفراد.
وتضخ الكثير من الأسر الهندية أموالها في الأسهم المحلية لتعويض ما ينظر إليها على أنها أسعار فائدة منخفضة، التي تعادل التضخم الرسمي في أفضل الحالات.
وكان الشراء المحلي، الذي يتم غالباً عن طريق التحويلات الشهرية الآلية إلى الصناديق التي تديرها بنوك ضخمة مثل «آي سي آي سي آي»، قادراً على مقاومة تحول المؤسسات الأجنبية بعيداً عن الهند. ووفقاً لتيرومالاي، فإن «حيازة الأجانب للأسهم انخفضت إلى أدنى مستوى لها منذ 11 عاماً».
«وعلى أساس إجمالي، ما زال المستثمرون العالميون يخفضون وزن الأصول الهندية في محافظهم»، ما يعود جزئياً إلى التقييمات، وفقاً لفيفيان لين ثارستون، مديرة محفظة لدى «ويليام بلير إنفستمنت مانجمنت».
وأضافت: «ومع ازدياد وزن الهند في المحافظ، تزداد الصعوبة التي تواجه المستثمرين العالميين في إيجاد أسهم ذات قيمة جذابة في الهند، وإلا فسيكونون بحاجة إلى إعادة النظر في معايير التقييم خاصتهم».
وبعد توسع الشركات المدرجة في البر الرئيسي في 2019، حلّق وزن الصين في المؤشر بالعام التالي. رغم ذلك، ما زالت الأسهم المدرجة في البر الرئيسي غير مشمولة بالكامل.
وقالت جيتانيا كندهاري، المديرة الإدارية لفريق أسهم الأسواق الناشئة لدى «مورغان ستانلي إنفستمنت مانجمنت»: «قياساً بالحالات التاريخية، تميل البلدان إلى التراجع عن قممها ما إن يبلغ وزن البلاد 25% من مؤشر إم إس سي آي للأسواق الناشئة».