الإمارات تستثمر 2.3 مليار دولار لربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الأردن

ت + ت - الحجم الطبيعي

وقعت وزارتا الاستثمار في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية مذكرة استثمار بهدف وضع إطار للتعاون في قطاع السكك الحديدية، حيث تسهم المذكرة في تعزيز القدرات وتسهيل تبادل المهارات والمعرفة والخبرات التقنية بين البلدين.

وفي إطار التعاون بين الوزارتين، قامت "الاتحاد للقطارات"، المطور والمشغل لشبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية، بتوقيع اتفاقية مع وزارة النقل الأردنية لتسهيل تنفيذ مشاريع السكك الحديدية في الأردن بهدف بناء وتطوير وتشغيل شبكة سكك حديدية أردنية تمتد على مسافة 360 كيلومترا لتربط مناجم الفوسفات والبوتاس بميناء العقبة الأردني.

كما قامت الشركة بتوقيع مذكرتين تفاهم إضافيتين مع شركة مناجم الفوسفات الأردنية وشركة البوتاس العربية، لنقل 16 مليون طن سنوياً من الفوسفات والبوتاس من مواقع المناجم، إلى ميناء العقبة عبر شبكة السكك الحديدية الأردنية.

ويهدف هذا الربط الإستراتيجي إلى إحداث نقلة نوعية في شحن المعادن الضرورية، والارتقاء بالقدرة على التصدير وكفاءة الخدمات اللوجستية، الأمر الذي من شأنه توفير فرص عمل جديدة في مجالات النقل والتعدين والقطاعات المرتبطة بهما ورفد التنمية الاقتصادية الشاملة في المملكة. وبموجب مذكرة الاستثمار بين الوزارتين سيتم تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية، إضافة إلى تصنيع وتوريد أسطول قطارات الشبكة المصممة وفق أرقى المعايير العالمية.

وستشمل أيضاً، إنشاء محطات تحميل وتفريغ لمختلف المنتجات المعدنية في مدينة العقبة، ومنطقتي غور الصافي والشيدية، بما يسهل عمليات شحن المعادن بكفاءة، ويعزز سلاسة وكفاءة العمليات اللوجستية والتصدير. بالإضافة إلى ذلك، سيشمل المشروع أعمال صيانة وإصلاح وتشغيل شبكة السكك الحديدية.

وبهذه المناسبة، قال معالي محمد حسن السويدي، وزير الاستثمار: " تعكس المذكرة الاستثمارية مع المملكة الأردنية الهاشمية، التزامنا بتسخير جهودنا المشتركة والثنائية لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز المرونة والتنوع الاقتصادي في البلدين الشقيقين، ومن خلال الارتقاء بآفاق التعاون، والقدرات، وتبادل الخبرات التقنية، نهدف إلى مد جسور اقتصادية واستثمارية جديدة، تدعم تطور البنية التحتية، وتخلق فرص واعدة في إطار رؤيتنا لتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة".

وأضاف معاليه: " يواكب هذا التعاون نهجنا الإستراتيجي نحو بناء شبكة سكك حديدية ديناميكية ومبتكرة وفق أعلى المعايير العالمية، بحيث تمهد الطريق نحو تقدم وازدهار المنطقة في المستقبل".

من جانبه، أكد رئيس الوزراء في المملكة الأردنية الهاشمية الدكتور بشر الخصاونة خلال حضوره مراسم توقيع الاتِّفاقيَّات، بحضور معالي محمد حسن السويدي، وزير الاستثمار أن هذا المشروع الاستثماري الإستراتيجي المهم يعكس عُمق العلاقات الأخويَّة التي تجمع البلدين الشَّقيقين، والتي تحظى برعاية واهتمام قيادتي البلدين الشقيقين .

وقال الخصاونة: " وقّعنا اليوم على وثائق استثمار إماراتي بقيمة 2.3 مليار دولار لربط ميناء العقبة بمناطق التعدين في الشيدية وغور الصافي، مشيراً إلى أن هذه الوثائق هي وحزمة المشاريع الاستثمارية المستهدفة تأتي في سياق مذكرة تفاهم واتِّفاق وحزمة مشاريع استثمارية وقَّعها الأردن مع الجانب الإماراتي في عام 2023 وتصل هذه الحُزمة الاستثماريَّة إلى حوالي 5.5 مليار دولار.

وأضاف: “سعداء دائماً بالشراكة الإستراتيجية الممتدَّة والعلاقات الأخويَّة التي تربط الأردن والإمارات والتي تتفيَّأ ظلال العلاقة الأخويَّة الوثيقة التي تجمع قيادتي البلدين موكِّداً أنَّ التَّوقيع على هذه الوثائق يأتي تجسيداً للعلاقات الأخوية والإستراتيجيَّة، وبما يعود بالمنفعة المشتركة على الجانبين”.

وأشار إلى أنَّ الوثائق التي تمَّ توقيعها تشكِّل إطاراً تعاونيَّاً متكاملاً في قطاع السكك الحديدية، وستسهم في نقل الخبرات التقنية والمهارات في مجالات إِنشاء السكك الحديدية وتشغيلها.

ولفت رئيس الوزراء إلى أن هذا المشروع يحتاج خمس سنوات ليبدأ التشغيل الفعلي لسكّة الحديد، أي في عام 2030؛ إذْ سيتّم خلال العام الحالي 2024م وحتى نهاية عام 2025م استكمال إجراء الدراسات التفصيلية المطلوبة حول مسارات السكة ومتطلبات المناولة للبوتاس والفوسفات، والمستهدف أن تطرح عطاءات التنفيذ للأعمال الإنشائية في مطلع 2026م.

وأوضح أنَّ إنشاء هذه السكَّة سيتيح لنا زيادة معتبرة في قدراتنا اللوجستية والتصديرية بحجم يبدأ بـ 16 مليون طن من منتجات الفوسفات والبوتاس، مشيرا إلى أنَّ هذا المشروع الحيوي بالنسبة للمملكة سيربط أهم مواقع التعدين بالميناء الصناعي وميناء الفوسفات إلى وادي اليتم في العقبة، إلى جانب تحسين الكفاءة اللوجستية والتصديرية، بما يسهم في توفير فرص عمل جديدة في مختلف المجالات اللوجستيَّة وقطاعات التَّعدين والسكك الحديدية وغيرها من القطاعات المرتبطة بها.

ولفت الخصاونة إلى أنَّ مسار سكَّة الحديد سيبدأ من ميناء الفوسفات والميناء الصناعي في العقبة إلى وادي اليتم شمالاً إلى الشيدية، ومسار آخر من وادي اليتم غرباً إلى غور الصافي عبر وادي عربة، لافتاً إلى أنَّ هذا المشروع سينفَّذ تحت مظلَّة قانون صندوق الاستثمار الأردني وسيستغرق تنفيذه 5 سنوات.

وتقدَّم رئيس الوزراء بالشُّكر إلى شركتيّ الفوسفات والبوتاس الأردنيتين على ما أبدياه من تفاعل بنَّاء خلال فترة التفاوض على هذا المشروع، وأشاد كذلك بالتعاون الذي أبدته شركة الاتِّحاد للقطارات الإماراتيَّة.

كما قدَّم الشُّكر للأشقَّاء من الجانب الإماراتي على اهتمامهم في البيئة الاستثمارية في الأردن بشكل عام وفي قطاع النقل والسكك الحديدية بشكل خاص، والتي تضاف إلى العديد من الاستثمارات الإماراتية القائمة والتي سيرى قسم منها النُّور قريباً في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.

ولفت رئيس الوزراء إلى أنَّه يجري الحديث مع الأشقَّاء الإماراتيين لإعادة التَّأسيس مرَّة أخرى لفكرة إنشاء الميناء البرِّي في معان، مشيراً إلى أنَّ الحديث بشكل واسع عن هذا المشروع ربَّما يكون مبكِّراً لكن مشروع سكَّة الحديد يضع لبنة للتأسيس لإعادة إنشاء الميناء البرِّي في معان بما يخدم الشَّبكة اللُّوجستيَّة وقطاع النَّقل في المملكة.

كما أعلن عن الاستمرار الدَّائم بالتعاون مع الأشقاء في الإمارات بما يعود بالنَّفع المشترك على البلدين الشَّقيقين وهما جسد واحد وعقل واحد ونستظلُّ بالعلاقة الإستراتيجيَّة والتَّاريخيَّة التي تجمع قيادتي البلدين والشَّعبين الشَّقيقين، والتي هي أنموذج للعلاقات الأخويَّة العربيَّة.

من جانبه قال سعادة شادي ملك، الرئيس التنفيذي لشركة "الاتحاد للقطارات" : “ تأتي الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي وقعتها الاتحاد للقطارات في إطار جهودنا المستمرة لتعزيز حضورنا في المنطقة والتي نعمل على تحقيقها بفضل دعم قيادتنا الرشيدة وتوجيهات سموّ الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة شركة الاتحاد للقطارات، إذ نتطلع من خلالها إلى نقل تجربتنا الناجحة في تطوير وتشغيل شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية إلى المملكة الأردنية الهاشمية، والمساهمة في جهودها الريادية في تطوير خدمات النقل بالسكك الحديدية وتعزيز نموها الاقتصادي، وذلك بما ينسجم مع العلاقات القوية والمتناغمة التي تربط بين البلدين لاسيما على صعيد تنفيذ المشاريع الاستثمارية المشتركة في قطاع النقل والبنية التحتية والذي يعد من القطاعات الحيوية البارزة التي تحظى باهتماماً واسعاً من قبل البلدين”.

ويمتاز مشروع شبكة السكك الحديدية الأردنية، الذي ستنفذه "الاتحاد للقطارات"، بالربط الإستراتيجي بين مناجم الفوسفات والبوتاس بميناء العقبة في المملكة، حيث يعد ميناء العقبة أحد الموانئ الرئيسية في منطقة البحر الأحمر كونه يتوسط كلا من أوروبا، وآسيا وأفريقيا.

ويلعب ميناء العقبة دوراً ريادياً في تنمية الاقتصاد الأردني إذ تمر من خلاله معظم الواردات والصادرات من وإلى المملكة الهاشمية، من بينها منتجات قطاع الصناعات التعدينية كالفوسفات والبوتاس الخام والتي تعد أهم الموارد الطبيعية ذات الوفرة العالية في الأردن.

ومنذ تأسيسها في دولة الإمارات، تولت "الاتحاد للقطارات" مهام بناء وتطوير وتشغيل شبكة السكك الحديدية الوطنية الإماراتية لنقل البضائع والركاب، والتي تعد جزءا من "مشاريع الخمسين" أكبر مشروع لترسيخ قوة الاتحاد للخمسين عاماً القادمة.

ومنذ العام 2016 تعمل الشركة على تشغيل مسار لنقل حبيبات الكبريت من مواقع الإنتاج في شاه وحبشان لنقاط التصدير من ميناء الرويس. وفي عام 2023 تم تدشين شبكة السكك الحديدية الوطنية بالكامل، وإطلاق العمليات التشغيلية لقطار البضائع على مستوى دولة الإمارات. كما تواصل "الاتحاد للقطارات" تطوير خدمات نقل الركاب ليتم تشغيلها على متن الشبكة ذاتها في المستقبل.

وحققت "الاتحاد للقطارات" نجاحاً لافتاً بشأن جهودها الرامية لتعزيز التعاون بينها وبين الدول المجاورة في قطاع النقل بالسكك الحديدية، وهو ما بدى واضحاً من خلال مشروع شبكة السكك الحديدية الإماراتية العُمانية" الذي تعمل على تنفيذه شركة "الاتحاد للقطارات"، و"قطارات عُمان" وشركة "مبادلة للاستثمار" من خلال الشركة المشتركة "حفيت للقطارات"، لتسهم الشبكة المشتركة، في ترسيخ مكانة الإمارات والسلطنة كمركزين لوجستيين في المنطقة وتعزيز دورهما كبوابتين للأسواق الإقليمية.

وتأتي مذكرة الاستثمار في أعقاب اتفاقية بقيمة 2 مليار دولار وقعتها دولة الإمارات مع الأردن عام 2023، والتي وضعت إطاراً للتعاون الاستثماري في مجالات رئيسية تشمل البنية التحتية والتنمية.

وتعتبر دولة الإمارات من أبرز المستثمرين الدوليين في المملكة الأردنية الهاشمية، حيث تقدر استثماراتها بنحو 22.5 مليار دولار في قطاعات رئيسية مختلفة ضمن الاقتصاد الأردني على مدى السنوات العشر الماضية.

Email