كشف استطلاع للرأي أجرته «البيان» وشمل الرؤساء التنفيذيين لـ11 شركة تطوير عقاري رئيسية، عن ثقة شركات التطوير العقاري باستدامة الطلب القوي على العقارات السكنية والتجارية في دبي، واستبعدوا أن يؤدي تدفق المزيد من الوحدات الجديدة إلى حدوث فائض من المعروض.
وأكد الرؤساء التنفيذيون، الذين استطلعت «البيان» آراءهم حول آفاق العرض والطلب في السوق العقاري على مدى الأشهر الـ18 المقبلة، أن مشاريع التطوير الجديدة التي تم طرحها في السوق جاءت لتلبية طلب حقيقي متنامٍ، من مستثمرين من داخل وخارج الدولة.
وأكد المشاركون في الاستطلاع أن قوة الأداء الاقتصادي للإمارة، وتنامي مكانتها كمركز عالمي للمال والأعمال والسياحة والخدمات، ووجهة مثالية للعمل والإقامة، وتدفق أعداد متنامية من أصحاب الثروات والمستثمرين ورواد الأعمال للإقامة فيها، كلها عوامل تدعم استمرار نمو الطلب على المديين القصير والمتوسط، خصوصاً في ظل التوقعات باستمرار تفوق الطلب على العرض.
توازن العرض والطلب
وقال عامر خانصاحب، الرئيس التنفيذي وعضو مجلس إدارة شركة الاتحاد العقارية، «مما لا شك فيه أن زيادة المعروض العقاري تعدّ من ضمن العوامل المؤثرة على حركة السوق، إلا أن السوق العقاري في إمارة دبي يتفرد بمرونته، ويتسم بقوة الطلب في ضوء مجموعة من العوامل، أهمها النمو السكاني وتنوع معروض السوق العقاري».
وأضاف خانصاحب «تصاعد تدفق الاستثمارات على دبي بفضل تنامي أهميتها كمركز مالي للأعمال وبنيتها التحتية المتقدمة واعتمادها سياسات وتسهيلات مُحفزة للاستثمار، وتبّنيها لأطر تشريعية مرنة واستراتيجيات تتسم باستدامتها وقدرتها على الاستجابة لأي تغيرات محتملة في السوق، وقد أسهم ذلك في تعزيز جاذبية الاستثمارات في القطاع العقاري بالإمارة، بما يسهم في الموازنة بين العرض والطلب».
العرض المتحكم فيه
وقال محمد بن غاطي، رئيس مجلس إدارة شركة بن غاطي للتطوير، «على الرغم من أن دبي شهدت طرح عدد كبير من مشاريع التطوير العقاري الجديدة على مدى العقد الماضي، فإن وتيرة المعروض الجديد يتم إدارتها بعناية، فقد أصبح المطورون الآن أكثر حذراً، ويركز العديد منهم على إكمال المشاريع القائمة قبل إطلاق مشاريع جديدة، ومن المتوقع أن يمنع هذا النهج المتحكم في العرض، إلى جانب الطلب المستمر الناجم عن تدفق الأثرياء والمستثمرين ورواد الأعمال والكفاءات إلى دبي، حدوث عرض مفرط يؤدي إلى تصحيح السوق».
التخطيط الاستراتيجي
وقال رضوان ساجان، مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة دانوب، «أستبعد اختلال ميزان العرض والطلب، خصوصاً أن دولة الإمارات تشهد نمواً سكانياً كبيراً، حيث ينتقل الكثيرون للإقامة فيها كل عام، ومن المتوقع أيضاً أن تتصاعد أعداد السياح، مما يعزز الطلب على العقارات في دبي والإمارات الأخرى».
وأضاف ساجان «لقد أثبت السوق باستمرار قدرته على استيعاب العرض الجديد، خصوصاً في المناطق ذات الطلب المرتفع والبنية التحتية المتطورة، بالإضافة إلى ذلك، فإن التخطيط الاستراتيجي المستمر من قبل المطورين والتوافق مع احتياجات السوق أمر بالغ الأهمية في التخفيف من مخاطر العرض الزائد وضمان النمو المتوازن».
استبعاد حدوث فائض
وقال ميلوش آنتيتش، نائب الرئيس وعضو في مجلس الإدارة في شركة دي إتش جي للعقارات، «تم التخطيط للعرض بشكل استراتيجي مع الأخذ في الاعتبار توقعات النمو السكاني القادم، والاتجاهات الاقتصادية الصاعدة، والطلب القوي عبر مختلف قطاعات العقارات، بما في ذلك طرح وحدات سكنية بأسعار معقولة وعقارات راقية».
وأكد آنتيتش أنه لا يتوقع حدوث فائض في العرض في إمارة دبي، نظراً لكونها باتت وجهة عالمية شهيرة.
الطلب يتجاوز المعروض
وتوقع مادهاف دهار، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشؤون العمليات في شركة زازين بروبرتيز، أن يحافظ سوق العقارات السكنية في دبي على مكانته كأحد أفضل الأسواق من حيث الأداء في العالم، وقال إن النقص في المعروض أسهم في ارتفاع أسعار الإيجار والبيع خلال الأعوام الأخيرة، ووفقاً لشركة سَفِلز، شهدت أسعار الإيجارات ارتفاعاً بنسبة أكثر من 12% خلال النصف الأول، بينما ارتفعت أسعار بيع العقارات السكنية بنسبة 21.3% خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وأضاف: «يتزامن إطلاق المطورين العقاريين لمشاريعهم مع وتيرة غير مسبوقة مع النمو المستمر لعدد السكان في الإمارة، مما يسهم في تجاوز حجم الطلب للمعروض من الوحدات السكنية، ويقدر بأن عدد السكان في دبي ارتفع بنسبة 2.3% بحلول منتصف العام الحالي متجاوزاً نسبة النمو البالغة 1.45% خلال الفترة نفسها من عام 2023».
وتابع دهار «على الرغم من إطلاق 77,800 وحدة سكنية جديدة منذ بداية العام، وهو ما يمثل أكبر عدد من الوحدات التي تم إطلاقها في دبي خلال سبعة أشهر، إلا أن الإمارة تحتاج إلى المزيد من المساكن لتلبية احتياجات سكانها الذين يتوقع أن يبلغ عددهم 5.5 ملايين شخص بحلول عام 2040 في حال استمرت وتيرة النمو الحالية في عدد السكان، ومع استمرار الوتيرة الحالية لإطلاق المشاريع، من المتوقع أن يصل إجمالي مستويات العرض لعام 2024 إلى أكثر من 107,000 وحدة، مما يجعل دبي إحدى الوجهات القليلة حول العالم التي تشهد إطلاق وحدات جديدة تتجاوز 100,000 وحدة سنوياً».
وذكر دهار «بناءً على ذلك، التركيز خلال الفترة المقبلة سيكون على إنشاء ما يكفي من المباني عالية الجودة التي تلتزم بالمعايير المستقبلية لدولة الإمارات، ويتوجه المطورون حالياً نحو التركيز على دمج التكنولوجيا والاستدامة في مشاريعهم لتلبية هذه المعايير، ومن الأمثلة على ذلك، شهدت منطقة الفرجان إنشاء أول مشروع سكني حاصل على شهادة ليد الذهبية، بالإضافة إلى وجود مشروع مستدام آخر قيد الإنشاء».
مواكبة الطلب
وقال عمران فاروق، الرئيس التنفيذي لشركة سمانا للتطوير العقاري، لا أرى أي فائض في العرض، وبدلاً من ذلك، لا يوجد ما يكفي من العرض لمواكبة الطلب غير العادي واستيعاب العدد المتزايد من سكان دبي.
وأضاف فاروق «أحد انعكاسات ارتفاع الطلب هو أن إنتاج البناء قد وصل إلى طاقته الكاملة، وفي بعض الأحيان يكون هناك نقص في مواد البناء».
تفادي زيادة المعروض
وقال محمد سنكري، رئيس مجلس إدارة شركة سنكري العقارية، على الرغم من استمرار وتيرة التطوير العمراني في دبي، لا أعتقد أن هناك مخاوف كبيرة من وجود فائض في العرض بالسوق العقاري بشكل عام، حيث إن الطلب المستمر والمتزايد على العقارات، سواء في قطاع العقارات المتوسطة أو القطاع الفاخر، يحافظ على استقرار ميزان العرض والطلب.
وأضاف سنكري «في قطاع العقارات الفاخرة على وجه الخصوص، لا يزال العرض أقل من الطلب، مما يعني أن السوق لا يواجه تحديات فيما يتعلق بفائض العرض، بالإضافة إلى ذلك يسهم تركيز المطورين في دبي على تقديم مشاريع عالية الجودة في المواقع الأكثر طلباً وإدارتها بحكمة، يساعد في الحفاظ على استقرار السوق وتفادي أي فائض كبير في العرض».
طلب دولي
وقال رافي مينون، الرئيس الشريك لمجلس إدارة مجموعة «شوبا»، إن دبي تتمتع بسوق عقاري مستقر ودائم النمو والازدهار، ولا توجد أي مخاوف بشأن زيادة مفرطة في المعروض من العقارات.
وأضاف «من المتوقع أن يتماشى النمو السكاني في دبي بشكل وثيق مع الاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية للإمارة، وتُبرز المبيعات القياسية للعقارات في عام 2023، التي وصلت إلى حوالي 193 مليار درهم، المكانة الرائدة لهذا السوق العقاري».
وتابع مينون «كما أن النمو السكاني، نتيجة نمط الحياة والفرص الاستثمارية التي تقدمها دبي، يواصل دفع نمو السوق العقاري وتعزيز استقرار الطلب والعرض، حيث تستمر دبي في جذب استثمارات عقارية قوية من دول عدة مثل الهند والصين والشرق الأوسط والدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية».
بيع المعروض
وقال أفزال حسين، المدير التنفيذي للعمليات في عزيزي للتطوير العقاري، إن السوق العقاري في دبي يتمتع بالمرونة والجاذبية المستدامة، والتي تسهم بشكل رئيس في تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وفي الوقت الذي تواصل فيه شركات التطوير العقاري في دبي طرح المزيد من المشاريع، نجد أن دبي تحافظ على وتيرة النمو والتوسع، مع وجود خطط كبيرة للبنية التحتية والتطوير، وتسهيل إجراءات الاستثمار، الأمر الذي يقود إلى طلب متزايد على العقارات في المستقبل بفضل المشاريع الجديدة، والتنوع السكاني، وزيادة عدد السياح والزوار.
وأضاف حسين: «في نهاية المطاف فإن الاستجابة للسوق تعتمد على كيفية تفاعل العرض والطلب وعلى مدى قدرة السوق على امتصاص الوحدات الجديدة دون تأثير على الأسعار، وهذا ما يبدو واضحاً في سوق الإمارة من خلال النتائج التي كشفت عنها أراضي دبي للربع الأول من العام، حيث سجّلت مبيعات عقارات دبي نمواً بنسبة 22.1% مقارنة بالربع الأول من عام 2023، ليعدّ بذلك أفضل ربع أول في تاريخ عقارات دبي، حيث بلغت المبيعات 108.7 مليارات درهم نتجت عن 36699 صفقة».
المبيعات على الخريطة
وقالت ديانا نيليبوفسكايا، الرئيس التنفيذي لشركة ميريد، «رغم مخاوف البعض من احتمال حدوث عرض زائد في قطاع العقارات ذات الأسعار المتوسطة، إلا أن سوق العقارات الفاخرة والمتميزة في دبي يظل قوياً جداً بفضل الطلب المرتفع والمستقر».
وأضافت «يبحث عملاء اليوم المتميزون عن عقارات سكنية بأعلى معايير الجودة وبتقنيات متقدمة، مما يجعل التكنولوجيا الذكية ميزة ضرورية في المنازل، إذ يحرص المطورون على تلبية ذلك من خلال إعطاء الأولوية للمخططات التي تشمل مشاريع متعددة الاستخدامات، وتضم مساحات سكنية وتجارية ومحلات تجزئة إلى جانب مناطق ترفيهية مستدامة وخضراء تركز على الصحة والراحة».
وأفادت نيليبوفسكايا «من المهم أن نشير هنا إلى أن سوق العقارات في دبي لا يتمحور حول الكمية فحسب، بل يرتبط ارتباطاً وثيقاً بوضع معايير جديدة للفخامة والتكنولوجيا والبنية التحتية المتطورة».
وتابعت «نجحت دبي في استقطاب آلاف المليونيرات والمليارديرات، مما أسهم بزيادة الطلب على المنازل الفاخرة والمساكن ذات العلامات التجارية المرموقة، على وجه الخصوص، وقد شهدت مبيعات العقارات على المخطط في هذا القطاع نمواً كبيراً، حيث شكلت المعاملات 60% من إجمالي قيمة الصفقات العقارية في يوليو 2024، وهو ارتفاع من 49% في العام السابق، مما يؤكد هذا الاستمرار جاذبية دبي لكل من المستثمرين والسياح».
توازن صحي
وقال بدر عبدالله السويدي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة نبني للتطوير العقاري، إن التنوع الاقتصادي المتنامي في دبي، وتواصل مشاريع تطوير البنية التحتية، مثل توسيع شبكة المترو، سيسهمان في تعزيز الطلب في سوق العقارات.
وأضاف السويدي بقوله «تعمل الحكومة على تنظيم تطوير العقارات لضمان وجود سوق متوازن يتماشى فيه العرض مع الطلب، حيث نلاحظ استقراراً في أسعار العقارات، مع تحقيق بعض القطاعات نمواً يعكس توازناً صحياً بين العرض والطلب، بعيداً عن الفائض أو الضغوط».