جهاريا (Jharia) وقرية بوكاباهاري (Bokapahari) المجاورة لها، في ولاية جهارخاند، تقع ضمن واحدة من أكبر احتياطيات الفحم في الهند. فحم الكوك هي مادة مهمة لاقتصاد الهند إذ أن أكثر من 70٪ من إمدادات الطاقة في البلاد تعتمد على الفحم. ولكن بالنسبة للـ90 ألف شخص الذين يعيشون في جهاريا والقرى المحيطة بها، فإن هذه الثروة الطبيعية جعلتهم يعيشون في جحيم دائم.
التعدين المتواصل والنيران الملتهبة تحت الأرض منذ قرن تقريبا تلوث كل شيء بما فيه التربة والمياه والهواء، كما أن انهيارات الأراضي تبتلع المباني والأشخاص معاً. ومن جهة أخرى فإن أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات المنبعثة من حرق الفحم سببت أمراضا خطيرة للسكان منها السكتة الدماغية ومرض الرئة المزمن. الجميع تقريبا في جهاريا مريض.
نيران الفحم تشتعل تلقائيا حتى عند درجة حرارة منخفضة عندما تتفاعل مع الأوكسجين. في جهاريا تتم العديد من عمليات التعدين بشكل غير قانوني في المناجم المكشوفة. هنا يتم استخراج الفحم بالقرب من المنازل، في الشوارع، وعلى خطوط السكك الحديدية، وفي المحطة نفسها. ومنذ تم تأميم مناجم الفحم في عام 1971، يكسب القرويون قوتهم اليومي عن طريق نهب الفحم وبيعه في السوق المحلية.
عادة في مناطق التعدين المهجورة يتم تعبئة السطح بالرمل والمياه، بحيث يمكن زراعة الأرض مرة أخرى. ولكن هذا لم يحدث أبدا في جهاريا، مما أدى إلى اشتعال النيران تلقائيا بسبب احتكاك طبقات الفحم بالأوكسجين. عندما تشتعل النيران تصبح جهود إطفائها عملية صعبة، وقد تبقى مشتعلة لعشرات ومئات السنين، وهذا يتوقف بالدرجة الأولى على توافر الفحم والأكسجين.
ظهرت الحرائق في جهاريا لأول مرة في عام 1916، بسبب الاستغناء بشكل غير صحيح عن المناجم المهجورة. منذ ذلك الحين، تشب حرائق هائلة تحت الأرض وأكثر من 70 حريقا على سطحها، تستهلك حوالي 41 مليون طن من فحم الكوك، قيمتها مليارات الدولارات، ناهيك عن كمية الغازات السامة الهائلة التي تنبعث في الهواء وتسبب الاحتباس الحراري.
تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 1.5 مليار طن من الفحم لا يمكن الوصول إليه بسبب النيران المشتعلة. ولذلك ستستمر جهاريا في الاحتراق إلى حين اتخاذ اجراءات فعالة لإطفائها وهذا ما لا تفكر فيه الحكومة اللامبالية.
الأهالي من جانبهم يوجهون أصابع الاتهام إلى شركة (بي سي إل إل) التي تعمدت ترك النيران مشتعلة لإجبار السكان على مغادرة القرية حتى تتمكن من استغلال فحم الكوك العالي الجودة الذي يقع تحت أراضيهم بهدف تحقيق أرباح تصل إلى 12 مليار دولار أمريكي.
في عام 1996، قدمت الحكومة برنامجا ضخما لنقل كافة سكان جهاريا والمناطق المحيطة المتضررة بالنيران للإقامة في بيلجهاريا على بعد 8 كلم، ولكن في هذه المدينة النائية، لا وجود للمدارس ولا مستشفيات ولا محلات ولا وظائف. وكل ما وعدت به الحكومة هو تعويض مالي بسيط قدره 10 آلاف روبية ما يعادل 167 دولار أمريكي، ولا عجب، أن هذا القرار رفضه الكثيرون وفضلوا البقاء في جهاريا على الرغم من الحرائق والدخان والتلوث.