يعد الذكاء الاصطناعي واحداً من أهم الموضوعات العلمية والتقنية القليلة، التي تهم كلاً من عامة الناس والحكومات على حد سواء.
ويكتسب هذا الموضوع أهمية وطنية وعالمية، نظراً لدوره في تسهيل حياة الإنسان – من جهة، وملامسته في الوقت ذاته، لجوانب حساسة من حياته، ويُعد «إكسبو 2020 دبي» بالمنصة الخلاقة، التي يمكنها بفضل مشاركة 191 دولة وملايين الزوار، أن تمد جسور التعاون، وتضع استراتيجيات مختلفة لتنفيذ مهمة إنشاء الذكاء الاصطناعي وتحليل مجالات تطبيقاته، و«تنفيذه» في الحياة اليومية.
ولم تؤد أحداث العام الماضي إلى إبطاء تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم، بل على العكس من ذلك، أعطت دفعة لهذا الاتجاه. إذ تتسابق الدول فيما بينها لتصبح الأكثر ريادة في مجال الذكاء الاصطناعي ونشر التكنولوجيا بكل طريقة ممكنة وفي كل قطاع.
دور بارز
وبرز دور الذكاء الاصطناعي جلياً كذلك في ظروف فيروس «كورونا» (كوفيد 19)، إذ تمكن من كشف درجة تلف الرئة، وتحسين جودة وسرعة التشخيص، وهي مسألة في غاية الأهمية لمكافحة الجائحة العالمية إذ إن اتخاذ قرار بشأن أساليب العلاج لا يجب أن يتجاوز ساعات معدودة.
وعموماً، تحسن مستوى الذكاء الاصطناعي بشكل لافت في السنوات الأخيرة، وبرزت أهميته في كافة المجالات كالإدارة والتصنيع والصحة والتعليم وتطوير الموارد البشرية والحفاظ على البيئة، وحتى الملكية الفكرية.
وكشفت دراسات دولية أن الذكاء الاصطناعي سيتمكن خلال نحو نصف قرن من التفوق على العقل البشري في أكثر من مجال ومهنة كالترجمة وقيادة السيارات وتأليف الكتب، وحتى إجراء العمليات الجراحية المعقدة.
في المقابل، يبرز سؤال حول الأبعاد الاقتصادية والنفسية والاجتماعية لدخول الذكاء الاصطناعي بقوة في ميدان إدارة الحياة البشرية، على ضوء مزاحمته للقوى العاملة البشرية، وإمكانية أن يؤدي إلى نقص الدخل أو حتى البطالة.
تطور متسارع
من هنا ينظر كثير من المختصين بازدواجية إلى تسارع التطور في هذا المجال. ويرى أستاذ الذكاء الاصطناعي أرتيوم غريغوريف، أن التكنولوجيا في العالم الحديث أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الإنسان وتؤثر على جميع مجالات الحياة وتجعلها أكثر سهولة.
ولكنه يشير إلى أن عملية التحديث والعصرنة وإدخال تقنيات الذكاء الصناعي يجب أن تسير جنباً إلى جنب مع المحافظة على اليد العاملة، عبر إيجاد أماكن عمل بديلة، ووضع خطط مستقبلية تقوم على الاستثمار في التدريب والتعليم وتأهيل العمالة لخوض مجالات عمل جديدة، بحيث لا يؤدي التطور التقني إلى الدخول في صدام مع حقوق الناس في العمل.
ويلفت إلى أن الموقف المزدوج تجاه الذكاء الاصطناعي له ما يبرره. فهو من جهة، قادر على إنقاذ البشرية من التحديات العالمية، ومن ناحية أخرى، هناك ما يبرر المخاوف من التركيز على مزيد من إدخال تقنيات الذكاء الصناعي، دون مراعاة تبعات ذلك، سيما على الجانبين الاقتصادي والاجتماعي.
استراتيجيات مختلفة
ووصف غريغوريف «إكسبو 2020 دبي» بالمنصة الخلاقة، التي يمكنها بفضل مشاركة 191 دولة وملايين الزوار، أن تمد جسور التعاون، وتضع استراتيجيات مختلفة لتنفيذ مهمة إنشاء الذكاء الاصطناعي وتحليل مجالات تطبيقاته، و«تنفيذه» في الحياة اليومية.
وفي الوقت ذاته، تأمين حدوده وإمكانية السيطرة عليه، وإطلاق جيل جديد من التقنيات الحديثة لتأمين أفضل نتائج للتنمية، سيما على ضوء الإمكانيات الهائلة التي توفرها تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمعاجلة مسائل ملحة كزيادة الإنتاج الزراعي وتعويض النقص في الموارد المائية والطاقة، وخطر التلوث البيئي.
العقل البشري
ويدعو غريغوريف أيضاً إلى عدم المبالغة في تصوير الذكاء الاصطناعي واستخدام التقنيات الحديثة كبديل للعقل البشري، نظراً للاختلافات في طبيعة كل منهما. ويوضح أن العقل البشري جزء لا يتجزأ من الوعي، وهو ظاهرة تاريخية واجتماعية وثقافية متطورة باستمرار، ولكن لا يمكن إعادة إنتاجها تقنياً.
أما الذكاء الاصطناعي فهو عملية تخضع لقوانين أخرى تستحق اهتماماً خاصاً وتخضع لمزيد من الدراسات، ولا يتمتع بعاملي الحس والانفعال الضروريين للإبداع واستدامة التطوير، وليس فقط لتنفيذ العمليات المبرمجة مسبقاً، فضلاً عن أن معظم الاستخدامات الأخرى المحتملة للذكاء الاصطناعي لم تتجاوز بعد مجالات التطبيق والاختبارات.