تحديات كثيرة تواجه اللغة العربية، التي تعتبر من أثرى اللغات في العالم، والتي تحتوي على 12 مليون مفردة، اعترفت بها هيئة اليونيسكو كلغة عالمية، يتحدث بها ملايين البشر.. لغة تحاكي في مضمونها لغات العالم المنتشرة، وهي هويتنا العربية والإسلامية، لغة القرآن الكريم، ذات إعجاز البلاغة والمترادفات.. لغة تفوق في مضمونها الإنجليزية، التي تحتوي على 600 ألف مفردة فقط، والفرنسية التي لا تزيد عدد مفرداتها على 150 ألف مفردة.. اللغة الأكثر تأثيراً وإثراءً..

وحذّر التربويون من غربة اللغة بين أبنائها، مطالبين بتضافر الجهود، قبل استفحال غربة الضاد بين أبنائها، مؤكدين على أهمية الابتكار والإبداع في طرائق التدريس.

هوية المجتمع

من جهته، قال الدكتور أحمد الذهب، معلم لغة عربية، إن اللغة العربية هي هوية المجتمع العربي، وأحد أسباب وجوده وبقائه، ومن ثمّ فهي وعاء حضارته، ودراسة اللغة العربية وإتقانها، من ضرورات الحفاظ على الهوية وصيانتها.

وقد أولت مناهج اللغة العربية في الدولة، اهتماماً كبيراً بتنوّع طرق التدريس، واختيار النصوص الهادفة، ما ينعكس على تعلّم اللغة وتذوقها وإتقانها، إلا أنّ دراسة اللغة العربية تواجهه عقبات، تَحُول دون إتمام مرادها، من أهمّها تياران، أحدهما تقليدي، والآخر طارئ، موضحاً أن التقليدي هو انتشار الوسائل الحديثة المعتمدة على اللغات الأجنبية، التي بات استخدامها ضمن يوميّات أبنائنا.

والأمر الآخر، وهو طارئ، لكنه عمّق الهوة وزاد الفجوة، التي وقعت تحت تأثير جائحة «كورونا»، حيث تقلص استخدام إحدى أهم مهارات اللغة العربية، وهي الكتابة، فباتت الاختبارات عن طريق استخدام أزرار الحاسوب في الاختيار من متعدد، في أغلبها، ما وضع حجباً بين الطالب واستخدام لغته، وتذوّق مفرداتها.

وتابع قائلاً: «ما نطمح إليه من وسائل عودة الثقل إلى دراسة اللغة العربية، الدراسة النافعة الرصينة، فهي بحاجة إلى تكثيف الجهود للوصول إلى وسائل تجمع بين الدراسة الهادفة، واستخدام التكنولوجيا».

ومن جانبه، وصف ماجد أمين القاضي معلم لغة عربية، اللغة، بالغريبة بين أهلها، قائلاً «ليس خافياً على أحد، ما تعانيه لغتُنا العربيةُ اليوم، يتمثل في نفورِ الكثير من الطلبة العرب من دراسة اللغة العربية، وتفضيلهم قراءةَ الكتب من لغاتٍ أخرى على الكتب العربية».

وأوضح أن البيئاتُ تترك أثرَها على إقبال الناشئةِ على تعلُّم العربية، وأهم هذه البيئات، الأسرة والمدرسة، حيث يبدأ الطفل تعلم اللغة على أيدي أسرته، وبلا شك، يتعلمُ الطفل اللغة التي يخاطبونِه بها، ويميلُ إلى مشاهدةِ برامج الأطفال النَّاطقة بهذه اللغة، وهذا ما ينعكس إيجاباً على تعلم الفردِ اللغةَ بمستوياتها العليا لاحقاً.

تواكب التطورات

أما المصدر الثَّاني، الذي يتعلم منه الفردُ اللغة، هو المدرسة، والكثيرُ من المدارس في المرحلةِ الأساسية من التعليم، تميلُ إلى التركيز على اللَّعب والأنشطة التي تقوم على الرَّسمِ والقصِّ واللصق، وتُغفلُ الدَّور المهمَّ للقلم، في تحسين الخط وتطوير مهارة التَّعبير.

وتحدث عن المناهج، موضحاً أنها تحتوي على العديد من الموضوعات التي تثير اهتمام الطلبة، وتواكبُ التطوراتِ المتسارعةَ في العالم، وسيكونُ له عظيمُ الأثرِ في إثارةِ دافعية الطَّلبة لتعلم اللغة. وقال إن معاناة الطلاب من دراسة العربية اليوم، باتت أمراً واقعاً، ومشكلة كبيرة، يجب تضافر الجهود للقضاء عليها قبل استفحالها.

وقالت مهرة المطيوعي مدير المركز الإقليمي للتخطيط التربوي، إن اللغة العربية تُعد من أكثر اللغات تحدثاً ضمن مجموعة اللغات السامية، وإحدى أكثر اللغات انتشاراً في العالم، حيث يتحدث بها ما يقرب من نصف مليار شخص حول العالم.

وتحدثت عن دور اللغة العربية في الحفاظ على الهوية الوطنية، قائلة: «المحافظة على الهوية واللغة، لا يعني الانغلاق، بل يتطلب فتح النوافذ لاستقبال التقدم الحضاري العالمي، وهذا يتطلب من النظم والمؤسسات التعليمية والثقافية الرسمية والأهلية، العمل على المحافظة على هوية الأمة ولغتها، فضلاً عن المحافظة على قوتها وانتفاعها، ونوصي بتطوير سبل تدريس اللغة العربية، وتشجيع طلاب جميع المراحل الدراسية، على إجراء بحوث بالعربية، مع التركيز على تأثير العولمة على الهوية واللغة معاً، بالإضافة إلى إنشاء معاهد لإعداد متخصصين في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، على غرار اللغة الإنجليزية، والسعي لدى الهيئات المعنية، لإلزام المحلات التجارية والمطاعم والمؤسسات العامة والخاصة، باستعمال اللغة العربية».

وأوضحت أن الإمارات سباقة ومتميزة في النهوض باللغة العربية، وذلك سعياً لتحقيق «رؤية الإمارات 2021»، والتي تهدف إلى جعل الإمارات، مقر امتياز في اللغة العربية.

وفي السياق ذاته، قال التربوي هادي عيد، إن أكبر التحديات التي تواجه اللغة العربية، هي التكنولوجيا، وهذا يتطلب جهداً مضاعفاً، لجعل اللغة العربية جزءاً لا يتجزأ من المنظومة المتطورة، التي باتت تحاكي التطور التقني.

وأفاد بأن تصحيح وضع اللغة العربية، يبدأ من المؤسسات التعليمية، سواء من خلال تمكين الطلبة من مهارات التحدث، أو تصحيح الأخطاء اللغوية الأكثر شيوعاً بين الطلبة، والالتزام بمعايير اللغة العربية الفصحي في التدريس، وتطوير المهارات التدريسية باستخدام التكنولوجيا.