أحمد عبدالحليم مخرج الملك لير: مسرح شكسبير يتناول قضايا إنسانية تصلح لكل زمان ومكان

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيان 2: يعود المخرج الكبير أحمد عبدالحليم بعد عمل أكاديمي ومسرحي طويل في الكويت، الى المسرح القومي في مصر ليقدم مسرحية «الملك لير» لشكسبير من ترجمة د.فاطمة موسى وبطولة يحيى الفخراني وسوسن بدر وأشرف عبدالغفور، ولطفي لبيب وسلوى محمد علي. وكانت اخر أعماله في القاهرة منذ خمس سنوات حينما اخرج مسرحية «الطيب والشرير» للكاتب ألفريد فرج على مسرح السلام.. ورغم عطلة عيد الأضحى وسفر كثيرين فإن قاعة المسرح القومي احتشدت ليلة الافتتاح بعدد كبير من الفنانين والنقاد ومن الجمهور من مختلف الاجيال وكان هذا اللقاء مع المخرج أحمد عبدالحليم. ـ يتبادر السؤال الأول.. لماذا «الملك لير» وشكسبير عام 2002؟ - أعتقد أن «الملك لير» احدى روائع مسرحيات شكسبير، وانها مسرحية مختارة في صميم فلسفة المسرح القومي التي تقوم على أساس تقديم التراث العالمي الإنساني بجانب بعض المسرحيات العربية والمصرية لمؤلفين رسخت أقدامهم، وهذا التراث الإنساني العالمي قد يكون من العصر اليوناني أو عصر النهضة أو لمؤلفين مثل تشيكوف وأرثر ميللر وتنيس ويليامز وبريشت الذين استطاعوا ان يقدموا نقلة نوعية أو موضوعية في تقنية التأليف. وسبب اختيار مسرحية «الملك لير» على وجه الخصوص انها تتناول موضوعا انسانيا ـ بالدرجة الأولى ـ وكذا اجتماعيا وسياسيا ـ تتناول قضية انسانية نقرأ عنها في الصحف كل يوم وهي عقوق الابناء تجاه والديهم وهذه قضية انسانية شائعة، وسر خلود مسرح شكسبير هو في تناوله لقضايا ذات سمة انسانية تصلح للتمثيل في كل زمان وكل مكان فيه قضية دائمة ومستمرة على مدى الاجيال المتعاقبة. ـ هل تجد في جمهور 2002 وخاصة الشباب قدرة ووعيا لاستيعاب هذا العمل الكلاسيكي؟ - من أسباب عرض هذه المسرحية في المسرح القومي، أن فلسفته تقوم على تعريف الأجيال بعظماء الكتاب في العالم ـ من حق الشباب أن يعرفوا شكسبير أعتقد أن هذه المسرحية ستستفز وتستثير عقول الشباب حتى يبحثوا عن شكسبير ويقرأوا له. ـ مسرحية «الملك لير» قدمت في أكثر من مسرح في العالم برؤى مختلفة فما هي رؤيتك في تناول هذا العمل؟ - لا شك ان كل عمل مسرحي يحمل رؤية، وقد اخرجت هذه المسرحية رغم انها شكسبيرية ورغم انها انجليزية بروح الإنسان المصري بحيث انه يستطيع أن يستوعبها، واذا كان هناك رؤية من خلال المواقف المتعددة، ومن خلال مفردات العرض المسرحي التي تبرز لنا الكثير، عن عقوق الابناء، وعن تفتيت الدولة ـ نرى الملك لير في البداية يمزق الخريطة ـ خريطة الدولة الكبرى ليحولها الى كيانات صغيرة سرعان ماتقوم بينها الصراعات الدموية في حين أنها لو بقيت دولة كبيرة يمكن أن تتصدى لأي محنة.. فالمسرحية لها أبعاد سياسية وايضا اجتماعية واعتقد انني استطعت من خلال لغة المفردات المسرحية أن أقترب من هذا المفهوم، وفي الوقت نفسه تبسيط الموضوع بالنسبة للمتفرج العادي الذي عندما يسمع عن شكسبير أو الملك لير قد يرى انها مسرحية مركبة ومعقدة ـ انني هنا قدمت السهل البسيط، قدمت شخصية المهرج كراوٍ بحيث انه يبصر ويعلق بالطريقة البريخنية.. أن ينقل للجمهور رأي المهرج الذي يجسد نبض الجماهير أو الشعوب، رأي رجل الشارع ونجد أن المهرج بسقوط الملك لير وانهياره وتشتيته سقط ايضا بجانبه ـ عندما تتفتت السلطة يتفتت المهرج من ورائها. ـ كانت لفتة جذابة وذات معنى ان تلجأ لأشعار أحمد فؤاد نجم ومافيها من سخرية وكلمة.. وتقبل جماهيري؟ - لجأت الى استخدام اشعار احمد فؤاد نجم لانها قريبة من الشعب، ولانها مسكنة دراميا حتى لا تبدو مقحمة على المسرحية.. وهذا عنصر من عناصر العرض المسرحي ولعلك لاحظت مدى استجابة الجمهور لها. ـ لا شك ان لنجومية يحيى الفخراني وحضوره شأنا في في اجتذاب الجماهير؟ - من مميزات الفنان يحيى الفخراني انه فنان مغامر وانه يقتحم المجهول ـ يقتحمه بقدراته الابداعية في هذا المجال الجديد بالنسبة له ـ مع اللغة العربية الفصحى وشكسبير، أعتقد أن هذا الفنان يعطي الكثير ويتفرغ تماما للعمل بدراسة واسعة ومتأنية، يستمع إلى كل صغير وكبير ويحاول بطاقته وموهبته التي يتفرد بها أن يصل الى قلوب وعقول المتفرجين، ولا ننسى أن يحيى الفخراني له رصيد جماهيري كبير وهذا ضمن مفردات العمل المسرحي الذي استطيع أن أزعم اننا وصلنا به الى كل الفئات.. من الفئة العادية حتى الفئة المثقفة. ـ كان استخدام المجاميع على الخشبة وفي داخل الصالة وحولها من عوامل الجذب والتشويق. - استخدام المجاميع من أهم مفردات هذا العرض المسرحي وبدونها يكون العرض فاترا، وتحريك المجاميع على المسرح يرجع الى دراسة متأنية للحركة في المسرح والتشكيل في الفراغ.. ورغم انني لا استطيع أن أرسم، ولست فنانا تشكيليا الا انني استطيع أن ارسم البشر في الفراغ المسرحي، وتوظيفهم في السياق الدرامي مثلا في موقف الملك لير بناته وتحريك فرسانه وجنود ريجان قصدت أن تتناغم الحركة مع جو التوتر العام بالنسبة لمشاهد المسرحية لأن هذا يعطي متعة بصرية ويمثل تجسيدا لهذا التوتر والوصول به الى الدرجة التي تشعر الجماهير بالصراع. ـ المؤلف الموسيقى راجح داود يضيف الى ابداعاته في موسيقى الافلام وخاصة أرض الخوف بعدا للعرض المسرحي..؟ - أنا سعيد أن أتعاون ـ لأول مرة مع الفنان راجح داود شاهدت الافلام التي وضع لها الموسيقى واستمعت الى مؤلفاته الموسيقية واعتبره من أهم حسنات العرض يخدم العرض المسرحي ككل، وكان هناك جدل بيني وبينه أحيانا يصل الى الخلاف، ولكنه كان خلافا صحيا اذ اتفقنا في النهاية على هذا الأسلوب ولا أنسى ايضا الفنان عاطف عوض وتصميمه للرقصات التعبيرية التي تدخل في صميم العمل الدرامي بشكل بارع، كما خدمنا في تصميم المبارزة النهائية التي تجسد انتصار الخير على الشر، مبارزة حقيقية استحقت اعجاب الجمهور، وهذه مفردة اعطت للعمل المسرحي نوعا من النضوج، كما لا أنسى دور سمير زكي مهندس الديكور الذي صمم المساحة بمستوياتها والمناظر والرموز التي تعبر عن الأمكنة.. ولو أن هناك بعض النواقص في الديكور وفي الملابس لأن العمل ضخم والظروف الانتاجية صعبة ومتحكمة، ولو كان الانتاج أكثر سخاء كان العمل أكثر كمالا.. ولكن في حدود الممكن استطعنا توصيل هذا العمل المسرحي الى بر الأمان لكي يصل إلى الجماهير، فإنني دائما افكر بعقل وروح المتفرج.. متدرجا من المتفرج العادي الى المتفرج المتوسط الثقافة إلى المتفرج المثقف.. لا أتجاهل أي فئة.. نريد أن نصل بفكرنا الى أبسط الناس.

Email