عاش راشد عبدالرحمن ظروفاً صعبة قبل أن ينتقل من نادي الشعب إلى نادي الجزيرة للأسباب المعروفة. وبين مدّ وجزر، كاد هذا اللاعب أن يتوه في غياهب النسيان، أو يتوارى عن الملاعب، غير أنه وعلى الرغم من عودته إلى التدريبات ومن ثم المشاركة مع فريقه الجديد في المباريات، إلا أن النقاد الرياضيين والجمهور لم يضعوه في حساباتهم، ولم يرشحوه لصفوف المنتخب الوطني المشارك في خليجي 18، لكن ميتسو كان ينظر من زاوية أخرى، فضمّه إلى الكتيبة البيضاء من دون خوف أو تردد، وقد أثبت في البطولة قدراته العالية، وقدم أداءً متميزاً بصحبة رفاقه في المنتخب.

عبدالرحمن فتح قلبه لـ «البيان الرياضي» وحكى العديد من التفاصيل من خلال الحوار التالي: * كيف عدت بهذا المستوى المتميز في فترة وجيزة؟ ـ حينما يكون الهدف كبيراً والطموح بلا حدود، تكون رغبة الإنسان في التحدي وإثبات الذات كبيرة، وطوال فترة ابتعادي لم أتوقف عن اللعب والتدريب حتى وإن كان بشكل منفرد أو من خلال المشاركة في بعض الدورات الودية تحسباً لحل مشكلتي، وبالتالي أختصر الوقت في التجهيز والعودة بمستوى جيد... * هل توقعت أن تنضم إلى صفوف المنتخب بهذه السرعة؟ ـ مع عودتي للعب مرة أخرى، وضعت لنفسي أهدافاً عدة، منها أن أظهر بمستوى جيد يعوِّض فترة غيابي وأن أكون دعماً قوياً لفريقي الجديد وأن أعود بأسرع وقت إلى صفوف المنتخب الوطني، وبالطبع الوصول إلى النقطة الأخيرة يتطلب أن أصل إلى جاهزية فنية وبدنية عالية، لذلك تدربت بقوة واستعدت لياقتي في أسرع وقت وكان لدي حلم المشاركة في خليجي 18.. وبالفعل بعد 5 مباريات لي مع الجزيرة، فوجئت بقرار ضمِّي إلى صفوف المنتخب وبحق كانت مفاجأة لي بكل المقاييس.

* هل توقعت أن تكون لاعباً أساسياً؟... ـ مجرد انضمامي كان أمنية غالية، بعد ذلك كوني أساسياً أو احتياطياً فهذا قرار فني ولا بد أن أحترمه في كل الظروف ولا تنسى أن بطولة الخليج حلم لكل لاعب أن يشارك فيها، لأنها تلقى دعماً كبيراً سواء على صعيد المسؤولين أو الجماهير كما ان لها بريقاً إعلامياً كبيراً.. وحينما تم ضمّي للمنتخب خضت تحدياً ثانياً مع نفسي من أجل أن أثبت أقدامي وأكون لاعباً أساسياً، وبالطبع هذا يحتاج إلى جهد في التدريبات واستعداد خاص وزيادة تركيز... * هل كانت دورة التحدي بدبي مؤشراً لعودتك أساسياً؟... ـ قبل الدورة وأنا أتدرب بصورة أفضل، وأمام شتوتغارت لعبت بشكل جيد وأثبت وجودي ولكن المدرب كان يقوم بإعداد كل اللاعبين للبطولة، لذلك لم تتأكد مشاركتي، ومع ذلك ظل مراني القوي واستعدادي الجدي هو الشعار الذي تعاملت به في المرحلة الماضية.

* كيف تعاملت مع ميتسو لإعدادك لهذه البطولة؟

ـ بشكل عام المدرب القدير ميتسو يتعامل مع اللاعبين بشكل جيد، ويهيئهم بطريقة احترافية. ومنذ اختياري للانضمام للمنتخب وهو يتعامل معي بثقة كبيرة وأسلوبه «وايد زين» وصرت أفهمه جيداً، حتى من نظرة عينيه وعرفت ماذا يطلب مني وسعيت لتنفيذه بكل جدية والتزام.

رهبة البداية

* هل توقعت الخروج من البطولة بعد خسارة مباراة الافتتاح؟

ـ مباراة الافتتاح أمام عُمان كانت تحفل بالعديد من العوامل العكسية، خوف وتوتر، وخسارتنا لهذا اللقاء جاءت في مصلحة المنتخب لأنها أخرجت كل هذه الضغوط من أعماق اللاعبين وتحررنا من أول جولة وأصبحنا نلعب من دون ضغوط مؤثرة وقد زادت هذه الخسارة من عزيمة اللاعبين وإصرارهم على تحقيق الفوز خلال باقي الجولات.

وجاءت مباراة اليمن لنحقق الفوز واكتسبنا ثقة إضافية وتلاها لقاء الكويت الذي أثبت أن فريقنا بخير وأنه فريق يلعب كرة ليس شرطا أن نقدم أداءً برازيلياً ساحراً ولكن المهم أن نلعب ونفوز، ولا ترهبنا الأهداف التي تدخل مرمانا، فقد سجلنا هدف البداية أمام الكويت وتعادلوا، ولم نُصب بأي ارتباك، وسجلنا ثانياً ثم تعادل الأزرق، وسجلنا ثالثاً وحافظنا على هذا التقدم لنصعد إلى الدور الثاني وكانت هذه المباراة مؤشراً إلى أن منتخبنا يسير بشكل جيد وأنه معد بطريقة مميزة وأنه أصبح منتخباً له شخصية مميزة داخل الملعب.

قمة الانضباط

* البعض يعتبر أن مباراة السعودية شهدت النضج التكتيكي للأبيض؟

ـ مباراة السعودية كانت صعبة بكل المقاييس، فنحن نلعب أمام منتخب حظه عالٍ على منتخبنا ويملك خبرة كبيرة في التعامل مع المباريات النهائية وصاحب إنجازات ويضم بين صفوفه عدداً من اللاعبين المميزين، ومخطئ من يقول انه لقاء سهل، ولكن المدرب ميتسو وضع تكتيكياً رائعاً يعتمد على الهجوم لدعم الوسط ومن الوسط لدعم الدفاع أي أن الدفاع بدأ من الهجوم والتزم الجميع بهذا التكتيك على مدى 90 دقيقة، لذلك لم يخطئ من يقول إنه كان لقاء تكتيكياً ونجح اللاعبون في تنفيذه بشكل رائع حتى نجح إسماعيل في خطف كرة سجل منها هدف الفوز، وقد سنحت لنا فرصتان قبل هذه اللعبة كان من الممكن أن نسجل منهما.

جماعية اللعب

* وماذا عن لقاء عمان في النهاية؟

ـ بعد الفوز على السعودية شعرنا أن البطولة تقترب منا، لذلك زادت ثقتنا في أنفسنا وزاد إصرارنا على تحقيق الفوز وإثبات أن مباراة الافتتاح كانت لها ظروف خاصة، لذلك كان تركيزنا أن ننهي المباراة خلال زمنها الأصلي، خاصة ونحن أبطلنا مفعول اللاعبين المحترفين على مدى زمن اللقاء. وهنا أشير إلى نقطة مهمة وهي أن منتخبنا لعب بشكل جماعي رائع، وهنا يكمن سر الفوز.

تخيل أن المنتخب يلعب باسم الوطن وفيه كتيبة من المقاتلين دون التطرق إلى أسماء، فإن 11 لاعباً هم ممثلو الإمارات وأي هدف يسجل فقد سجله أحد أبناء الإمارات، تخلينا عن الأسماء لذلك نجحنا في المباريات، كنا نشاهد الاحتياط يبكون وكذلك زملاءنا الذين لم تكن أسماؤهم في قائمة المباراة، إنها الروح العالية التي كسبناها خلال البطولة وقادتنا للفوز.

جماهير وفية

* هل شكلت الجماهير ضغوطاً عليكم؟

ـ في اليوم الأول فوجئنا بعدد الجماهير، فقلنا لعلها حمى البداية، ورغم الهزيمة في الافتتاح، إلا أننا فوجئنا بالمدرجات ممتلئة تماماً أمام اليمن، فزاد ذلك من عزيمتنا وتركيزنا أمام الكويت قيل أن المدرجات لم تستوعب الناس كلهم، وهذا زاد من إصرارنا على ضرورة إسعاد هذه الجماهير التي كتبت أروع ملحمة حب للوطن في هذه البطولة، لذلك مخطئ من يقول إنهم اللاعب رقم 12، فهم في رأيي اللاعب الأول الأساسي، فقد كانوا فكاهة البطولة وشجعونا بحماس وأشعرونا أن الوطن كله إلى جوارنا، لذلك زادوا ثقتنا في أنفسنا وقادونا إلى منصة التتويج.

فرحة الشعب

لماذا كل هذه الفرحة التي فاقت الحدود؟

ـ إنها فرحة شعب يحتفل بأول إنجاز للمنتخب الأول ومن حقنا وحق مسؤولينا وشعبنا أن نفرح حتى وإن كانت الفرحة مبالغا فيها، خلال المباريات شعرنا بدفء المشاعر في المدرجات، وبعد الإنجاز شعرنا بفرحة الشعب من خلال المسيرات.. هل تتخيل أن قيادات سياسية كبرى تشارك في المسيرات، عائلات تخرج للمشاركة؟ انها ثقافة جديدة علينا كشعب، والسبب فرحة الفوز، وان الرياضة أصبحت تقف على طريق الفوز.

* ألم يشكل ذلك تحدياً للمستقبل؟

ـ مفروض أن نستثمر هذا الإنجاز في تعديل كثير من أمورنا الرياضية، وأن نحسن التخطيط للمستقبل، لأن الوصول للإنجاز قد يكون سهلاً رغم صعوبته، ولكن المحافظة عليه واستمراره هو الأصعب، لذلك فإن القيادات الرياضية عليها استثمار ذلك بشكل جيد لمواصلة تحقيق الإنجازات، خاصة ونحن دخلنا عصر الاحتراف والتخصص، وهذا وحده كفيل بإحداث النقلة المطلوبة للتطوير.

نجومية «سمعة»

* هل خطف إسماعيل مطر النجومية منكم؟

ـ إسماعيل اجتهد وظهر بمستوى جيد ونال لقب الهداف وأفضل لاعب عن جدارة، ولكن كما قلت سابقاً أن جماعية الأداء سر تفوقنا، وإسماعيل كفرد لن يستطيع أن يحقق كل ذلك لولا دعم وجهود زملائه، ونحن كنا فريقا واحدا لا فرق بين هذا وذاك لأن النجاح للكل.

بسرعة

* ما أعجبك من الفرق؟

ـ المنتخب العراقي وخروجه من البطولة كان خسارة.

* من أعجبك من اللاعبين؟

ـ فوزي بشير ومالك معاذ.

* ما هو سر تفوقكم؟

ـ روح الجماعة.

* ما هي أمنيتك؟

ـ أن نحافظ على هذا الإنجاز.

* ما هي أصعب مباراة لعبتها؟

ـ مباراة السعودية.

* من يتحمل مسؤولية الأهداف الخمسة؟

ـ كل الفريق يتحملها.

* كيف ستشاركون في الدوري؟

ـ بروح خليجي 18.

* أصعب كلمة سمعتها؟

ـ كفاية إحباطات.

* كيف ترى منتخبنا الآن؟

ـ أراه وصل لمرحلة نضج جيدة.

* ما رأيك في مستوى الدورة؟

ـ متوسط، والفرق متساوية في المستوى.

* ما هو شعاركم خلال البطولة؟

ـ الاجتهاد لإسعاد الجماهير.

* ما هي الكلمة الأخيرة؟

* شكراً لكل من ساندنا وكرّمنا واحتفى بنا، وإن شاء الله نكون على العهد دائماً.

حوار: العوضي النمر