تعتبر الحديقة في المناطق التي تنعم بدفء الشمس وسطوعها امتدادا للبيت، وبالتالي فإن الاهتمام الذي تحظى به من قِبل أصحابها ومصمميها يجب ألا يختلف كثيرا عن اهتمامهم بالداخل. ويلاحظ عند معظم الناس أنهم يهتمون بالعناية بالحدائق وتشذيب الأشجار وتزيينها، إلى أن أصبحت لدى البعض بمثابة هواية يريحون من خلالها أعصابهم ويعبرون عن فنياتهم.

ولم تتأخر شركات الأثاث وغيرها من تلبية هذا التوجه وتغذيته بطرح قطع أثاث وإكسسوارات خاصة بهذا الجزء من البيت، بل أنها بدأت تراعي أيضا تقلبات الطقس وعدم استقراره على حال في بعض الدول الأوروبية، حتى يتاح للناس فرصة المتعة بخضرة الحدائق واستنشاق الهواء النقي.والجدير بالذكر أن الحدائق والشرفات باتت أشبه بغرف المعيشة على نحو كبير، بعد تزايد استخدام الأرائك والقطع الواقية من الماء فضلا عن الإكسسوارات مثل المصابيح والقناديل وغيرها. ومن جانب آخر فإن الأثاث المصنوع من الأخشاب الثقيلة ليس موضة مناسبة للحديقة، لأنها غير عملية وتحتاج إلى كثير من العناية والاهتمام. وربما هذا ما أدى إلى ابتعاد الناس عنها وتفضيلهم الأثاث الخفيف عليها، كونه أكثر عملية ويسهل نقله.

كما أن المفارش وأغطية قطع الأثاث أصبحت أكثر سمكا لتحمل الأجواء الممطرة، إلى جانب المخدات والوسائد، التي لم تعد تستدعي نقلها إلى داخل المنزل كل مساء تحسبا لتقلب الطقس وخوفا من تعرضها للبلل، لأنها أصبحت من القوة بحيث تتحمل جميع الأحوال الجوية بفضل المواد الاصطناعية التي دخلت في مكوناتها.تتخذ تصميمات أثاث الحدائق لهذا الصيف أشكالا كبيرة الحجم، فالمقاعد الطويلة وآرائك الحدائق أصبحت من القطع الجديدة التي ستظهر هذا الموسم، حيث إنها تقدم انطباعا رائعا ولا يرجع ذلك إلى حجمها فقط. ولا يتم الاحتفاظ بأي عنصر قديم في التصميم، حيث إن أصحاب الاتجاهات الجديدة في تصميم الأثاث يتخلون عن المقاعد الطويلة التي تستخدم للاسترخاء عليها، ويمكن طيها إلى جانب الأرائك الخشبية التي كانت في الماضي من الاتجاهات الجديدة في الأثاث ولكن أصبح من المفضل الآن الاحتفاظ بها داخل المخازن.

وقد وسّع العديد من مشاهير المصممين خطوطهم لتصل إلى أثاث الحدائق، وحولوا قطع الأثاث التي كانت في السابق تتسم بالجانب العملي وانخفاض التكلفة، إلى قطع رائعة ومتفردة.

يقول منظمو معرض الحدائق في مدينة كولونيا الألمانية والمعروف باسم «سبوجا» إن «الحديقة صارت مكانا جذابا للموضة والاتجاهات الجديدة، وأصبحت المنتجات الحديثة والمتطورة تزيح من طريقها قطع الأثاث العادية ورخيصة الثمن.

والتي تستخدم في الأغراض العملية، بعد أن كانت تحتل مواقع راسخة في الشرفات والقاعات المفتوحة على الحدائق، وعلى المساحات التي تغطيها الأعشاب بالحدائق. وظهرت نماذج وتصميمات جديدة من قطع الأثاث تتخذ شكل عيدان السلة توضع على الشواطئ.

وطرح المصممون أشكالا جديدة للمقاعد الطويلة التي يمكن الاستلقاء والاسترخاء عليها، وسرر تصلح للاستخدام اليومي تساعد العديد من الأشخاص على الاضطجاع عليها والشعور بالراحة التامة.

وأحد الأمثلة على التصميمات الجديدة الطاولة ذات الستائر من تصميم شركة «جوكا فيركه» النمساوية للأثاث، وتستخدم الألواح المتكاملة التي يمكن تعديلها على أنها نوع من المظلة، أن الطاولة المسماة «كوزموس» من تصميم الشركة البلجيكية «إكستريميس» منجّدة أيضا جيدا، وتتضمن «كوزموس» أريكة حول طاولة موضوعة تحت مظلة متكاملة للحماية من الشمس ومزودة بالإضاءة من أجل قضاء فترة المساء، ويمكن إزالة الطاولة لتحول الأريكة إلى جزيرة للاسترخاء..

وتقول أورسولا جيسمان من الرابطة الألمانية لصناعة الأثاث في مدينة باد هنوف، إن فكرة مقاعد الاسترخاء انتقلت إلى الأثاث الذي يوضع خارج غرف المنزل، وذلك عن طريق تصميم قطع أثاث كبيرة الحجم لها شكل رائع، وحيث إن الشرفات والمساحات المطلة على الحديقة تعد من المكونات ذات القيمة العالية في أية شقة أو منزل، فيتم تشجيع الاسترخاء في هذه الأماكن عن طريق عناصر الأثاث الجديدة.

بالنسبة للأشخاص الذين يتطلعون إلى تغيير المقاعد البلاستيكية القابلة للطي التي يملكونها، وكذلك الطاولات المتفاوتة الجودة وإحلال أثاث الحدائق الراقي محلها، ينبغي عليهم تحمل الفاتورة المكلفة لهذا التغيير، ويبدو أن الألمان يرغبون في القيام بذلك وتنفيذه.. ففي عام 2008 تم إنفاق ما يقدر بنحو 7 ,10 مليارات يورو في ألمانيا على النباتات والأجهزة والأثاث الموضوع خارج غرف المنزل، ويتزايد هذا الاتجاه وفقا لتقديرات معرض سبوجا.

ويستثمر الناس حاليا أموالهم في شراء «صالونات الحدائق»، وهي بالضبط النموذج الذي يماثل أفكار التصميمات التي أبدعها مصممو مساحات المعيشة لمصلحة العلامات التجارية الراقية مثل «إلياس» الإيطالية و«غاربا» الألمانية.

ويلاحظ أن الشركات المنتجة للأثاث الرخيص السعر مثل شركة «إيكيا» السويدية، بدأت أيضا في طرح أرائك ومقاعد وكراسي للاستخدام خارج غرف المنزل بألوان طبيعية، ويأتي التنجيد عادة بشكل يسهّل العناية بقطع الأثاث وبمواد ذات تقنية عالية لا يمكن أن يعطبها ضوء الشمس أو الأمطار أو الرياح.

وقطع الأثاث التي كانت تصنع من أعواد الغاب والتي تعرف بـ «البامبو» تناسب أيضا الاتجاه الحالي نحو الطبيعة. ويشير منظمو «سبوجا» إلى أن «الهوية الخضراء»، أي التي تحافظ على البيئة، أصبحت رائجة اليوم بين من يقبلون على شراء أثاث الحدائق.

أصبح المزيد من المستهلكين، بدافع الوعي البيئي ، يتوقون إلى شراء منتجات «حقيقية» تستمر طويلا خصوصا تلك المصنوعة من الأخشاب، غير أنه من المفضل ألا تكون قطع الأثاث من خشب أشجار التيك وغيرها من أشجار الغابات الاستوائية وذلك بسبب المخاوف من حدوث التصحر.

دبي- رشا عبد المنعم