بئر ماء كبريتي ساخن يؤخر الشيخوخة

«نبع الحياة» السوري استجمام واستشفاء

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تزداد رائحة المياه الكبريتية كلما اقترب الزائر من منتزه «نبع الحياة» الذي يقصده حوالي 500 سائح يوميا لقضاء ساعات من السياحة العلاجية للاستشفاءات الجلدية في مياه كبريتية ومعدنية ساخنة في احواض السباحة الخاصة والعامة التي تقع جنوبي العاصمة السورية دمشق بحوالي 45 كلم بمحاذاة الطريق الدولي الذي يربط سوريا بدول الخليج العربي.

وتحوي سوريا عشرات الينابيع المعدنية والكبريتية بعضها وضع في الاستثمار السياحي من قبل القطاع الخاص مثل نبع الحياة الكبريتي في منطقة جباب التابعة لمحافظة درعا السورية جنوب دمشق.وبعضها الآخر لا يزال مستثمرا من قبل الحكومة مثل نبعي بقين في ريف دمشق ودريكش القريب من ساحل المتوسط السوري ومنهما يتم تعبئة قوارير المياه المعدنية الصالحة للشرب البشري.يقول المهندس زهير شبيب الذي يستثمر منشأة «نبع الحياة» ذات المياه الكبريتية الساخنة أن فكرة المشروع جاءت بعد ان اكتشفت البعثة الفضائية السورية السوفياتية في تموز/ يوليو عام 1987 وجود مياه كبريتية في منطقة جباب وسط بئر بعمق مئات الأمتار على أرض كانت تشغلها ثكنة عسكرية ومع محاولات حثيثة تم نقلت الثكنة الى مكان قريب وجرى حفر البئر وظهرت فيه المياه الكبريتية الساخنة التي تستخدم إلى اليوم ويتم سحب 80 مترا مكعب من البئر يوميا .ويضيف شبيب وهو الذي يدير مشاريع متنوعة في بلاده «الآخرون قالوا لي إن تفكيرك غير واقعي، هل تريد اقامة منشأة سياحية فوق بئر ماء!

ولكنني صممت أن تظهر منشأة «نبع الحياة» إلى النور وتوضع في خدمة السياحة العلاجية وسياحة الاستجمام الصحية، والتي اثبتت الدراسات الطبية العلمية أهمية فوائدها كمياه كبريتية تحوي عدة عناصر معدنية تفيد صحة الانسان.ويوضح شبيب الذي رفض الاعتراف إن كان أحد من «المتنفذين» شريكا في المشروع معه كما يشاع، لكنه أكد ان شراكة عائلية مؤلفة من خمسة أشخاص هم المالكين.يوضح أن المياه المستخدمة توضع في خدمة السياح والزبائن كما تستخرج من البئر دون أن تتم معالجتها؛ فهي طبيعية ونسب الكبريت فيها معتدلة ودرجة حرارتها دون 40 درجة وعمق البئر الرئيسي يصل الى أكثر من 700 متر.:فوائد صحية:وعلى حسب قول المهندس شبيب، مدير منشأة نبع الحياة فان الاستحمام في هذه المياه يؤخر الشيخوخة حيث تحتوي المياه عناصر الزنك وغاز كبريت الهيدروجين والسلينويوم والباريوم وغيرها من العناصر المفيدة لصحة الانسان ولا سيما لجلده.وتمتد المنشأة على مساحة 30 ألف متر مربع وتحوي عدة غرف كبيرة يمكن للعائلات استخدامها حيث فيها حوض سباحة يستوعب 10 اشخاص وقد تم بناؤه بشكل قبب من الخارج سقوفها من الأسمنت والزجاج لمعالجة تبخر المياه الكبريتية الساخنة والاستفادة من المناخ الخارجي بما يخدم محافظة البيئة داخل الغرفة في حالة المياه الطبيعة .

ويشمل نبع الحياة على أحواض سباحة جماعية عامة واحد ثلاثة أحواض كبيرة للذكور وسط صالة واسعة ومثلها للنساء كما يوفر خدمات خاصة للعائلات التي تريد ان يكون لها خصوصيتها، حيث تبلغ التكلفة لبضع ساعات حوالي 120 دولارا اميركيا و6 دولارات للفرد في المكان الجماعي.

يقول الدكتور وليد السلامة، أحد الاطباء المشرفين على المركز الحيوي والبيولوجي التابع لنبع الحياة ان المركز الطبي يعمل على مدار 24 ساعة مثل عمل المنشأة ويوفر خدمات فيزيائية ومعالجة ومساجات بعد السباحة مباشرة ويقدم الاطباء استشارات طبية مجانية لزبائن نبع الحياة.

ويقول زهير شبيب: إننا نقدر أهمية كل قطرة ماء لذلك اقمنا محطة معالجة للمياه الكبريتية بعد الانتهاء من استخدامها للسباحة العلاجية يتم معالجتها لتصبح صالحة للري الزراعي حيث توجد في أراضي نبع الحياة زراعات لمختلف انواع الأزهار ونباتات الزينة وكذلك ري الأشجار والمزروعات الأخرى.

وتحوي أراضي نبع الحياة مزارع لطيور «الفري أو السلوى، والنعام والوز والبط فضلا عن ملاعب للأطفال داخلية تستخدم صيف شتاء و خارجية في الطبيعة تستخدم في فصول الصيف والربيع والخريف.

وينصح أطباء نبع الحياة أن لا يطيل المرء الجلوس في حوض السباحة في المياه الكبريتية الساخنة لأكثر من نصف ساعة متواصلة ثم يسترخي المرء قليلا بعده يعاود الغطس في المياه وتأتي هذه النصيحة خاصة للكبار في السن لئلا يحدث معهم ضيق في التنفس أو مشاكل صحية أخرى لها علاقة بمستوى الضغط الشرياني على سبيل المثال.

ويعتبر المهندس شبيب وهو سليل عائلة دمشقية متمرسة في التجارة أبا عن جد أن عدد السياح بشكل وسطي يوميا يقترب من 500 شخص، معظمهم في الصيف من الغرباء ومن مختلف الدول لكن.

عموما فنسبة الأجانب تكون في الصيف والربيع أكثر بينما في فصل الشتاء يكون مقصد السياح العرب والمحليين أكثر اقبالا نظرا إلى رغبتهم في التمتع بالمياه الساخنة والدفء الصحي اثناء فترات البرد الشتوي .

نصائح طبية

يقول المهندس شبيب انه عندما يحتاج الانسان إلى أوكسجين اكثر تصبح فعالية الجسم أفضل، أي إمكانية الاستقلاب في الجسم أعلى بكثير حتى المرضى الذين يتناولون الدواء عندما ينزلون إلى الماء تصبح قدرتهم وفعاليتهم على الاستجابة أكبر لذلك فالاطباء ينصحون بفوائد مرجوة من المياه المعدينة الكبريتية الحارة منها الاستشفاء من امراض الجهاز العصبي وبخاصة الروماتيزم والتهابات الاعصاب المزمنة والاستشفاء من امراض الجهاز الحركي وأمراض الهيكل العظمي لاسيما الديسك والانقراصات وحالات هشاشة العظام وبعض الالتهابات الجلدية والصدف.

ويقول أحد القاطنين هناك: انه لا يوجد على هذا النبع الحيوي الذي يغذي نهر الخابور باعتباره «شريان الحياة» أي تحسينات تذكر حول محيط النبع الأبرز والأغزر، كما لم يجر حتى أي ترويج حقيقي لهذا النبع الذي يصفه البعض بأنه ثروة يجب استثمارها بأفضل وأدق التفاصيل عملياتيا وسياحيا.

ويعتبر من المواقع المهمة للسياحة العلاجية نظراً على غزارة مياه النبع وحرارتها التي قد تصل إلى 39 درجة مئوية واحتوائها على عدد كبير من العناصر المعدنية التي قد تصل إلى 29 عنصرا معدنيا وهي مهمة للاستشفاء من الأمراض الجلدية وأمراض المفاصل.

يقول المهندس حنا عبدايم، وهو أحد أبناء المنطقة هاجر أخيرا مثل ألاف ينزفون خارج بلادهم من تلك المنطقة، إن منطقة رأس العين مهملة، فالتنمية بها في حدودها الدنيا والناس يعيشون على الزراعة فقط بينما نرى التحسينات السياحة قائمة لدى جيراننا الأتراك وعلى أحسن حال.

ويفصل منطقة رأس العين السورية عن منطقة تركية ملاصقة لها شارع فقط في بعض النقاط الجغرافية، وهو الأمر الذي يجعل أهالي المنطقة السوريين يزفرون الآهات دوما عندما ترنو عيونهم خلف ذاك الشارع الفاصل.

ويؤكد أحمد شيخو وهو مدرس أن نبع رأس العين لو قيض له الاهتمام المناسب لحول المنطقة إلى منطقة جذب سياحي تجلب الملايين لأهالي المنطقة وخلقت آلاف فرص الشباب العاطلين عن العمل.

ومن الحمامات الطبيعية ايضا في سوريا «حمام الشيخ عيسى» الذي يقع على طريق اللاذقية حلب شمال جسر الشاغور في منخفض على نهر العاصي بين جبلين والحمام يحوي على حوضين أحدهما للرجال والآخر للنساء وكل منهما بطول 6 أمتار وعرض 5 أمتار وعمق 5 .1 متر وهذه المياه لها رائحة كبريتية نفاذة درجة حرارتها حوالي 38 درجة تفيد بالدورة الدموية وبالجهاز التنفسي.

كما أنها تفيد كثيراً في حالات الروماتيزم خصوصاً المصحوبة بأورام وكذلك في النقرس واللمباجو والأمراض الجلدية مثل حب الشباب والجرب وبعض أنواع الأكزيما وأمراض النساء والأمراض العصبية.

ويقول فراس ترزي باشي احد الأدلاء السياحيين: ان السياح الأجانب يرغبو ن في زيارة هذه الاماكن التي لا يعرفون عنها الكثير لكنهم يتفاجأون في بعض الأحيان بمستوى الخدمات والاهتمامات المتدنية هناك.

لا يطلب السياح غالبا خدمات إضافية دوما لكنهم يبحثون عن النظافة والمبيت المريح والمواصلات الآمنة وبضع اشياء بسيطة فالسياح ليسوا بالضرورة رجال اعمال وهناك انواع ومستويات للخدمات السياحية.

ويشير ترزي باشي الذي يعمل في مهنته هذه منذ أكثر 15 عاما أن حمامات أبو رباح مثلا باتت بحاجة الى تنشيط وتحديث لأن بناءها قديم وتتبع هذه الحمامات لناحية القريتين بمحافظة حمص.

ويتألف البناء من ثلاثة أروقة محمولة على أعمدة قوسية كنماذج القناطر الشرقية وهو نموذج للحمامات القديمة مؤلف من ثلاثة أقسام الخارجي والأوسط و الداخلي ولكل من هذه الأقسام وظائف اثناء الأستحمام.

ومن الينابيع المعروفة ايضا نبع أفقا الذي يتدفق من مغائر قديمة تفيض بالبخار الكبريتي وتشعه دافئاً وكذلك حمام الملكة زنوبيا الواقع في مدينة تدمر على ارتفاع 400 متر عن سطح البحر وهي وسط سوريا.

وتنتشر بعض الينابيع في مناطق متفرقة من سوريا مثل منتجع طريق الحرير الواقع بين محافظتي حماه وحمص، ويتميز بمياهه الكبريتية الحارة.

ومع الأخذ بعين الأعتبار وجهة نظر وزارة السياحة السورية القائلة ان هذه المشروعات ليست مشروعات كبيرة تجذب رؤوس اموال خارجية لتسهم في تطوير صناعة السياحة السورية المطلوبة لمؤازرة الدخل الوطني.

إلا أن ذلك لا يلغي الأهمية المباشرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تتكامل مع مستويات سياحية من فئات النجوم المتقدمة فالسياحة العلاجية والاستجمامية ولا سيما في فصل الشتاء باتت حاجة ملحة لشرائح اجتماعية واسعة داخل وخارج سوريا ، ناهيك عن فرص العمل التي توفرها للسوريين سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة.

Email