تعتبر غوياناالفرنسية قطعة من فرنسا تقع في شمال أميركا الجنوبية مساحتها حوالي 83446 كيلومترا مربعا وتشغل الغابات بها مساحة 96% وهي أحراش بكر خالية من وجود الانسان حيث يعيش معظم السكان ( 270 ألف نسمة ) في العاصمة كاين أو في كورو حيث مركز الابحاث الفضائية.
يؤكد ميشيل بارتولومي رئيس مركز كورو للابحاث الفضائية ان 7 من كل عشرة من السكان يعملون في موقع قاعدة الاطلاق موضحا ان دوران الارض من هذه المنطقة مع الاعاصير التي تتعرض لها البلاد تساعد على اطلاق الصواريخ بقوة دفع اكبر بكثير من مناطق اخرى في فلوريدا او كازاخستان ومن هذه المنطقة تأتي اسهامات اوروبا في مجال الفضاء .حيث تم اطلاق سفينة فضاء اوروبية ودخلت مدارها الفضائي لاول مرة بعد اطلاق ناجح على متن صاروخ من نوع اريان 5 بحمولة اكبر 5 مرات من المراكز الروسية او الامريكية.هذه هي غوياناالفرنسية اكثر المناطق وحشية -برية- في الاتحاد الاوروبي حيث يمكنك ان تدفع باليورو او تتبع نظام المقايضة على السواء.
وأدى ارتفاع سعر الذهب الى ظهور المنقبين منذ 20 عاما ويعد التنقيب عن الذهب هو احدى المحركات الاقتصادية الكبرى في غوياناالفرنسية بعد مركز الفضاء في كورو وسواء كان البحث عن الذهب يتم بشكل قانوني أو غير قانوني فإن المشكلة الحقيقية تكمن في استخدام المنقبين للزئبق وهو ما يشكل خطورة على البيئة حيث أكد الخبراء وجود الاف الكيلومترات من الاراضي الملوثة به.يقول أحد الباحثين عن الذهب (إنه في بعض الاحيان يتعاون الباحثون مع بعضهم البعض ومع ذلك فإن استخدام العنف من أجل الوصول إلى الذهب لا يعد من المحرمات وإذا ضللت طريقك في الغابة لن تجد أحدا إلى جانبك).
المنقبون عن الذهب في معظمهم أميون وفقراء يعبرون الغابات ولا يعودون أبدا للعمل منذ عام 2006 وهم يستخدمون نوعا من أرخص انواع الزئبق المحظور استخدامها حيث يعبرون الانهار فتموت الحياه بها وتتحول الى مناطق صفراء رملية.
يؤكد الصندوق العالمي لحماية البيئة (WWF) أن (وحشية البحث عن الذهب هي أكبر خطر على البيئة والسكان)، حيث يستخدم المنقبون ضعف الكمية المسموح بها دوليا ويضيف الصندوق أن (المشكلة لا تقف عند هذا الحد .
حيث اصبحت الغابات وكرا لتهريب الاسلحة والمخدرات وقد استغرق الامر وقتا طويلا حتى بدأت باريس تدرك خطورة الموقف في عام 2006 عندما قرر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، حينما كان وزيرا للداخلية في ذلك الوقت التصدي للموقف وبدأت قوات الامن في الكشف عن عدة أوكار للمنقبين عن الذهب كما قامت بتعزيز أمن الحدود.
في عام 2008 قام ساركوزي بصفته رئيسا للبلاد بتعزيز الضوابط الامنية ومراكز الشرطة على طول الطرق الريفية على جانبي النهر وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها قوات الأمن مع المنقبين عن الذهب إلا أن هذه الاشتباكات اخذت طابع القط والفأر، فما تكاد تتمكن القوات من الوصول إلى مخيمات المنقبين حتى يتم إبلاغهم هوائيا عبر موجات الراديو ويتمكنون من الفرار.
وتعد حدود غوياناالفرنسية مع البرازيل والتي تمتد لمسافة 730 كلم هي أكبر الحدود ولا يوجد بها إلا طريق واحد ممهد وباقى المنطقة بكر يندر وجود الانسان بها، أما العاصمة كاين فهي عالم مختلف حيث المدنية والسوبر ماركت والاسواق والرعايا الفرنسيين على عكس جزيرة المارتينيك او جوادالوبي في منطقة الكاريبي.
حيث تؤدي طبيعة المناخ والتربة الى صعوبة قيام الزراعة أوالصناعة أو حتى مرور السياح بها
وقد ساهم إنشاء مركز الأبحاث الفضائية وقاعدة الإطلاق في توافد الآلاف من التقنيين والعلماء إلى المستعمرة من مختلف انحاء العالم حتى أن السكان الأصليين في المنطقة أصبحوا لا يمثلون سوى نسبة 4% من السكان.
ويتبادر إلى الذهن سؤال ما الذي يدفع بالكثير من المهاجرين إلى جوايانا الفرنسية؟ وتأتي الإجابة من أحد مشردي أوروبا أن السبب هو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والرواتب الجيدة هي السبب.
اما المطاعم والمؤسسات التجارية فيعمل بها مواطنون من هونغ كونغ او من عرقية همونج ومواطنون من الهند الصينية القديمة وصلوا الى غويانافي السبعينيات فرارا من الحروب في آسيا.
ونظرا للدعم الذي تقدمه فرنسا فإن معدلات النمو السكاني في ارتفاع مستمر فمن بين كل اثنين من السكان يوجد شخص دون العشرين يقول جويل باركر رئيس قاعدة الإطلاق (إننا نقوم ببناء مدرسة جديدة كل عام من أجل 500 و600 طالب).
ونظرا لندرة فرص العمل من ناحية وارتفاع رواتب البعض والأوضاع الاجتماعية أدى كل هذا إلى وضع غير ملائم بالمرة لإقامة أي استثمار اقتصادي وهذا هو ما دعا 69% من السكان للقيام بالتصويت للمطالبة بالمزيد من الحكم الذاتي للمنطقة كما حدث مع سورينام المستعمرة الهولندية سابقا وجيانا التي كانت تابعة للتاج البريطاني.
وعلى الرغم من كل الظروف المناخية الا ان 7% من موارد البلاد تقوم على السياحة حيث يأتي السياح الى الغابات البكر ويسافرون عبر نهر الابرواج ويمارسون الرياضات الخطرة -سياحة المغامرات- كما انشئت محمية طبيعية في المستعمرة تضم 100 فصيلة من الاشجار المختلفة و700 فصيلة من الطيور و109 من البرمائيات.
فرنسا ـ «الحواس الخمس»