فاجأ الفنان الكوميدي أحمد حلمي الجمهور والنقاد بفيلمه الجديد «بلبل حيران» بعد أقل من نصف عام من تقديمه فيلم «عسل أسود» الذي تم عرضه في صيف هذا الموسم، وبالرغم من أن حلمي ظل يجد مساندة غير محدودة من النقاد والجمهور بأدائه المتميز التلقائي واختياراته الموفقة لأعماله بدقة ووعي كبيرين إلا أن نفس هذه الأقلام التي ظلت تشيد بأعماله وجهت له ـ وللمرة الأولى ـ انتقادات حادة، حيث شنت عليه هجوما مركزا خاصة حول موضوع فيلمه الجديد «بلبل حيران»، وكان التساؤل الأهم: كيف قبل حلمي بموضوع هذا الفيلم والسيناريو الذي لا يرقى إلى مستوى أفلامه السابقة؟!.
فيلم «بلبل حيران» تدور أحداثه حول فتاة أرستقراطية ناجحة ولكنها جامدة عاطفيا وسلوكها العام عملي لا يخضع للعواطف أو الرومانسية في حياتها وهذه الصفات في شخصية الفتاة الأرستقراطية ياسمين تتناقض مع الصفات التي يتمناها بلبل في حبيبته فهو يرغب في فتاة رومانسية عاطفية وجميلة وهذا ما جعله يميل إلى قريبته هالة التي تتوافر فيها كثير من الصفات التي يحبها قبل أن تظهر الطبيبة النفسية التي تجسد دورها الفنانة أيمي وتدور الأحداث بعدها. والفيلم هو الثاني لأحمد حلمي هذا العام وقد أخرجه خالد مرعي الذي سبق وقدم معه من قبل «آسف للإزعاج» و«عسل أسود» وكتب له السيناريو السيناريست خالد دياب الذي عمل معه في فيلم فيلاعسل أسودلالا.
بداية النهاية
قصة الفيلم، حسب النقاد، فيها كثير من التناقضات، ومنها على حسب قولهم، أن السيناريست خالد دياب عجز عن خلق حالة من الضحك لدى المشاهد، في إشارة إلى أنه صنع مواقف كوميدية رتيبة ومكررة، معتمدا في عمله على كاريزما أحمد حلمي وإقبال الجمهور عليه، وهذا ما جعل الفيلم مفككا ومنعدم المنطق وثقيل الظل.
والفيلم يقوم على الكوميديا الرومانسية الخفيفة بعيدا عن الكوميديا الاجتماعية التي قدمها حلمي كثيرا في أعماله السابقة، لكن بعض النقاد رأوا أن تعرض بلبل لحادث يفقد خلاله الذاكرة أمر غير منطقي، حيث بدأ الفيلم بأسلوب الفلاش باك حتى نهايته، ظل خلالها حلمي بلبل يتذكر ما حدث له من علاقات عاطفية وارتباطات سابقة ويحكي كل ذلك للطبيبة النفسية الشابة الجميلة، وقد أضعف هذا الأسلوب - الفلاش باك - الفيلم كثيرا، فلو افترضنا أن السيناريو سعى لعودة بلبل لخطيبته الأولى وترك هالة، كان من الممكن أن يتم ذلك دون اللجوء لهذا الأسلوب الذي يستمر لأغلب فترات الفيلم، فيما وجهت انتقادات أخرى للأسباب التي أدت إلى فقدانه الذاكرة وهي سقوط المكتب فوق رأس بلبل، في إشارة إلى أن مثل هذا الحادث ليس مبررا مقنعا بجعله في هذه الحالة.
استسهال حلمي
ومضى النقاد إلى أبعد من ذلك في نقدهم لبطل العمل أحمد حلمي، حيث اعتبروا ما قدمه في هذا الفيلم به كثير من الابتذال، خاصة أنه كان دائما يختار ألفاظه بعناية في أفلامه السابقة لكن في هذا الفيلم حملت الإفيهات جملا حوارية غير مبررة وهي جمل مبتذلة وغير قابلة حتى لذكرها على صفحات الصحف، واتهم بعض النقاد السيناريست خالد دياب بأنه مارس كل عمليات الاستسهال في كتابة السيناريو وكانت النتيجة فيلما يفتقد لأبسط قواعد المنطق.
ولكن الناقد السينمائي الكبير رفيق الصبان كان أكثر قسوة في تناوله لهذا العمل، حيث تساءل قائلا: لا أدري ما الذي أصاب بطل الفيلم وجعله يعود على عقبيه ليركز على الإضحاك فقط ضاربا بالتأمل والفكر الكوميدي السليم عرض الحائط .. وتابع الصبان «لا أريد أن أعيد المواقف التي امتلأ بها الفيلم والتي تثير العجب لا لغرابتها ولكن لقبول ممثل ذكي ولماح مثل أحمد حلمي هذا العمل، وقال إن فيلم «بلبل حيران» جمع فيه أحمد حلمي كل السيئات وهي التي حاول تجنبها بنجاح في أفلامه السابقة، وأضاف : كاد المرء لا يصدق وهو يرى «بلبل حيران» على الشاشة بتعبيراته الصارخة وإفيهاته التي يلقيها «عمال على بطال» بضرورة أو بغير ضرورة.
حيرة النقاد
أما الناقد طارق الشناوي فتناول الفيلم بقدر من الموضوعية رغم أنه أكد على ضعف الفيلم، وقال: لوحظ أن السيناريو لجأ لأضعف الحلول وهو أن يصاب البطل بفقدان الذاكرة ولا يدري بأنه سيلتقي مجددا مع خطيبته زينة عندما أعيدت له الذاكرة بتلك الحيلة وهي ارتطامه مرة أخرى بالمكتب وهي حيلة تكررت كثيرا،
وأشار أن الجمهور أصيب بحيرة أكبر من حيرة أحمد حلمي، وبدأت حوارات كثيرة على المقاهي والمنازل حول هذا العمل ومقارنته بأعمال سابقة ، ساخرين من المشهد الذي سقط فيه بلبل من طائرة على مزرعة دواجن ولم يمت، ثم تعود له الذاكرة والغريب أن سقوطه من الطائرة جاء نتيجة عملية انتقام وكذلك الطبيبة التي مارست معه أنواع مختلفة من الانتقام مثل أن تضع له فأرا في الجبس وتضربه بمضرب الذباب وغيرها من المواقف والمشاهد الغير مبررة.
ورغم هذا النقد إلا أن بعض المتابعين للعمل اعتبروا الإقبال الكبير على الفيلم من الجمهور بمثابة نجاح معنوي، وأشاروا إلى أن الفيلم كوميدي بسيط وخفيف الدم رغم اعتماده بشكل كبير على الإفيهات التي يقوم بها حلمي في كثير من المشاهد ولكن ما لم يقتنع به الجمهور هو انفعالاته الحيادية في الحالتين، حيث لم يشعر الجمهور بأنه متأثرا أو أن انفعالاته متناسبة مع الموقف أو الحدث.
ورقة الإيرادات
ولكن نفس النقاد الذين هاجموا الفيلم بقوة وحدة شديدين أكدوا بأن الفيلم لعب بورقة واحدة وهي الإيرادات استنادا إلى البطل الجماهيري أحمد حلمي، لذلك ارتكن الكاتب خالد دياب إلى الحلول الدرامية السهلة والمباشرة، كما أن المخرج خالد مرعي لم يضف إلى السيناريو كثيرا ولم يصل إلى مستوى أفلامه السابقة، وأشاروا أن الإيرادات جاءت لصالحه في شباك التذاكر بالرغم من أن المنافسة في موسم عيد الأضحى كانت تضم عادل إمام وأحمد السقا، ولكن حلمي تراجع في السباق الفني ورجع خطوات إلى الوراء.
القاهرة ـــ دار الإعلام العربية