السبت 24 شوال 1423 هـ الموافق 28 ديسمبر 2002 على تنوع الأعمال الدرامية التلفزيونية التي قدمت في دورة شهر رمضان الماضية، فان مسلسل «وردة لخريف العمر» الذي كتب السيناريو والحوار له الروائي خيري الذهبي، واخرجه يوسف رزق قد حاول ان يجمع بين الخط الروائي والخط الدرامي في الكتابة وبناء الشخصيات، والخطوط الدرامية المتعددة للاحداث التي يقدمها العمل بالاضافة الى الجمع بين المادة التاريخية والاجتماعية لاضاءة مرحلة مهمة من تاريخ سوريا الاجتماعي والسياسي بصورة غير مباشرة، من خلال الصراع الذي يحدث بين شخصية مرهج الباحث عن استعادة تجربة حبه الضائعه، والاقطاع الذي اغتال هذا الحب، ونفاه بعيداً الى اميركا. بدأ العمل في مشاهده الأولى بإيقاع مضطرد، وانتقل بين مدينة في وسط سوريا ولبنان، ثم عاد ليركز الاحداث في هذه المنطقة حيث يبدأ الصراع المحتدم بين مرهج العائد من أميركا للانتقام، وبين الاسرة الاقطاعية التي تهيمن على كل شيء، وتدور احداث العمل من خلال قصة حب حاول المخرج ان يركز في تقديمها على الفضاء الطبيعي كخلفية تشكيلية جمالية تضفي على المشاهد حيوية وخصوصية. وحول فكرة العمل الأساسية قال الروائي خيري الذهبي ان فكرته تدور بشكل عام حول الحب المستحيل، فالحب كان دائما طبقا ساخنا لاتستطيع ان تتذوقه الا في حينه، انه ليس كالوجبات المصنعة يمكنك ان تضعها في المجمدة مدة ثلاثين عاما، أو عشرين عاما، ثم تستخرجها في الوقت الذي يلائمك، وتقوم بتسخينها لكي تضع امامك طبقا من الوجبات الجاهزة على الطريقة الاميركية، لان الحب طبق حار طازج يجب ان تأكله في حينه وإلا فأنت امام الرغبة المستحيلة. واضاف الكاتب ان هذا الشيء سنراه في علاقة الشخصين الاساسيين في الرواية المسلسل مرهج وسعاد فهذا الفتى الفلاح الذي انتزع منه حبه قبل ثلاثين عاما وطرد الى المهجر في اميركا ها هو يعود بعد أكثر من ثلاثين عاماً متصوراً انه سيعيد العالم الى اللحظة التي خرج فيها ضعيفا، مطرودا ومهانا، ها هو يعود الان ليعيد تركيب العالم حسب قوته الاقتصادية الجديدة، لكنه سيكتشف ان كل اموال الارض لن تساعده في استعادة لحظة هناء كانت قد ضاعت منه قبل أكثر من ثلاثين عاما. واكد الكاتب ان العمل ليس قصة حب فقط، بل هناك ايضا الواقع السياسي والاجتماعي الذي عاشته سوريا. فقد كانت هزيمة مرهج ابان سطوة الاقطاع التي انتزعت شباب مرهج وحبه وسعادته الساذجة، وقذفت به الى اميركا، ليعود وقد اثرى ولعل وسائل الصراع الجديدة قد تغيرت فها هو يدخل المعركة قوياً، ولكنه عاجز فهل يستطيع ان يعيد التاريخ الى الوراء هذا ما ستحاول حلقات العمل التي ستتجاوز التسعين حلقة ان تجيب عليه. تميز العمل بالضخامة في الانتاج والتي تجلت في حلقاته التسعين والتي تمّ انجاز اربعين حلقة منها في المرحلة الاولى بالاضافة الى عشرات الشخصيات الفنية التي تمثل اغلب نجوم الدراما السورية بالاضافة الى تعدد مواقع التصوير وانتقالها بين مناطق متعددة من سوريا، الامر الذي تطلب جهوداً كثيرة لضبط ايقاع العمل الدرامي، واستعادة اجواء المرحلة التاريخية التي يتحدث عنها العمل خاصة وان اغلب عمليات التصوير تجري في الاماكن الخارجية، وقد اعطت الحلقات التي قدمت في العمل انطباعاً ايجابيا، تجلى في المتابعة الجماهيرية له والاهتمام بالشخصيات الاساسية في العمل التي استطاعت ان تحقق حضورها الملحوظ. ومن اهم الفنانين والفنانات الذين شاركوا في العمل منى واصف، اسعد فضة، اندريه سكاف، وفاء موصلي، مرح جبر، كاريس بشار، عابد فهد، سامر المصري، عبدالحكيم قطيفان، جهاد سعد، بسام لطفي، فيلدا سمور الى جانب عشرات الشخصيات الاخرى.