الاثنين 3 ذو القعدة 1423 هـ الموافق 6 يناير 2003 عن مكتبة الاسكندرية صدر كتاب «محاورات سمير نصري مع نجوم السينما العربية» ـ ويعرف الناقد السينمائي سمير فريد مستشار المكتبة لشئون السينما في تقديمه لمحاورات الناقد والصحفي الراحل سمير نصري (1937 ـ 1997) أنه من أهم نقاد السينما العرب الذين ساهموا في تطور ذلك النقد من خلال آلاف المقالات والأحاديث التي نشرها في الصحف اللبنانية والعربية. ورغم انه مصري ولد وعاش في القاهرة، الا ان عمله في لبنان جعل البعض يتصور انه لبناني، ولم يكن هو يرى اي فرق بين مصر ولبنان. وقد بدأ نصري حياته الصحفية ناقدا للسينما في بعض المجلات والصحف المصرية التي كانت تصدر باللغة الفرنسية في مصر في الخمسينيات، ثم دخل عالم صنع الافلام عندما تعرف على يوسف شاهين وكتب له سيناريو فيلم فجر يوم جديد 1965 ـ ثم ذهب الى بيروت بهدف اخراج افلام واخرج فيلمين طويلين: شباب تحت الشمس ( 1996) وانتصار المهزوم (1967) وبعد توقف اخرج فيلما تسجيليا قصيرا: وهذا المساء لا يزال الجنوب في براثن الاعداء. 1972.وقد اختار فريد من مقالات نصري الوفيرة التي كان يرفض نشرها في حياته، محاوراته مع يوسف شاهين التي صدرت في كتاب بعد وفاته 1997 ثم محاوراته مع نجوم السينما في مصر، واخيرا محاوراته مع نجوم السينما العربية، الذي نحن بصدده هنا. ويقيم ثمانية عشر حوارا مع ثلاثة عشر مخرجا وممثلا ومونتيرا واحدا وممثلة واحدة. حيث ان من بينهم ثلاثة مخرجين أجرى مع كل منهم حوارين. ونراعى في هذا العرض ماهو باقي مستبعدين ماكان موقوتا حين اجرى الحديث ونشره في صحيفة يومية، ومايعطي صورة عن حال السينما العربية وبعض مبدعيها. يقدم لحواره مع الفنان اللبناني محمد سلمان أنه مطرب وممثل وأشهر مخرجي السينما اللبنانية الشعبية من منتصف الخمسينيات الى أواخر السبعينيات، وانه مخرج عصامي وقد حمله النقاد مسئولية الهشاشة التي اتسمت بها الصناعة السينمائية اللبنانية في سنوات انطلاقها المفتعل حين قاطعت بعض البلدان العربية الانتاج المصري لاسباب سياسية فاسرعت بيروت في محاولة تقليده للحلول محله. يلتقيه العام 1990 في مهجره القاهري وكان عمره وقتئذ 68 سنة. وكان قد ترك بيروت عام 1975، ويحدثه سلمان عن عمله في مجال الاغنية.. حيث وضع اناشيد للسعودية ومصر ولبنان. وتحقيقه في القاهرة لثلاثة أفلام بطولة وليد توفيق: من يطفئ النار وقمر الليل وأنا والعذاب وهواك يسترجع معه سلمان ذكرياته عن أول قدوم الى القاهرة في منتصف الاربعينيات حيث مثل فيلم الفلوس لعزيزة أمير ـ وبعد أن نجح الفيلم اتبعه بفيلم الخير والشر اخراج حسن حلمي مع نورهان التي أحبها وتزوجها. مثل سلمان في القاهرة 12 فيلما مصريا كان اخرها مهرجان الحب مع صباح، وخلال عمله مع المخرجين المصريين كان يتابع مايدور وراء الكاميرا وتكونت لديه فكرة عن الاخراج، اخرج عشرين فيلما اهمها اللحن الأول مع نجاح سلام ووديع الصافي، وانغام حبيبي معهما ايضا، ومرحبا ايها الحب انتاج مشترك مع مصر.. في لحظة اعتراف يقول سلمان لمحاوره النقاد كانوا يهاجمونني ويهاجمون افلامي.. قبلت بتنازلات على الصعيد الفني.يجري نصري حوارين مع المخرج اللبناني مارون بغدادي ـ الذي انتقل للعمل في باريس 1984 بعد ان انجز عددا من الافلام التسجيلية عن لبنان الحرب وفيلما روائيا طويلا حروب صغيرة. ونجح بغدادي في فرض نفسه بين المواهب الشابة الجديدة العاملة في السينما الفرنسية، اخرج للسينما الفرنسية الرجل المحجب بطولة برنارد جيرودو وميشيل بيكولي، وللتليفزيون لبنان بلد العسل والبخور - ومارا بممثلين فرنسيين، كما صور ببطء.. بطء في الريح بالانجليزية بممثلين انجليز وفرنسيين. يلتقيه نصري وهو يعد لمشروع جديد اخر عن لبنان وهو يعيش في فرنسا ـ يقول له سيكون لدي دائما اشياء أقولها عن لبنان، فهو بلد حياتي.. أعتقد ان مايثير الاهتمام كون مايحدث في لبنان أصاب نوعا من العالمية من حيث المواضيع الدرامية، على مستوى الصراعات، الرهانات والمجازفات. وحول اثر اقامته لسنوات في باريس قال إن هذه السنوات جاءته بشئ من الصلابة وافقدته شيئا من روح الفكاهة اللغة العربية هي اللغة التي اضحك بها. في باريس اصبحت أكثر وقارا، وقار لا يخلو من المرضية. وحول منهج ادارته لممثلين فرنسيين ولبنانيين يقول انه كان هادئا باردا عقليا مع الفرنسيين، عاطفيا مندفعا حادا مع اللبنانيين، وانه كان يشعر بأكبر فرحة في العمل مع نضال الأشقر وروجيه عساف، يرى بأن هذين الممثلين الممتازين حرما من حقهما في المزيد من العطاء للسينما. وبعد ان يقدم نصري تقريظا لفيلم كفرون لدريد لحام يسأله ما الذي دفعه الى المغامرة والقفز الى نوع مختلف تماما بعد النجاح العريض لفيلميه السياسيين: الحدود والتقرير يجيبه دريد: لا شئ سوى حبي للأطفال. تمكنت من تحقيق فيلم يتوجه الى العائلة. بيني وبين الاطفال حب متبادل ـ يسأله: هل كان دريد لحام الممثل عبئا على مخرج كفرون يجيبه بالنفي لأنني أصلا ممثل، لا مخرج.. أنا مخرج وبالتحديد لمواضيع دريد، لكنني اطلاقا لست مخرجا متمكنا لاعمال اخرين. وعن سبب رفضه مشاريع عديدة للاخراج. كانت اجابته أنا مخرج ردئ.. أنا مخرج لدريد فقط. المخرج السوري محمد ملص أجرى معه نصري حوارين ـ يفتح ملص له صدره ليحدثه عن السيرة الذاتية كانت وسيلته الأولى للتعبير عن حياته وأسرته هي الكتابة ثم بعد ان درس السينما صارت الأمور تتداخل بين التعبير بالكلمة والتعبير بالصورة ومن هنا كان ارتكازه على سيرته لوضع سيناريو روائي.. رغبته في الصدق وعدم اللجوء الى مواضيع متخيلة قاده الى غربلة سيرته الذاتية وان يأخذ منها مايعتقد انه منطلق نحو التعبير السينمائي. يسأله نصري: في احلام المدينة قصة والدتك الارملة وتجربتها التعيسة مع زوجها الثاني. قبل البدء هل اعطيت السيناريو لوالدتك كي تقرأه؟.. أجابه ملص: - والدتي لا تقرأ. انما كنت أحكي لها.. كانت تستغرب وتقول: ماشأن الناس بقصصنا الخاصة. ـ كيف كان رد فعل والدتك بعد مشاهدتها الفيلم؟ ـ خرجت امي وهي تبكي.. وهي تعتقد انها انجرحت شخصيا من التعبير عن اشياء كانت لها بمثابة ملكها الخاص.. لم تتابع كل الفيلم وخرجت فجأة في لحظة حساسة جدا.. لحظة خداع الام بالزواج رفضت ان تشاهد بقية الفيلم مرارا تقول لي: ماما دخلك في هذه القصص اصنع غيرها تخيلها من عقلك. بطلة فيلم احلام المدينة هي الممثلة اللبنانية ياسمين خلاط وأول تجربة لها بطولة فيلم نهلة للمخرج الجزائري الشاب فاروق بلوفة، ثم قامت ببطولة فيلم عزيزة للمخرج التونسي عبداللطيف بن عمار. وعن تجربتها مع محمد ملص في احلام المدينة تقول إنه شبه لوحة جدارية وحي دمشق التي عرفها ملص في طفولته، وان ملص جمع فريقا من حوله لاشخاص يعزونه ويعزهم في ايمان وإقتناع به، وان عالم البيت تناوله في شاعرية في بطء في تفاصيله الخفية الحميمة. القاهرة ـ فوزي سليمان: