الاحد 13 محرم 1424 هـ الموافق 16 مارس 2003 ان هذا الحشد الكبير من عشاق الفن السابع ومن المثقفين والكتاب والنقاد بمثابة تكريم لمخرج من جيل الرواد هو كمال عطية واهتمام بتراث السينما المصرية، من خلال عرض فيلم له يعود تاريخ عرضه الأول إلى العام 1961 ، الفيلم هو «رسالة إلى الله» وقد تم عرضه مؤخرا في افتتاح برنامج «إعادة إكتشاف أفلام مصرية» الذي نظمته لجنة السينما بالمجلس الاعلى للثقافة بإشراف مقررها الناقد سمير فريد وإعداد الباحث محمود قاسم. وقد قوبل المخرج كمال عطيه وهو يحمل على كتفه أربعة وثمانين من الاعوام من مواليد 1919وأربعة وعشرين فيلما روائيا طويلا باحتفاء من الحضور الذي كان من بينهم الكاتب المسرحي الفريد فرج ، والاستاذ الاكاديمي الدكتور «نبيل راغب» - عميد معهد النقد الفني السابق إلى جانب جيل جديد من النقاد والصحفيين الشبان تتاح لهم فرصة مشاهدة أفلام قديمة يعاد أكتشافها. في تقديم الباحث الدكتور ناجي فوزي لفيلم «رسالة إلى الله» يلاحظ تنوع إتجاهات أفلام المخرج كمال عطية بين الدراما الاجتماعية ذات الطابع الرومانسي كما في فيلمه « بنت 17» 1958والغنائي كما في فيلمه حياتي كثيرة «1950»، والحركة والمغامرة كما في فيلمه «قتلت زوجتي «1956» ويعد فيلم آخر من يعلم «1959» التجربة السينمائية الوحيدة لإنتاج فيلم مصري كامل من خلال شركة إنتاج سينمائية أميركية عالمية ، كما يمثل فيلم «قنديل أم هاشم 1968» عن قصة يحيى حقي أول إتصال سينمائي بالأدب المصري ، في حين يعتبر فيلم «الشوارع الخلفية 1974» رواية لعبد الرحمن الشرقاوي الفيلم الاجتماعي ذي الطابع السياسي أما أخر أفلامه «الفتوه 1983» فيعتبر دراسة نفسيه صرف. أما فيلم إفتتاح إعادة اكتشاف أفلام مصرية رسالة إلى الله 1961 ، فيعتبره تجربه تربوية جريئة غير متكررة على الشاشة المصرية - ولا يوافق الباحث من ذهب إلى اعتباره فيلما دينيا - محمود قاسم في كتابه صورة الأديان في السينما المصرية لأنه يناقش قضية إيمانية حيث يناقش مسألة الأيمان بالله وعلاقة البشر بالمطلق وعن الكاتب أحمد حمروش ينقل قوله انه يكسر قشرة الجمود التي تفيد اخلاقنا وأنه يتميز بالجرأة الحادة. الفيلم عن قصة لإبراهيم زكي مراد والد المطربة ليلى مراد سيناريو عبد الحميد جوده السحار، إنتاج شركة الكواكب إبراهيم زكي مراد وشركاه - تمثيل مريم فخر الدين وأحمد خميس وحسين رياض وأمينة رزق ، وعبد المنعم إبراهيم وسيد أبو بكر وسهير البابلي ونظيم شعراوي وطفل وطفله. يتناول الفيلم كيف يمكن أن يواجه الكبار قضية الإيمان بالله تعالى عندما يثيرها الصغار - فإن الطفلة الصغيرة عائشة عندما تسأل والدها عن الله يسخر عقله لتفسير ذلك الإيمان المستقر في الوجدان - وجدانه هو كإنسان بالغ عاقل ناضج ووجدان طفلته التي تخطى خطواتها الأولى في طريق الإيمان ذاته، وتؤكد أحداث الفيلم إيجابية منهج الوالد التربوي وفي تحليل الفيلم يرى الدكتور فوزي أن رسالة الفيلم التربوية قد تحققت عن طريق عناصر في مقدمتها الحوار ويرجع الفضل فيها للكاتب الكبير عبد الحميد جوده السحار. أما عن الأداء التمثيلي للأطفال في الفيلم فقد أسهب النقاد وقتئذ في وصف براعته حيث أكدوا على أداء الطفلة زاهيه أيوب وتوقعوا لها مستقبلا عظيما مثل النجمة الأميركية شيرلي تمبل وهذا ما لم يتحقق وأثنى النقاد على قدرة المخرج في إدارة الأطفال في أدائهم المنفرد أو مع الكبار كما يشير الباحث بأهمية المفردات المرئية ومكونات الصورة السينمائية وينقل لنا تعليقات نقدية نشرت عن الفيلم بعد عرضه وكيف اعتبره البعض فتحا جديدا للسينما العربية. ويرى الباحث أنه تبقى للفيلم بجانب قيمته الفنية والفكرية - قيمته التربوية المتميزة حيث يوضح الفيلم أن توجيه النشء إلى الإيمان ليس بمجرد التقليد فحسب ، بل عن طريق الاقناع بالوسائل المناسبة وهي فكرة تربوية جريئة في مجال التنشئة الدينية للصغار بعد عرض الفيلم بالمجلس الأعلى للثقافة تحدث كثيرون عن مزايا باقية للفيلم والذي يعاد اكتشافه وتقييمه بطريقة قوية الناقد مصطفى عبد الوهاب الذي بالفيلم كعمل فني صالح للصغار والكبار على السواء لما له من قيمة فنية وتربوية عالمية كما رأي الدكتور نبيل راغب أن الفيلم قد خرج عن دائرة الأفلام النمطية في السينما المصري ، وأن إخراجه يتسم بأسلوب شاعري مرهف وأنه حافل بالدلالات الإنسانية واللمسات الفنية ، وأنه إستخدم الأضواء والظلال في فيلم ابيض وأسود بأسلوب شاعري. وكان الفيلم قد حاز على جائزة فضية بمهرجان لورك الدولي بأيرلندا وهو مهرجان مخصص للأفلام القصيرة، كما حاز على تقدير منظمي المهرجان وعلى اعجاب الجمهور ، وتسلمت الفنانة لبنى عبد العزيز الجائزة بسبب وجودها في بريطانيا في ذلك الوقت.