بعد رحلة طويلة، قضاها المخرج والكاتب الأميركي ستان لي (95 عاماً)، صحبة ثلة من الأبطال الخارقين، وضع، أول من أمس، النقطة الأخيرة في حياته، تاركاً وراءه مجموعة كبيرة من القصص المصورة، التي خرجت من بين دفتيها العديد من الشخصيات الخارقة التي يعود الفضل إلى ستان في ابتكارها، ودب روح الحياة في أجسادها بعد تمكينها من الوصول إلى شاشات السينما، لترتبط هذه الشخصيات .

وعلى رأسها «سبايدرمان» و«آيرون مان» بعلاقة حب مع أجيال عدة، لا تزال حتى اليوم تنتظر إطلالتها في أروقة الصالات. رحيل أسطورة مارفيل عن الدنيا، كان كفيلاً بأن يخلف وراءه فراغاً كبيراً، ستظل تفقده شخصياته «الخارقة»، وكذلك رفاقه الذين اشتغلوا معه كثيراً خلف الكواليس، فطالما مثل ستان مصدر إلهام لمحبي الكوميكس وشخصياتها على اختلاف مشاربها وألوانها.

ولعل تعبير شريكه شاين دافي، المدير التنفيذي لشركة بو انترتيمنت للإعلام الترفيهي، بأن ستان «رائد مبدع حقيقي لا مثيل له»، قد يكون أفضل وصف لأسطورة مارفيل الراحل، والذي كان قد ولد في 1922، وبدأ العمل في قسم القصص المصورة في شركة «تايملي بابليكيشينز» - التي تحولت لاحقاً إلى «مارفيل كوميكس».

وتمكن سريعاً من التربع على قمة القسم، بمجرد بلوغه لسن الـ 18، ليعكف على مدار سنوات في كتابة العديد من القصص المصورة البسيطة، التي ركزت في مواضيعها على الجريمة والرعب ورعاة البقر، حيث كانت موجهة إلى الشباب.

معارضة

وما إن وضع ستان قدميه على عتبة الأربعين، حتى قرر التخلي عن القصص المصورة، لتأتيه المعارضة الأولى من زوجته الراحلة جوان، التي حثته على ابتكار شخصيات جديدة، طالما أراد الكتابة عنها، فما كان منه إلا أن توجه للعمل مع جاك كيربي.

حيث ابتكر شخصيات فريق «فنتاستك فور»، وكان ذلك في 1961، ليواصل من بعدها ابتكار شخصيات استطاعت أن تثبت وجودها على الساحة. إبداع ستان لي لم يتوقف عند حدود «سبايدرمان» ورفيقه «آيرون مان»، وإنما تجاوزهما نحو ابتكار شخصيات أخرى، على رأسها «هالك»، أو ما يعرف عربياً باسم «الرجل الأخضر»، وكذلك شخصية «سيلفر سيرفر».

والتي أطلت إلى جانب شخصيات «إكس مين»، و«كابتن أميركا»، و«ولفرين» وغيرها الكثير. ظل ستان لعقود طوال وحتى اعتزاله العمل في مارفيل كوميكس في 1971، مسؤولاً عن تصميم أغلفة سلسلة مارفيل للقصص المصورة، الأمر الذي ساهم في رفع مبيعاتها، لتعانق السماء.

حيث كانت مارفيل تبيع نحو 50 مليون نسخة سنوياً، من هذه السلسلة، التي أطل منها «بلاك بانثر»، أول بطل خارق أسود، واستطاع بعد عقود أن يطل خلال العام الماضي على الشاشة الكبيرة في فيلم حمل اسمه، الأمر الذي مثل نقلة نوعية في عالم مارفيل.

التزام

ورغم المتاعب الصحية التي واجهها ستان خلال السنوات الأخيرة، إلا أن ستان ظل حافظاً لعلاقته مع الشخصيات التي ابتكرها، وملتزماً في الوقت نفسه تجاه معجبيه، بابتكار شخصيات جديدة لهم، في حين لم يشهد صناع الأفلام يوماً تخلفه عن تلبية دعواتهم له بالظهور كضيف شرف في أفلام مارفيل، رغم تركه للشركة في 1972، وظل يشغل منصب رئيسها الفخري.

رحيل ستان عن الدنيا، كان لا بد أن يخلّف فراغاً واضحاً، ليس على الساحة فقط، وإنما في قلوب من عرفوه الذين تسابقوا على نعيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد وصفه بوب إيغر، رئيس شركة والت ديزني، التي استحوذت في 2009 على شركة «مارفيل كوميكس» مقابل 4 مليارات دولار، بأنه «بطل خارق في حد ذاته».

في حين، آثر الممثل هيو جاكمان، الذي ارتدى قناع شخصية ولفرين في سلسلة «إكس مين»، وصفه بـ«قوة رائدة في عالم الأبطال الخارقين». أما الممثل كريس إيفانز، بطل فيلم «كابتن أميركا»، فقال عبر موقع «تويتر» على مدى عقود، قدم للصغار وللكبار المغامرة والهرب والراحة والثقة والإلهام والقوة والصداقة والفرح، والحب.. سيترك أثراً لا يمحى على كثير من الأرواح.