صدر، أخيراً، عن مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، كتاب "قصص من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، لمؤلفه المفكر دنيس جونسون ديفيز (عبدالودود). ويعد الكتاب من المؤلفات القليلة في العالم، التي تخاطب شريحة الفتيان والشبان الصغار، من الذين لم يكتمل نضجهم بعد، باللغتين العربية والانجليزية، مقدماً لها غذاءً فكرياً يعينهم على الإحاطة بما يجري في محيطها، من ظواهر طبيعية وفكرية وفلسفية.

ملامح وقيمة

يعد هذا الكتاب، الوحيد تقريباً، الذي يخاطب هذه الشريحة الواسعة من المجتمع، بلغة إنجليزية بسيطة وواضحة ومشرقة، إذ يحولها ديفيز إلى جسر ينقل عبره إلى الناشئة، القيم الإسلامية والحقائق الأساسية المتعلقة بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويقول الدكتور عز الدين إبراهيم في مقدمة الكتاب: "كتب هذا الكتاب أصلاً للناشئة المسلمين، غير الناطقين باللغة العربية، أينما وجدوا حول العالم، ولكنه في الوقت نفسه، يقدم صورة مختصرة، تجمع ما بين الدقة والسلاسة عن حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، للقارئ الغربي غير المسلم".

من الملامح المهمة أيضاً في الكتاب، أنه يعود إلى أمهات الكتب، وفي مقدمها: "سيرة ابن هشام"، لكي يستلهمها ويقدم قراءة معمقة في جوهرها بأبسط الأساليب وأكثرها جاذبية وتشويقاً، كما يقدم لنا محطات محورية ومركزية في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومسيرة دعوته. ويبرز الكتاب القيم الإسلامية النبيلة، التي تقوم أساساً على المحبة والتسامح.

أحداث وسير

يقع "قصص قصيرة من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، والذي أشرف عليه الشاعر حبيب الصايغ مدير عام مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام- رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، في 318 صفحة، باللغتين العربية والانجليزية، ويحتضن صفحاته غلاف سميك، ملون وفاخر، ويتضمن الكتاب، عدداً من الرسومات الملونة للفنان فراس نعوف.

وعمد المؤلف إلى توزيع القصص النبوية فيه على 30 فصلاً، تحمل عناوين عديدة، منها: "الراهب بحيرة"، "طفولة محمد صلى الله عليه وسلم"، "أركان الإسلام والأذان"، "إنسانية محمد صلى الله عليه وسلم". كما يعرج المؤلف في كتابه، على المعارك التي خاضها المسلمون، مثل: بدر، أحد. ويتحدث أيضاً عن فتح مكة وحجة الوداع ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن بين الشخصيات الرئيسية التي يأتي المؤلف على ذكرها: والدة النبي صلى الله عليه وسلم: آمنة، والده عبدالله، جده عبدالمطلب، عمه أبي طالب، علي بن أبي طالب (ابن عمه وزوج ابنته فاطمة)، أبو بكر الصديق (صديقه)، فاطمة (أصغر بناته الأربع، وزوجة علي وأم الحسن والحسين)، خديجة (زوجته الأولى)، عمر بن الخطاب (أقوى مؤازري الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وابن أخت أبي جهل). لكن على الرغم من أهمية كل شخصية من هذه الشخصيات التي تعكس حياة كل منها، جانباً من الرسالة المحمدية، إلا أن أهمية إعادة إنتاجها على النحو البسيط الذي تظهر عليه في الكتاب، تكمن بتقديمها صورة حقيقية عن الإسلام ورجالاته، تسير عكس تيار الصورة النمطية التي تحاول دوائر غربية، فرضها على العالم. بطاقة

 

دنيس جونسون ديفيز، مستعرب عريق. درس على يد كبار المستشرقين والمفكرين. اعتنق الإسلام وأطلق على نفسه اسم "عبدالودود". أما على مستوى منتجه الفكري، فأنجز الكثير من الأعمال، من بينها عملان مهمان، إذ ترجم بالتعاون مع الباحث الدكتور عز الدين إبراهيم، ثلاثة مجلدات من الحديث الشريف، طبعت مرات عديدة، ووزعت في مختلف أرجاء العالم، وترجم مع الباحث المذكور نفسه، معاني القرآن الكريم، مرتبة بحسب الموضوعات، كالصلاة والزكاة والحج، وغيرها. وهذا العمل الضخم رهن الطباعة، حالياً.

وعلى صعيد الترجمة، قدم ديفيز 30 مجلداً من عيون الأدب العربي، نقلها من العربية إلى الانجليزية. ووصفه المفكر الراحل الدكتور إدوارد سعيد، بأنه رائد ترجمة الأدب العربي في زماننا. أما أحدث كتبه، فصدر، أخيراً، عن الجامعة الأميركية في القاهرة، وهو مجلد ضخم يضم ترجمات لقصص مصرية قصيرة.