الإنسان خلاصة اللغة، هذا ما أكده الدكتور إياد عبد المجيد إبراهيم الأستاذ بجامعة العين، الذي قال إن لغتنا العربية كانت متقدمة في الستينات من القرن الماضي، وعالمية في المحافل الدولية. ولكن بات عليها مكتوب أن تموت في نهاية القرن الحالي بحسب تصورات اليونسكو.

هذه الإشكاليات وغيرها ناقشها د. إياد عبد المجيد إبراهيم خلال محاضرة نظمتها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بعنوان "مهارات الاتصال والتواصل في الأدب العربي" والتي ألقاها مساء أول من أمس في قاعة المحاضرات في المسرح الوطني في أبوظبي.

اللغة هوية

تطرق د. إياد عبد المجيد إبراهيم في بداية المحاضرة إلى العديد من تعريفات اللغة وقال بأنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم، وتتفق مختلف الأجناس البشرية على هذا، مشيرا إلى أن المهارات اللغوية تتجلى في إحكام النطق، والكتابة والفهم، وتمرس وتداول بالنسبة للمتكلم والمستمع. وأضاف إن هناك مهارات الصرف والبلاغة، وإتقان الدلالة والأسلوب، وكلما أجاد ذلك أصبح ماهرا باللغة. وأكد أن اللغة كائن حي وهي ثقافة الإنسان وهويته، واعتياد لغته تؤثر في عقله وخلقه ودينه.

وقال إبراهيم إن الأدب يشكل رافدا من روافد الثقافة وسمة من سمات الحضارة، ويسهم مساهمة جادة من خلال اللغة في صياغة هوية الفرد والمجتمعات، حيث لا توجد ثقافة تخص مجتمعا معينا حاليا، بل هناك عولمة تتواصل من خلالها الثقافات مؤثرة ومتأثرة.

وأشار إلى أنه إذا كان أفلاطون قد استبعد الشعراء في مدينته الفاضلة، فإن أرسطو قال إن للشعر وظيفة متصلة بالطبيعة الإنسانية، بينما كان الشاعر في العصر الجاهلي يسمى "نبي القبيلة" فهو لسان العشيرة، ويعادل الآن العديد من الفضائيات.

مسؤوليات المثقف

عن الإشكاليات التي تواجه تعامل العرب مع لغتهم، قال إياد عبد المجيد إبراهيم :"للغة وظائف كثيرة، لكننا لم نحسن استخدام وظائفها، وأن هناك ألفاظا تموت وأخرى تنبعث من جديد، ولكنها تقوم بذات الوظائف. وبعد أن تساءل هل اللغة العربية بحاجة إلى تطوير"، وأكد أن لغتنا تحتاج إلى تطوير وإحياء. فإحياء اللغة هو إحياء للأمة. وأشار: "من مسؤوليات الأديب والمثقف أن يقف اليوم بوجه من ينعت العربية بأنها غير معاصرة، مع العلم أننا نحن الفعالون بها هذا".

ونوه إلى أن للغة العربية تأثيرا على معظم اللغات الأوروبية، إذ توجد ثلاثة آلاف مفردة في القاموس الفرنسي من اللغة العربية، ويتكرر هذا بشكل أقل في الإسبانية واليونانية، وهو ما يدل على حيوية اللغة.

وأكد المحاضر أن إقصاء اللغة العربية جاء كنتيجة لما نفعله في البيت والشارع، فالتطوير يجب أن يبدأ في العلوم خاصة في ظل الانفجار المعرفي. ويبدأ من حماية اللغة من التراجع والتدني، وقال: "هذا ما تفعله بعض الدول، مثل الفرنسيين الذين أصدروا قرارا بالسجن والغرامة لمن يحرر وثيقة بغير اللغة الفرنسية. ونوه إلى العلاقات المتواترة في اللغات وهي أن اللغات المهيمنة تؤثر في اللغات الأضعف، لذلك يحاصر المستعمر لغة الدولة التي يستعمرها.

ورأى د. إياد عبد المجيد إبراهيم أن التطوير في اللغة لا يعني التحرر من الإلتزام. وحدد في هذا ست وظائف للغة وهي المرسل وله وظيفة إنفعالية، والمرسل إليه ويتأثر بما وصل إليه، أما الرسالة فوظيفتها جمالية، والمرجع وظيفته مرجعية، والقناة وظيفتها اتصالية، واللغة وظيفتها لفظية.

كما تناول إبراهيم في محاضرته الترجمة، واستشهد برواية "المتشائل" لإميل حبيبي التي تعكس أزمة الهوية لدى الفلسطينيين من مواطني "إسرائيل". وأشار إلى أن الشاعر محمود درويش عبر أيضا عن شعوره إزاء مصادرة الهوية.

أخطاء

 

أشار المحاضر إلى ظاهرة عدم استخدام اللغة العربية السليمة، معتبرا الإعلام القاطرة التي تقطر اللغة العربية، من خلال ترويجه للعديد من المصطلحات الخاطئة مثل أن يقول نشطاء، بدلا من أن يقول ناشطون، وغيرها الكثير.