المؤرخ حميد بن سلطان بن حميد بن سلطان بن خميس بن سبت الشامسي، وهذا نسبه حسبما جاء في إحدى مخطوطاته، ولد بإمارة أم القيوين في عام 1314 هـ الموافق لعام 1896م، تلقى علومه على يد الشيخ أحمد بن سيف بن يوسف آل يوسف أحد علماء أم القيوين آنذاك، فدرس عليه القرآن الكريم واللغة العربية وعلومها من نحو وصرف، ودرس علوم الحساب وغيرها من العلوم التي كانت متاحة آنذاك.
تولى منصب كاتب الديوان لدى حاكم أم القيوين المرحوم الشيخ أحمد بن راشد المعلا (1929-1981)، واستمر في هذا المنصب ستة عشر عاماً، غادر بعدها إلى قطر في فترة حكم الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني، واستقر هناك فترة من الزمن، ليعود في عام 1961 إلى الوطن.
وبعد قيام الدولة، عين عضواً بلجنة الجنسية بالإمارة، حيث أنيط بهذه اللجنة التعريف بالمواطنين لإثبات جنسيتهم حسب قانون الجنسية، لعلمه بالأنساب ومعرفته بالبلاد وساكنيها، وقد عين ابنه معالي راشد بن حميد وزيراً للشباب والرياضة في أول حكومة تم تشكيلها بعد قيام الاتحاد.
تاريخ ومخطوطات
اهتم المرحوم حميد بن سلطان بالعلم والتاريخ وعلم الأنساب، والتأليف في هذه العلوم، وكان نتيجة اهتمامه هذا وتفرغه للتاريخ والأخبار أن وضع كتباً أربعة في موضوعات متقاربة، جعل لكل كتاب منها اسماً ومقدمة، وأرخ تاريخ كتابته.
ورغم ذلك فإن الدكتور فالح حنظل الذي اطلع على هذه المخطوطات وعني بتحقيقها أصدرها في كتاب واحد بعنوان «نقل الأخبار في وفيات وحوادث هذه الديار»، والذي صدر عام 1986م وأوقف توزيعه بقرار من وزارة الإعلام، ويقول في ذلك ابنه معالي راشد بن حميد إنه راجع الشيخ زايد، رحمه الله، في الموضوع، فانزعج من أمر الوقف، ووجه بأهمية توزيعه، إلا أن الوزارة بالتنسيق مع لجنة التراث والتاريخ لم تنفذ ذلك.
أخبار الديار
كتابه »نقل الأخبار في وفيات المشايخ وحوادث هذه الديار« كتاب قدم له مؤلفه بقوله: »ليعلم الواقف عليه بأني تتبعت الحوادث الواقعة في هذا الساحل والوقعات (الحروب) ووفيات المشايخ التي رسمها الكتّاب في دفاترهم، مجتمعة كما رأيته، لينتفع به من يقف عليه، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب».
ووقع بقوله: « بقلم جامعه العبد الضعيف المفتقر إلى عفو الكريم اللطيف حميد بن سلطان بن حميد بن سلطان بن خميس بن سبت الشامسي»، وأرخ له في 15 محرم 1360 هـ، وهو في 59 صفحة، والكتاب يتناول الأحداث والوقائع التي تمت كما يقول إنه نقلها من كتب من سبقوه، وقد جاء بها على نظام الحوليات، حيث يذكر الحول »العام«، وما حدث فيه من أحداث، وقد ابتدأه منذ عام 1149 هـ حتى 1196 هـ، شارحاً وموضحاً بعض الأحداث.
نظرة تاريخية
أما «نظرة تاريخية في الخليج» فهو مخطوط في 41 صفحة قدم له مؤلفه بنبذة حول الخليج، مما قاله المؤرخ عبدالوهاب أفندي المحامي البغدادي حول الإنجليز وعلاقتهم بمنطقة الخليج، وجاء تاريخ المخطوطة كما رسمه المؤلف بقوله: »بقلم العبد الضعيف حميد بن سلطان الشامسي 27 محرم سنة 1360 هـ».
وجاءت موضوعاتها على النحو الآتي: مسقط البحرين قطر ساحل القرصان (يعني منطقة الإمارات، حيث شاعت لدى الإنجليز هذه التسمية للمنطقة لاتهامهم أهلها بقطع الطرق البحرية) جلفار مدينة هرمز الجزيرة الحمراء)، وقد كتب نبذة عن كل منها، أسهب وأطنب أحياناً في وصف بعضها وأوجز أحياناً.
تاريخ الساحل المتصالح
من مؤلفاته أيضاً «تاريخ ساحل عمان المتصالح»، وهو مخطوطة عدد صفحاتها 37 صفحة، جاء في خطبتها مقدمة للمؤلف بقوله: »الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على خاتم أنبياء الله سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه على اقتفاء دين الله.
أما بعد، فهذه نبذة بسيطة كتبتها حين سنحت لي الفرصة عن أحوال هذا الساحل، وعن تطوراته ومن تلك الحقبة الزمنية إلى يومنا هذا، أعني سنة 1370هـ، باختصار«. ويقول: »إنني لست من أهل هذا الشأن، ولا ممن يجول في هذا الميدان، ولكن تشبهاً بتلك الفرسان كما قيل:
تشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
ومن الله أستمد المعونة والصواب، إنه على ما شاء وما لم يشأ قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل«.
وقد وقعه بقوله: »بقلم جامعه الضعيف المفتقر إلى رحمة ربه المنان عبده حميد بن سلطان العماني الشامسي في 12 جمادي الآخرة في سنة 1370 هـ«، وجاءت موضوعات الكتاب على النحو الآتي: مسميات ساحل عمان والتعريف به المواقع والحدود الجو والهواء (الطقس) الحالة الاقتصادية الأبنية والدور الملابس والزي الزراعة وحاصلاتها (المحاصيل) المخترعات الحديثة التجارة الصناعة المعارف والعلوم الدينية الملاجئ والمستشفيات استعمال المكيفات (المنبهات) الجبايات والرسوم البرتغاليون في الخليج المعاهدات والتحالفات امتياز النفط الأحكام المفروضة على أهل الجنايات)، ووضع لكل عنوان منها شرحاً قل أو أكثر حسب المعلومات اللازمة والمتوافرة.
أنساب القبائل
أما كتاب »أنساب القبائل« فيقول المؤلف في خطبة الكتاب: »اعلم وفقني الله وإياك أني رأيت الناس يتخبطون في معرفة أنساب القبائل، فيرفعون أناساً ويحطون بآخرين، فأحببت أن أذكر في هذه العجالة معرفة كل قبيلة حسب ما وقفت عليه في كتب أهل الأنساب، وإليك البيان والله الموفق للصواب».
ويقول قبل المقدمة: بقلم الراجي عفو المنان عبده حميد بن سلطان بن حميد بن سلطان، وأرخه في 12 صفر 1392، وهو في 13 صفحة، وتناول فيه أنساب القواسم، وآل بو فلاح، وآل بني ياس، وآل بوفلاسا القراطسة حكام عجمان، وآل علي حكام أم القيوين، منطقة زعاب.
مؤلفات
يتضح لنا أن المرحوم حميد بن سلطان الشامسي قد وضع أربعة كتب، وليس كتاباً واحداً، ويؤكد ذلك أن لكل كتاب خطبة وتاريخاً، وهذه الكتب هي »نقل الأخبار في وفيات المشايخ وحوادث هذه الديار« في 15 محرم 1360 هـ، و«نظرة تاريخية في الخليج» في 27 محرم 1360هـ، و«تاريخ ساحل عمان المتصالح» في 12 جمادي الآخر 1370 هـ، و«أنساب القبائل» في 12 صفر 1392 هـ.
إعادة طباعة
كُتب حميد بن سلطان الشامسي الأربعة ضمها الدكتور فالح حنظل لتصدر في كتاب واحد، وهذا إجحاف في حق المؤلف، وإذا كان الكتاب الذي أصدره فالح حنظل تم وقف توزيعه تحفظاً على بعض الأحداث والمواقف، فإن بعض الكتب ليس فيها ما يستدعي التوقيف لو صدرت منفردة.
وهنا دعوة إلى معالي الوزير حميد بن سلطان، ابن المؤلف، ليعطي الإذن لمن يشاء ليقوم بإعادة طباعة هذه المادة، ليتم تعميمها على الناس، ليستفيدوا بما فيها من معلومات، وليحفظ حق المؤلف بأن تكون له كتب على أرفف المكتبة يسجل بها ما يحق لنا أن ندافع به عن مثقفي تلك المرحلة وعن جهودهم في البحث والتأليف، مهما كان تواضع المادة والمعلومات الواردة، فهي محاولة تمثل جهد المقل.
نحمده ونقدر له هذا الجهد الذي يقف به بين الكتّاب والمؤلفين.