وسط أجواء رمضانية مميزة أقيمت أول من أمس، جلسة نقاشية بعنوان «الأمثال الشعبية وموروثها القيمي»، وذلك بمعهد الشارقة للتراث وباستضافة المحاضر علي المطروشي مستشار التراث والتاريخ المحلي بدائرة التنمية السياحية في عجمان، الذي وضح مفهوم ونشأة المثل الشعبي وسط مجموعة من الباحثين والمهتمين في مجال الثقافة والتراث، مؤكداً قوتها كمرآة للحكمة ومستودع تقاليد الشعوب.

خلاصة التجارب

وأكد عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث في افتتاح الجلسة أهمية الأمثال الشعبية كموروث شفهي ثقافي وجزء من التراث الشعبي الذي يشكل ثروة كبيرة من الآداب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافة المادية والفنون التشكيلية والموسيقية.

وأضاف: «إن الأمثال الشعبية مرآة صادقة لحكمة الشعب ومستودع للعادات والتقاليد، كما أنها تعتبر خلاصة التجارب الإنسانية واختزال للخبرات الفردية والجماعية، وهي تصدر عمن أوتوا الحكمة والمعرفة الشعبية أو تتشكل بفعل التداول من خلال مواقف معينة وانسجامها مع الوجدان الشعبي».

المتوصِّف

وأوضح المطروشي مستشار التراث والتاريخ المحلي أن المثل هو لفظ يخالف لفظ المضروب له ويوافق معناه، وأضاف أن العوام أطلقوا على المثل اسم الوصف، كما سموا قائل المثل بالمتوَصِّف فقالوا: «يقول المتوصِّف كذا وكذا». وتطرق إلى مزايا الأمثال الشعبية وعلى رأسها ارتباطها باللهجة العامية الدارجة، ما جعلها مفهومة لدى مختلف المستويات الثقافية، وهي تعبر عن منظومة القيم الأخلاقية والاتجاهات النفسية الاجتماعية لدى الشعب من خلال انعكاس معطيات البيئة المحلية بكل جوانبها الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية عليها فعادةً ما يتضمن المثل حكمة أو بعضها بالإيجاز وغلَبة روح الفكاهة والخفة والظرف عليها.

قيم اجتماعية

واستعرض المطروشي نماذج عدة من الأمثال التي كانت ترصد أحداث الحياة الاجتماعية وتعكس الجانب الثقافي من البيئة المحلية، وتخلق اتجاهات إيجابية لدى الناس من خلال ما تحمله من قيم اجتماعية سامية ومن الأمثال التي تشكل من المصادر التاريخية لمعرفة نفسيات الشعوب وتطورها الفكري والذهني والحضاري والأخلاقي عبر الزمن.

كالمثل التالي: «يوم نعلوا الخيل يت الخنبسانه وقالت: نعلوني» وهي بمعنى حينما تم تركيب حدوات للخيول جاءت الخنفساء وقالت: أريد منكم أن تركبوا لي حدوة مثلها، وهي تقال للشخص الذي يطلب أشياء لا تناسبه ولا تتوافق معه.

وفي مثل آخر «عن مال ابوها عيزانه وين بتبيدر» بمعنى عاجزة عن الاعتناء بنخيل أبيها فكيف تستطيع أن تعتنى بنخيل الآخرين مقابل أجرة، وهذا المثل يوضح انعكاس وتأثير البيئة المحلية على الحياة الاجتماعية.

وأكد المطروشي أهمية الأمثال في تعديل سلوك الأفراد من خلال تأثيرها النفسي عليهم، فهي كفيلة بخلق اتجاهات إيجابية نظراً لما تحمله من قيم اجتماعية سامية، كما تعد من أهم المصادر التاريخية لمعرفة نفسيات الشعوب.

مكونات ثقافية

وعلى صعيد متصل تحدث الدكتور سالم زايد الطنيجي محاضر في جامعة الشارقة قائلاً: «الأمثال الشعبية واحدة من مكونات الثقافة في دولة الإمارات نتجت عن معاناة الشعوب قديماً في الحياة اليومية خلال تعرضهم لمواقف معينة».

وأضاف بدوره راشد بن هاشم باحث في التراث من إمارة دبي، إن ما نتداوله اليوم من أمثال شعبية ما هي إلا أمثال تنمقية وإعلامية لم تكن موجودة في ماضينا ولا حتى في حاضرنا تأثرت بالوضع الاجتماعي السائد في عصرنا الحالي وما يتسم به من وجود حالات اجتماعية، حيث تجد اليوم أفراد الأسرة الواحدة في اتجاهات مختلفة وربما متضاربة.

شكل ومعنى

ذكر علي المطروشي العديد من الأمثلة وأبرزها من الأمثال الشعبية السائدة في الإمارات والوطن العربي، كما أوضح وجود تشابه إلى حد كبير فيما بينها من حيث الشكل والمعنى والمفردات ومن تلك الأمثال «لو فيه خير ما عافه الطير»، و«اللي لادغنه الحنيش يتروع من الحبل».