أيام قليلة ويُسدل الستار عن المبادرة الأولى من نوعها »تحدي القراءة العربي«، والتي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للنهوض بالجيل الناشئ، وإخراجه من عتمة الجهل إلى نور العلم، فالكتاب، بعد الإعلان عن هذه المبادرة، أصبح في كل بيت عربي، لتبدأ أزمة عدم قراءة الطالب العربي في التلاشي.
ويتحول الحلم إلى واقع ملموس، فقد تعدى عدد الكتب التي تمت قراءتها بعد المبادرة 150 مليون كتاب، في 365 يوماً، وخلال الشهر الجاري، سيتم تتويج بطل التحدي في حفل ضخم بدبي أوبرا.
حفل التتويج
وعن آخر التطورات والاستعدادات في كل بلد عربي، لا سيما أن التصفيات أوشكت على الانتهاء، تقول نجلاء الشامسي، أمين عام مشروع تحدي القراءة العربي:
لقد انتهت المراحل الثلاث الأولى من التحدي، والتي تجرى في الدول العربية المشاركة في الدورة الأولى من تحدي القراءة العربي، وشهدت عواصم تلك الدول تفاعلاً رسمياً وشعبياً كبيراً، توج بإقامة احتفالات خاصة لتكريم أوائل الطلبة الذين حققوا المراكز العشرة الأولى، ونجحوا في عبور مرحلة التصفيات الإقليمية خلال شهري أبريل ومايو الماضيين.
واللذين تم خلالهما أيضاً الإعلان عن الفائز الأول في كل قطر عربي. وسيصل إلى دبي الأوائل عن كل قطر عربي مشارك في تحدي القراءة العربي، وعددهم 18 من المرشحين للمرحلة الأخيرة من التحدي، التي ستنفذ في دبي خلال الفترة من 22 إلى 24 من أكتوبر الجاري، وذلك عبر لجنة تحكيم متخصصة.
حيث سيتم إخضاع الطلبة لاختبارات وفق أعلى المعايير، ليصار بعدها إلى الإعلان عن بطل التحدي خلال حفل ضخم، سيقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وبحضور أولياء أمور الطلبة الفائزين في الدول العربية، والمشرفين المميزين ومديري المدارس، إلى جانب عدد كبير من الشخصيات الرسمية من الدولة وخارجها، وممثلي البعثات الدبلوماسية العربية لدى الدولة.
تنمية المهارات
تشير الشامسي إلى أن الهدف من »تحدي القراءة العربي«، جعل طلبة المدارس يقرؤون 50 كتاباً سنوياً، وهو أعلى من المعدل الغربي. وهي مبادرة جديدة، تضاف إلى عظيم المبادرات التي قدمتها دبي ودولة الإمارات للمنطقة والأشقاء العرب، مؤكدة أنها تتوقع أن يسهم المشروع في ثورة فكرية شاملة لدى الجيل الصاعد من الشباب من طلبة المدارس حالياً، وقادة مسيرة النهضة العربية مستقبلاً.
حيث إن المشروع الكبير سيسهم بلا شك في رفع مستوى الوعي بأهمية القراءة لدى الطلبة المشاركين كافة على مستوى العالم العربي، وتعزيز الثقافة العامة لديهم، وتنمية مهارات التعلم الذاتي والتفكير الناقد والإبداعي، إلى جانب تنمية مهاراتهم في الاستيعاب والتعبير بطلاقة وفصاحة.
الرغبة في الاطلاع
وعما إذا كانت الجائزة هي الحافز وراء الاشتراك في التحدي، تقول: طبعاً، كان للجوائز التي وضعت لتحدي القراءة دور في استقطاب الطلبة والمدارس، ولكن نحن نتصور أن الرغبة الحقيقية في الاطلاع والمعرفة لدى الطلبة، والبيئة الأسرية والمدرسية الداعمة والحاضنة والمشجعة، إلى جانب جهود المشرفين ومديري المدارس.
والتوجه العام الحكومي والشعبي في الدول العربية لدعم القراءة والعلم، جميعها شكلت عوامل أساسية، مهدت وكرست القناعة بضرورة القراءة والاطلاع، وليس فقط بهدف الفوز بالجائزة.
وتضيف: تحدي القراءة العربي مشروع فريد من نوعه، وتوقعنا له النجاح لعدة أسباب، على رأسها أن أهدافه النبيلة حظيت بالإجماع العربي والدعم الرسمي والشعبي، وطبعاً، فقد تجاوز عدد المشاركين حجم توقعاتنا، نظراً لأنها الدورة الأولى من التحدي.
وقد بلغ مجمل عدد الطلبة المشاركين في تحدي القراءة العربي، 3 ملايين و590 ألفاً و743 طالباً وطالبة، مثلوا مختلف المراحل العمرية والأكاديمية من الصف الأول وحتى الصف الثاني عشر من 15 دولة عربية، وقد تمكنوا من قراءة أكثر من مئة مليون كتاب.
مضمار الثقافة
من ناحية أخرى، ترى الشامسي أن دولة الإمارات العربية المتحدة، عالجت أزمة حقيقة، تكمن في عدم قراءة العربي، فهي دائماً سباقة بإطلاق المبادرات ذات البعد الإنساني والاجتماعي، ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل على مستوى العالم.
وفي هذه المرة، فقد أطلق مشروع »تحدي القراءة العربي«، كترجمة لمدى الاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لرعاية الشباب العربي، ورغبة سموه في توجيههم نحو المستقبل، متسلحين بالمعرفة اللازمة لمواجهة تحدياته.
كما أن الإمارات اليوم ترسي معايير جديدة في العديد من المجالات على مستوى العالم العربي، وخصوصاً في مضمار الثقافة والعلوم، وتسهم من خلال برامجها ومبادراتها في رسم صورة مشرقة لمستقبل أفضل للشباب العربي كافة، من خلال تمكين الجيل الحالي والأجيال القادمة من الارتقاء على سلم المعرفة، وتبني الابتكار منهجاً، والإبداع أسلوباً، والجودة نمطاً حياتياً.
من سوهاج إلى القاهرة.. رضا تقرأ لتطل على العالم
عندما نمى إلى علم الطالبة رضا عبدالله محمد من جمهورية مصر العربية، خبر انطلاق تحدي القراءة العربي عرفت أنها أمام تحدٍّ صعب، يفوق في صعوبته قراءة خمسين كتاباً في عام دراسي واحد، فثمة تحديات أخرى يفرضها واقع اجتماعي وثقافي في الريف يتعيّن عليها التعامل معها وتخطيها بنجاح، لكن الحياة لم تكن بخيلة تماماً مع رضا في تلك البقعة من الأرض التي أنجبت عظماء في الأدب والشعر والسياسة، فقد كبرت رضا في حضن أبوين يدركان بالفطرة أن القراءة أمر مهم.
بين رضا والتفوّق »عِشرة عمر«؛ فهي الأولى على الفصل في الثالث ثانوي، فرع الأدبي، بمعهد فتيات مشطا الإعدادي الثانوي، لكن تحدي القراءة وضعها أمام عقبات كثيرة؛ أولها الوصول إلى الكتب التي تؤهلها للاشتراك في المسابقة، وثانياً الحفاظ على تفوّقها الدراسي، وثالثاً قطع المسافات من سوهاج، في صعيد مصر، إلى القاهرة للمشاركة في النهائيات، تقول رضا:
»نفتقر في منطقتنا إلى المكتبات العامة، فعلى الرغم من انتشار التعليم إلا أن القراءة والمطالعة ليست عادة منتشرة. عن نفسي، كنت محظوظة لأنني نشأتُ وسط عائلة تدرك بالفطرة أن القراءة هي نبع المعرفة«. كل فرد في عائلة رضا شارك في هذا التحدي. الأخت الكبرى كانت تؤمّن لها الكتب. أما باقي أفراد الأسرة فكان عليهم أن يقضوا الليل من دون تلفزيون ليوفروا لرضا أجواء هادئة للتركيز في القراءة. تشاركنا رضا تجربتها بالقول:
»كان أمامي تحديان: أن أحافظ على تفوّقي الدراسي، وأن أقرأ الكتب التي تؤهلني لبلوغ النهائيات. فكنت أقرأ من الساعة السابعة مساء وحتى التاسعة يومياً، وهما ساعتان مكثَّفتان تتطلبان تركيزاً واجتهاداً، حريصة على ألا يكون استعدادي للمسابقة على حساب تحصيلي التعليمي«.
كل شيء كان يسير على ما يرام إلى أن وصلت رضا إلى أولى التصفيات في مراكز سوهاج، لتحتل الترتيب الثامن عشر. تستعيد أجواء ذلك اليوم الذي استعدت له جيداً، فتقول: »عندما وصلنا إلى مركز المسابقة، أحسستُ أنني أمام تحدٍّ أكبر، فعدد المراكز كبير والمنافسة صعبة. لم أشأ أن أتراجع رغم الخوف الذي اعتراني.
فأنا أخوض مغامرة كبيرة مع كثرة العدد وكثرة المحافظات. حاولت أختي أن تقنعني بالتراجع والتركيز على دراستي. لكنني قررتُ أن أمضي في هذه المغامرة حتى النهاية«. كلما اجتازت مرحلة برز أمامها تحدٍّ جديد مع مرحلة جديدة من المنافسة. وعندما تم اختيارها بين الثلاثة الأوائل المرشحين، كان عليها الانتقال من سوهاج إلى القاهرة حاملة خوفها وفرحها في قلب واحد.
»غادرنا سوهاج الساعة الثامنة مساء، وانتظرنا حتى الساعة 11 ليلاً لنركب الأتوبيس (الحافلة). وصلنا القاهرة في السابعة صباحاً، وكنا في قاعة المؤتمرات عند الساعة التاسعة. كنتُ على أتم الاستعداد للمسابقة«.
عندما وصلت رضا إلى القاهرة لم تكن تعلم أنها لن تقف لتتسابق بل لتحظى بالتكريم. عندها فقط غلب الأملُ على الخوف، واشتدّت رغبتها في أن تكمل مشوارها إلى النهائيات في دبي.
رضا قبل التحدي ليست هي نفسها بعده. إصرارها على قراءة 50 كتاباً لتثبت تميزها وتفوقها عمل على توطيد علاقتها بالكتاب، وضاعف شغفها بالمعرفة. لم تعد القراءة مجرد هواية، بل شرطاً أساسياً لتطوير الذات والتأثير في البيئة من حولها.
و»تحدي القراءة العربي« مكّن رضا من استكشاف قدراتها الكامنة وكيفية استثمارها. اليوم، وللمرة الأولى، رأت في حياة الريف محفِّزاً للتقدم وتحدّياً يسهل الانتصار عليه بالإرادة. نعم، الإرادة... هذه الكلمة التي تُعدّ اكتشافاً كبيراً لرضا في رحلتها نحو المعرفة، من سوهاج إلى القاهرة.
مصر تتصدر المشاركات العربية تليها السعودية والجزائر
قارب العدد الإجمالي للمدارس المشاركة في التحدي على مستوى العالم العربي الـ30 ألف مدرسة حكومية وخاصة، وجاءت جمهورية مصر العربية في المرتبة الأولى بعدد المدارس التي شاركت في التحدي بواقع 13668 مدرسة، تلاها المملكة العربية السعودية بـ4813 مدرسة، فالجزائر 3910 مدارس، والأردن 2088 مدرسة، وفلسطين 980 مدرسة.
وموريتانيا 888 مدرسة، وتونس 852 مدرسة، ثم الإمارات 828 مدرسة، والمغرب 630 مدرسة، وعُمان 263 مدرسة، والسودان 220 مدرسة، وقطر 209 مدارس، ولبنان 165 مدرسة، والكويت 161 مدرسة، والبحرين 147 مدرسة.
فقد سجلت مدرستان جزائريتان حضوراً لافتاً خلال المرحلة قبل النهائية لمشروع تحدي القراءة العربي، وكشفت اللجنة العليا لتحدي القراءة بأن المدرستين الجزائريتين هما مدرسة بوجمعة تميم ومدرسة تاونزة العلمية.
وجاءت الجزائر في المرتبة الثالثة عربياً لعدد المدارس المشاركة بالتحدي من خلال 3910 مدارس مثلت مختلف المراحل الأكاديمية من الصف الأول ولغاية الصف الثاني عشر من مجمل عدد المدارس المشاركة في التحدي.
وسجلت ثلاث مدارس فلسطينية حضوراً لافتاً خلال المرحلة قبل النهائية للمشروع، وكشفت اللجنة بأن المدارس الثلاث هي مدرسة طلائع الأمل، ومدرسة عرابة الأساسية، ومدرسة الحاجة رشدة. وحلت دولة فلسطين خامساً بعدد المدارس المشاركة بالتحدي من خلال 980 مدرسة مثلت مختلف المراحل الأكاديمية من الصف الأول ولغاية الصف الثاني عشر من مجمل عدد المدارس المشاركة في التحدي.
وفي البحرين سجلت 3 مدارس بحرينية حضوراً لافتاً خلال المرحلة قبل النهائية للمشروع، وكشفت اللجنة العليا بأن المدارس البحرينية هي مدرسة بلقيس الابتدائية للبنات، ومدرسة أم القرى الإعدادية للبنات، ومدرسة الإيمان قسم بنات. وشاركت المملكة من خلال 147 مدرسة مثلت مختلف المراحل الأكاديمية من الصف الأول ولغاية الصف الثاني عشر من مجمل عدد المدارس المشاركة في التحدي.
وسجلت 5 مدارس مصرية تميزاً لافتاً خلال المرحلة النهائية للمشروع، وكشفت اللجنة العليا أن المدارس المصرية الخمس المتميزة هي مدرسة تمي الأمديد الرسمية للغات، ومدرسة اللواء محمد نجيب الرسمية، والمدارس الأميركية للغات، ومدرسة حسن أبوبكر الرسمية للغات، ومدرسة السادات الثانوية بنات.
واحتلت جمهورية مصر العربية المرتبة الأولى بالعدد الإجمالي للمدارس المشاركة بالتحدي من خلال 13668 مدرسة مثلت مختلف المراحل الأكاديمية من الصف الأول ولغاية الصف الثاني عشر وبنسبة بلغت 45.8% من مجمل عدد المدارس المشاركة في التحدي.
وفي الأردن سجلت خمس مدارس حضوراً لافتاً خلال المرحلة قبل النهائية للمشروع، وكشفت اللجنة العليا بأن المدارس الأردنية الخمس هي أكاديمية بناة الغد، ومدرسة الحصاد الدولية، ومدرسة الاتحاد للبنات، ومدارس دار الأرقم، ومدرسة الملك عبد الله للتميز - المفرق. وحلت الأردن في المركز الرابع على المستوى العربي لجهة عدد المدارس المشاركة بالتحدي من خلال 2088 مدرسة مثلت مختلف المراحل الأكاديمية من الصف الأول ولغاية الصف الثاني عشر من مجمل عدد المدارس المشاركة في التحدي.