يبدو الانزياح الحاصل نحو النوفيلا – الرواية القصيرة- نتيجة حتمية لحالة الهوس بالرواية عامة، فمجمل ما ظهر في المشهد الثقافي العربي بصورة «نوفيلا» ظهر عن غير وعي وقصد من الكتّاب، وإنما كان النتيجة التي وصولوا إليها في سرد حكايات يملكون خطوطها العريضة، ويتأكد ذلك بالوقوف أمام مجمل التجارب السردية الشابة التي طرحت أعمالها الأولى خلال السنوات الخمس الأخيرة، فمجملها يمكن تصنيفه بالنوفيلا.

مقابل هذا الواقع لا يمكن إغفال التجارب الروائية الكبيرة والمكرسة التي اختارت النوفيلا، بوصفها الأكثر ملاءمة للذائقة العربية اليوم، حيث يبدو الزمن المتسارع، عاملاً مركزياً في القراءة، وتبدو الحكايات القصيرة واضحة الشخصيات والأحداث مطلباً من جانب القارئ العجول، الباحث عن المتعة والتسلية قبل أي شيء آخر.

يضعنا هذا الواقع أمام جملة من المعايير التي ينبغي العمل على تحديدها في مشهد السرد العربي، المتمثلة في شروط الجنس الأدبي، الذي يضع النوفيلا، والرواية، والقصة، والقصة الطويلة، في مساحات واضحة مفصولة عن بعضها على المستوى النقدي، وهذا ما ينبغي أن تتحمله حركة النقد العربية، التي يغيب دورها اليوم، ويعلو صوت القارئ الناقد بوصفه يملك سلطة التعبير، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

على الصعيد الإماراتي لا يختلف مشهد السرد عن غيره من المشاهد العربية، إذ تظهر فيها التجارب المقبلة على السرد من دون وعي أو اختيار واضح، وتظهر كذلك التجارب الواعية التي تحتكم إلى أطر مرجعية في بناء أعمالها، الأمر الذي يجعل منها نماذج قياس يمكن الاحتكام إليها في تحقيق الفارق الإبداعي، لمجمل ما يجري على مستوى السرد في الإمارات.

تثبت نظرية الفوضى الخلاقة في امتثالها للواقع الثقافي، أن الفوضى السردية الجارية عربياً، حتماً ستقدم أعمالاً مغايرة، وتستحق الالتفات، فما يجري يشبه ورشة من التجريب المفتوح، لا يمكن الجزم بجودة ورداءة ما ستقدمه.

• شاعر أردني