غالباً ما يخرج فن عظيم من رحم المعاناة، وهناك قامات كبيرة في الأدب، عانت من أمراض جسدية مزمنة، لا يجري ذكرها على لسان، على الرغم من تأثيرها الملحوظ في كتابات تلك الشخصيات، ومسار حياتها المهنية، وكان تأثير بعضها قد دفع بأفضل الأعمال الفنية لدى صاحبها، مثل الكاتب جورج أورويل، وجون ملتون، وجيمس جويس، بين آخرين.

يذكر موقع «أوزي» أن الروائي الإنجليزي جورج أورويل، على سبيل المثال، كان يعاني من مشكلات صدرية، نتيجة إصابته بعدوى بكتيرية في الطفولة، وقد ابتلي بمرض السل بعد البلوغ، وكانت النوبة الأخيرة المميتة، قد جاءته أثناء عمله ساعات طويلة على تحفته الفنية «1984»، وهي الرواية التي كانت تزداد قتامة مع اشتداد المرض على صاحبها.

وكان أورويل قد كتب في إحدى المرات: «تأليف كتاب عبارة عن صراع رهيب منهك، مثل نوبة طويلة مع مرض مؤلم». ويؤكد الطبيب دون روس في كتابه «رعاش شكسبير وسعال أورويل»: كان كلامه على سبيل الاستعارة، لكنه كان صحيحاً بشأن روايته 1984، التي ألفها وهو «يسعل دماً، ويكافح لالتقاط أنفاسه، ويعاني من الحمى والهزال».

وبين مؤلفي الروايات الذين عانوا من مرض الربو، هناك أديث وارتون وجون أبدايك وتشارلز ديكنز ومارسيل بروست بين آخرين. ويعد تشارلز ديكنز، الذي عاش طفولة مفقرة داخل مصنع في لندن المدينة، حيث يتساقط السخام كالثلج، أول روائي يدخل في مؤلفاته شخصية مصابة بالربو، وهو السيد عمر صاحب المتجر، في رواية «ديفيد كوبرفيلد».

بطولة ملهمة

وإلى جانب هؤلاء، كانت هناك مجموعة ابتليت بمشكلات في العين، مثل الكاتب جون ملتون، الذي أصيب بالعمى في منتصف العمر، وجيمس جويس، الذي خضع لعلاج من مرض السيلان، وخضع لـ 11 عملية جراحية، ويعتقد روس أنهما: «أنتجا بعضاً من أفضل أعمالهما بعد إصابتهما بالعمى».

مشيراً إلى أن العديد منهم ظهر كشخصية بطولية ملهمة في تغلبه على الصعاب، مثل الروائي هرمان ملفيل، الذي عاني من الاكتئاب والإدمان والآلام المزمنة في المفاصل والظهر والعينين، نتيجة إصابته بالتهاب الفقار اللاصق. وقد كتب روس عنه: «كافح ملفيل لإكمال رواياته اللاحقة بعد موبي ديك، التي كانت غريبة وقاتمة ورائعة، وقد أنهى انهياره الجسدي والعقلي حياته المهنية ككاتب محترف».