شكل اختيار المهندسة الكويتية سارة صادق، لتصميم أول منتجع فندقي فاخر في جزيرة دلما بأبوظبي، حدثاً بارزاً تصدر مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما وأنها تمكنت في غضون خمس سنوات فقط، من تحقيق مكانة بارزة، ومنافسة أشهر المكاتب الهندسية في منطقة الخليج، والتي ترجمتها بحصولها على فرصة تصميم هذا المشروع الاستثنائي ومشاريع أخرى نوعية سبقته.
«البيان» تواصلت مع سارة صادق المقيمة في الكويت، للتعرف على قصة نجاحها، ولتكشف تداعيات الحوار معها أنها أمام تجربة مُلهمة لامرأة تواجه التحديات بضراوة ولا تستكين للحلول السهلة مستمدة قوتها وإبداعها من كتاب «رؤيتي» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
• كيف تقدم سارة صادق نفسها لقراء صحيفة "البيان"؟
- معمارية كويتية احتضنتني دولة الإمارات العربية المتحدة ومنحني أبناؤها الثقة لتصميم مشاريعهم المتنوعة بأنواعها السكنية والتجارية وغيرها، وأنا فخورة بتلك الثقة، لأن الإمارات بلد الإبداع وحاضنة المبدعين، وفيها تحلو المنافسة بلا شك، لاسيما في ظل وجود هذا الكم الكبير من الشركات العربية والعالمية التي تتنافس بشدة لإثبات نفسها وجدارتها، وحالياً يتجاوز عدد مشاريعي في الإمارات 12 مشروعاً وهي تتوزع بين أبوظبي ودبي والعين وعجمان، إضافة إلى مشاريع أخرى كثيرة في دول مجلس التعاون.
• حدثينا عن مؤهلاتك العلمية ومشوارك الدراسي..
- تخرجت من جامعة "روجيور وليام" في "رود آيلاند" بالولايات المتحدة الأميركية عام 2005، حيث حصلت على شهادة البكالوريوس في العمارة، بعد سنوات من المثابرة والاجتهاد.
( لحظة صمت استرجعت فيها بعض الذكريات)، وتابعت: لقد كانت سنوات شاقة للغاية، حيث كانت الدراسة مكثفة، كما كان من الصعب التأقلم مع البرنامج الدراسي، لاسيما وإن الجامعة كانت تسعى لإثبات نفسها ونيل مركز متقدم بين الجامعات في مجال العمارة.
• يبدو أن الحمل كان ثقيلاً عليك.. أليس كذلك؟
- ليس سهلاً أبداً على فتاة في الثامنة عشر من عمرها أن تتحمل الغُربة وتسعى لتطوير ذاتها وتمثيل بلدها بطريقة مشرفة تكسبها احترام زملائها وتقدير معلميها.
• هل اخترتِ دراسة الهندسة المعمارية عن قناعة ورغبة شخصية؟
- نعم، فأنا أحب الرسم والاطلاع عموماً ولدي ميول فنية، وقد حظيت بدعم كبير من عائلتي.
• ما الفنون الأقرب إلى قلبك؟
- (مبتسمة) أحب رسم الكاريكاتير كما إنني شغوفة بالكتب المصورة وبالاطلاع على تصاميم المجوهرات غير التقليدية.
• ما التحديات التي تواجهيها في عملك؟
- كان صعباً علي كامرأة البدء والانطلاق في بيئة يتراوح عدد المكاتب الهندسية فيها بين 280-350 مكتباً هندسياً، و 95% من هذه المكاتب يديرها رجال، ولكنني استطعت التميز وجذب العملاء ونيل ثقتهم وابتكار رؤية معمارية مختلفة عن الدارج في المحيط، وكم أنا فخورة بكون غالبية بأن غالبية عملائي يتمتعون ثقافة معمارية لا يستهان فيها وحب للتصميم والإبداع.
• معنى ذلك أنك لم تحظي بدعم من الرجل؟
- (ضاحكة) كوني مهندسة معمارية، فقد حظيت بمكانة كبيرة في بلدي الكويت، كما إن العملاء يشعرون بارتياح أثناء التعامل معي، نظراً لإمكانية التواصل بيني وبين أمهات العملاء وزوجاتهم وبناتهم، وهذا ساعدني في كثيراً في الاقتراب من أذواقهم وميولهم وتقديم ما يفوق توقعاتهم.
• تبرعين في الالتفاف على الأسئلة..
- (مبتسمة) المنافسة كانت شرسة جداً مع الرجل داخل وخارج الكويت، حيث إنه لا يزال يتساءل حول مقدرتي على العطاء أكثر منه في مجال الهندسة المعمارية وإمكانية التواجد في المواقع الميدانية وتحمل مشاق السفر المتكرر، ولكن زوجي ساعدني على تخطي العقبات ووقف إلى جانبي وكان درعي وحصني ومحفزي على الاستمرار بقوة.
• ما أبرز تصاميمك المعمارية خارج الكويت؟
- صممت العديد من الشاليهات والمنازل والفنادق والحدائق.
• هل من تصميم معين تشعرين أنه قفز بك إلى الشهرة والانتشار؟
- لكل تصميم أو مشروع ميزة خاصة ومذاق نجاح مختلف، ولكن اختياري لتصميم أول منتجع فندقي فاخر بجزيرة دلما في أبوظبي من فئة خمسة نجوم يعني لي الكثير، حيث جاء اختيار المالك لي بعد اطلاعه على تصاميمي في حسابي على "انستغرام"، ثم عقدنا عدة اجتماعات لاحقاً أثمرت عن تعاون غير مسبوق من حيث المستوى بالنسبة لي.
• هل هناك تصور مبدئي لهذا المشروع؟
- دلما جزيرة ذات تراث عريق جداً ولابد من المحافظة على تراثها الثقافي والإنساني، وسيوفر التصميم خدمات فندقية راقية ونشاطات يستفيد منها سكان الجزيرة والسائحين، إضافة إلى فلل فندقية ذات موصفات عالية التميز ومناطق للاستجمام وأخرى ترفيهية للأطفال و"سبا" وحدائق وأحواض سباحة جذابة وخيارات متنوعة من المطاعم وقاعات احتفالية مستقلة، بما يعزز استقطاب السياح.
• هل لعب جمال الجزيرة الطبيعي دوراً في تحريك مخيلتك؟
- كثيراً، فإطلالتها البحرية وصخورها الجميلة ورمالها الناعمة واحتضان الجبال لها، كل ذلك حفزني على الإبداع.
• هل أنتِ قلقة من هذا التحدي الجديد؟
- القلق الإيجابي يعزز الإبداع والإتيان بما يبهر الآخرين.
• نجاحك حظ أو مثابرة؟
- (بعد لحظات من التأثر الوجداني تمالكت نفسها)، وقالت: دربي لم يكن مفروشاً بالورود ولكن توفيق الله عز وجل هو السبب. أن تثير تصاميمي ضجة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي في فترة قياسية فهذا يعد شيئاً عظيماً بالنسبة لي، لاسيما وإن الوصول إلى هذه المرحلة من النجاح كان صعباً.
• مَن مِن المهندسين تعجبك تصاميمه؟
- الراحلة زها حديد، امرأة مُلهمة ومدرسة بحد ذاتها، وريتشارد ماير قدوة معمارية في الدقة والبساطة والإتقان.
• لكل مهندس معماري ما يُسمى بالمدينة الحلم التي يتمنى يترك بصمة فيها.. فماذا عنك؟
- دبي حلم كل معماري، وهي غايتي، وكتاب "رؤيتي" لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هو السبب.
• لماذا؟
- صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قدوتي في النجاح والتميز، وقد أحببت إصراره على الرقم واحد رغم كثرة الصعوبات والتحديات، وأحببت دبي لأنها مُدللته الشامخة، وكتاب "رؤيتي" ساعدني على تجاوز كثير من المواقف الصعبة واتخاذ كثير من القرارات الحاسمة وأمدني بالقوة والتفاؤل والإبداع في لحظات الضعف.