في مدينة "القرنة" الصغيرة الواقعة جنوب العراق، يصمد مزارٌ استثنائي على أرض نهر دجلة، شجرةٌ صغيرة أقعدها الزمن، وحمتها جدرانٌ طوبية، وطوقتها ساحةٌ ملساء من كل الجهات. وطبقاً لأسطورةٍ محلية، فإنها "شجرة معرفة الخير والشر"، التي أكلت منها حواء في جنة عدن.
الواضح أن هذه الشجرة المتساقطة الأوراق ليست بنخلة، ولا يستطيع أحدٌ تحديد أي نوعٍ من الأشجار كانت، أو حتى كم مرّ على وجودها في ذاك المكان. ولقد تسلقها الجنود البريطانيون إبان الحرب العالمية الأولى، وتم ترميمها بالإسمنت. وفي خمسينيات القرن الماضي، تم بناء حديقة صغيرة للنباتات المحلية حول الشجرة، كعلامةٍ للنوايا الطيبة بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي فترة حكم الرئيس صدام حسين، تم تطويق الشجرة بساحةٍ عامة، وقد أرسل تقرير بشأن تخريبها عام 2003، بعد التدخل الأمريكي في العراق. وبحلول ذلك الوقت، كان هنالك العديد من أشجار المعرفة.
بالرغم من ارتباط قصة جنة عدن بالشجرة، والتي تم انتشارها في الإسلام والمسيحية واليهودية، فهي تحتفظ أيضا بجوانب قديمة أكثر، كعادات ما قبل التوحيدية في عبادة الشجرة في الشرق الأوسط.
وعندما تموت شجرةٌ مقدسة، يجب زرع أخرى للحفاظ على القداسة، وفي الغالب، تشارف العديد من الأشجار، حاليا، على مراحل مختلفة من الموت. ويسافر الناس من مناطق مختلفة من البلد للصلاة على الشجرة، وأحياناً ربطُ عُقدٍ خضراء من الملابس حول فروعها كتذكار.