عند الحديث عن فن العمارة الحديث، لا بد من أن تتجه الأنظار إلى الأعمال التكعيبية البسيطة التي أبدعها المهندسون المعماريون الأوروبيون، من أمثال فالتر جروبيوس ولو كوربوزيه، ورغم أن المهتمين بفن العمارة الحديث.

ربما لا يربطون هذه الحركة المعمارية بدولة إريتريا الواقعة في شرقي أفريقيا، إلا أنهم لا يستطيعون تجاهل عاصمتها أسمرا، التي أصبحت مؤخراً أول مدينة في العصر الحديث تنضم في مجملها إلى قائمة مواقع التراث العالمي الخاصة بمنظمة التربية والعلم والثقافة التابعة للأمم المتحدة «يونيسكو»، وأشادت يونيسكو بمدينة أسمرا، «بسبب ما تتمتع به من تخطيط ابتكاري، وفن عمارة حديثة في إطار إفريقي».

معالم تاريخية

وإذا نظرنا إلى محطة وقود «فيات تاجليرو»، على سبيل المثال، فإن تصميمها بما له من أنف ضخم وجناحين عملاقين، يشبه طائرة تستعد للإقلاع من مدرج المطار. ويشار إلى أن مبنى «فيات تاجليرو» هو على الأرجح أحد الأمثلة الأكثر إثارة للاهتمام بفن العمارة الحديثة في العالم - وليس أقلها، وذلك بسبب موقعه.

روما الصغيرة

ويتناسب الكنز الثقافي الفريد لأسمرا، بصعوبة، مع هذه الصورة. وفي بعض الأحيان، يشار إليها بـاسم «لا بيكولا روما» (أي روما الصغيرة)، أو «ذا ميامي أوف أفريكا» (أي ميامي إفريقيا)، بسبب طراز مبانيها المعماري الذي يشبه ذلك النوع الذي ظهر في فرنسا قبل الحرب العالمية الأولى.

وكان قد تم إنشاء أسمرا الحديثة إلى حد كبير أثناء فترة الاستعمار الإيطالي، التي استمرت من عشرينيات وحتى أربعينيات القرن الماضي. وكانت الحداثة في ذلك الوقت، تشهد رواجاً في أوروبا، بخطوطها المصقولة والقليل من الرتوش والتصميمات العملية. وبعيداً عن أوطانهم، كان المهندسون المعماريون الإيطاليون في أسمرا قادرين على إحداث التغيير.

ومن الممكن أيضاً العثور في أسمرا على أمثلة من نمط مدرسة باوهاوس الفنية الألمانية، ومن الحركة المستقبلية الفنية.

ولم تشهد المدينة تطويراً يذكر منذ الحرب العالمية الثانية. وفي إطار المحافظة على الطابع الخاص للمدينة، فرضت السلطات الإريترية في عام 2001، حظراً على البناء لحماية المباني القديمة.

كما تضم العاصمة الإريترية مزيجاً فريداً من فنون العمارة الأوروبية والإفريقية. وعلى سبيل المثال، كاتدرائية «إندا مريم»، التي بنيت في عام 1938، تجمع بين حداثة التصميم وفن العمارة في شرقي إفريقيا.