على عوالم السينما، تفتح الإمارات نوافذها، لتصبح في غضون سنوات قليلة لاعباً أساسياً على خريطة مهرجانات السينما العالمية، حيث تمكنت مهرجاناتها المتمثلة في «دبي السينمائي» و«الشارقة السينمائي للطفل»، من تخطي حدود المحلية، ليرتديا عباءة العالمية، بعد أن أصبحا يشكلان قوة ناعمة مؤثرة في المشهد الثقافي الإماراتي والعالمي أيضاً.

وبنظرة، على إنجازاتهما، نستكشف أن «دبي السينمائي» أصبح عاكساً لتطور السينما العربية والإماراتية، ما يشير إلى المكانة التي حجزها لنفسه على الخريطة العالمية، لا سيما بعد حلوله رابعاً بعد مهرجانات كان وفينيسيا وبرلين، ضمن مؤشر المهرجانات الأكثر تأثيراً ثقافياً وفنياً على مستوى العالم، فيما تشير الدراسات، إلى وصول قيمة تأثير«دبي السينمائي» الإعلامي على مدار 14 عاماً، إلى أكثر من 5 مليارات درهم، في وقت أصبحت فيه جائزته «المهر» واحدة من أهم الجوائز التي تمنح للسينما العربية.

وعلى حد سواء، جاء تأثير «الشارقة السينمائي» الذي وضع نصب عينيه، تطوير مهارات الأطفال وتعريفهم بأصول الفن السابع.
«البيان» جالت بين إنجازات المهرجانين، لتلمس حجم تأثيرهما الثقافي والاقتصادي في المشهد المحلي، بجانب نشاطات أخرى متخصصة بالحقل في الدولة، وأيضاً بهدف معرفة مدى أهمية تنظيم هذه الفعاليات، وقدرتها على نشر الثقافة السينمائية بالدولة، والكشف عن أوجه حضارتها الإنسانية.


يقول عبد الحميد جمعة، رئيس مهرجان دبي السينمائي لـ «البيان»: «أعتقد أن «دبي السينمائي» استطاع على مدار 14 عاماً، أن يؤسس له مكانة عالية بالمنطقة العربية، والعالم، وأن يضع الإمارات على خريطة مهرجانات السينما العالمية، لا سيما وأنه أصبح وجهة يقصدها الجميع، لمعرفة طبيعة تطور السينما العربية والإماراتية، ما يبين حالة التفاعل التي أحدثها المهرجان على الساحة، فيما يتعلق بالصناعة، وقياس أبعادها وتأثيراتها على الأرض ثقافياً واقتصادياً، كون السينما تدخل أصلاً في تكوين صناعة المعرفة، والتي يقدر حجمها عالمياً بنحو 2.2 تريليون دولار، وهي تشكل 7% من الناتج الإجمالي العالمي».


خريطة

وفق الإحصائيات، يعقد بالعالم أكثر من 3000 مهرجان، أي بواقع 8 مهرجانات يومياً، ما يدلل على ما تحتفظ به من تأثير ثقافي وتوعوي واقتصادي، خاصة وأن حجم صناعة السينما يبلغ نحو 1.9 تريليون دولار، على مستوى العالم، وبحسب عبد الحميد جمعة، فإن معظم عواصم الإبداع بالعالم تشهد سنوياً ضمن فعالياتها مهرجانات سينمائية.

وقال: «في الواقع لا يمكن قياس تأثير مهرجانات السينما في المشهد الثقافي والاقتصادي، من خلال فترة قصيرة، فمثل هذه الأحداث تحتاج إلى فترة زمنية طويلة، حتى تظهر تأثيراتها على المجتمع، وإذا نظرنا إلى خريطة مهرجانات العالم، نجد أن بعضها تجاوز عمره الـ 70 عاماً، ولا يزال حافظاً لقوته على الأرض».

وتابع: «أعتقد أن «دبي السينمائي»، يقع ضمن منظومة المهرجانات السينمائية المؤثرة في المشهد الثقافي، بدليل القوائم التي تعدها جهات دولية متخصصة، حيث جاء المهرجان رابعاً في قائمة الأكثر تأثيراً ثقافياً وفنياً على مستوى العالم، بعد مهرجانات كان وفينيسيا وبرلين».

وأشار إلى أن قياس تأثير المهرجانات يبدأ أساساً من قياس تأثير السينما نفسها على المجتمع، كونها تعد وسيلة فعالة للتعبير عن الأمم وتساهم في تحديد ملامح ثقافتها.

وبين جمعة أن «دبي السينمائي» على مدار دوراته، ساعد في تطوير عديد المشاريع السينمائية بالمنطقة، واستطاع من خلال منظومة عمله المتكاملة، إعادة السينما العربية للساحة العالمية، إلى جانب مساهمته بتعزيز مكانة دبي وجاذبيتها، بوصفها مكاناً يمتلك مقومات مواقع تصوير الأفلام، وداعمة أساسية للحراك السينمائي بالإمارات والعالم العربي، ما يرفع من مستوى السياحة الثقافية والسينمائية في دبي».


تأثير

الدراسات الأخيرة، التي أجرتها شركة «GRMC» للخدمات الاستشارية، بينت أن التأثير غير المباشر لمهرجان دبي السينمائي، في دورته السابعة المنعقدة في 2010، على الاقتصاد المحلي وصل إلى 188 مليون درهم، مقارنة مع دورته المنعقدة في 2006، والتي وصل تأثيرها الاقتصادي غير المباشر إلى 37 مليون درهم، وبينت الدراسة نفسها أن المهرجان استطاع خلال 2010 توفير 200 فرصة عمل.

وفي ذلك، أوضح جمعة أن «وجود المهرجان على الأرض، من شأنه إحداث حراك اقتصادي في المدينة، من خلال الأعداد التي يستضيفها سنوياً، سواء من صناع الأفلام أو الإعلام، أو الزوار».


مشروع

قبل 5 سنوات، بدأت ملامح مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، تتشكل على الساحة، ليتحول في غضون هذه الفترة، إلى وجهة لصناع أفلام الأطفال. وفي تعليقها، قالت الشيخة جواهر بنت عبد الله القاسمي، مدير مؤسسة فن، رئيس مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل لـ «البيان»: «مهرجان الشارقة السينمائي، أصبح جزءاً من مشروع الشارقة الثقافي، خاصة أنه يحظى بدعم قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، إذ أرست حقيقة جوهرية تتمثل في أن الإبداع هو القادر على تحقيق التواصل الحضاري بين الثقافات».


وأكدت أن السينما تلعب دوراً مهماً بتشكيل الثقافة للكبار والصغار. وقالت: «لقياس تأثير السينما ومهرجاناتها على المجتمع، نحتاج إلى فترة طويلة، حتى تبدأ هذه الملامح بالظهور، خاصة وأن السينما تلعب دوراً مهماً في تشكيل الوعي الجمعي، وثقافة الإنسان، من خلال ما تتيحه أمامه من فرص للاطلاع على ثقافات الآخر، والالتقاء معها، وذلك لا ينفي وجود تأثير اقتصادي للسينما، يمكن تلمسه عبر شباك التذاكر، ومواقع التصوير وغيرها».


جواهر القاسمي، أشارت إلى أن المهرجان يمثل مشروعاً ثقافياً نوعياً، ووضع الشارقة على خريطة المدن العالمية المهتمة بالثقافة السينمائية. وقالت: «ميزة (الشارقة السينمائي) تكمن في كونه مهرجاناً مخصصاً للأطفال، وهي الشريحة التي يمكن الاستثمار فيها مستقبلاً، والتي تحتاج إلى فتح الأفاق أمامها لبناء علاقات «معنوية» مع الثقافات الأخرى، والتعرف على أوضاع أقرانهم في المجتمعات الأخرى، وهو بتقديري ما يمكن أن يثري من حصيلة الطفل المعرفية».

ورش

لا تقتصر مهمة «الشارقة السينمائي» على عروض الأفلام فقط، وإنما تتسع عباءته، لتشمل ورشاً في الفن السابع. وذلك انطلاقاً من إدراك القائمين عليه، كما بينوا لـ «البيان»، أهمية عروض الأفلام بالنسبة للأطفال، وقدرتها على تنمية الخيال لديهم، ما يوفر إعداد جيل من الموهوبين. وأكدوا أيضاً، سعي الشارقة، لأن تكون جزءاً من منظومة صناعة السينما بالعالم. وفعلياً، فإن وجود مهرجان متخصص في المجال بالشارقة، يضعها ضمن قائمة المدن القادرة على استقطاب هذه الصناعة.

Ⅶ زووم ان
1500
يجذب «دبي السينمائي» سنوياً أكثر من 1500 إعلامي لتغطية فعالياته، ضمن أكثر من 4000 سينمائي وزائر للمهرجان.


200
يوفر «دبي السينمائي» أكثر من 200 فرصة عمل سنوياً، بالإضافة إلى مئات الفرص للمتطوعين.

12
يعقد «دبي السينمائي» شراكات استراتيجية مع 12 جامعة وكلية في الدولة لتوفير فرص التعليم والتدريب والتطوع.


610
عروض «الشارقة السينمائي» منذ انطلاقته قبل 5 سنوات وحتى الآن 610 أفلام من دول مختلفة.


70
استضاف «الشارقة السينمائي» خلال دورته الخامسة التي عقدت العام الماضي نحو 70 مخرجاً.


710.000
استقطبت أفلام «دبي السينمائي» على مدار دوراته الـ 14 أكثر من 710 آلاف متفرج.


100
شهد الإنتاج السينمائي الإماراتي ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل ما يقدمه مهرجان دبي السينمائي، من دعم لصناع الأفلام الإماراتيين، من خلال صندوق إنجاز التابع للمهرجان، والذي يقدم سنوياً دعماً لمشاريع سينمائية قيد الإنجاز.

كما يتعاون المهرجان أيضاً مع عدد من المؤسسات التي تمنح جوائز قيمة، على رأسها جائزة وزارة الداخلية وقيمتها تصل إلى 100 ألف دولار، وجائزة أي دبليو سي للمخرجين الخليجيين والتي تبلغ قيمتها أيضاً 100 ألف دولار، كما ينظم منتدى دبي السينمائي، الذي يقدم ورش عمل وندوات بمشاركة أكثر من 70 خبيراً من حول العالم، ويقدم المهرجان في منطقة ذا بيتش عروض لأفلامه في الهواء الطلق، وعلى حد سواء، يقوم «الشارقة السينمائي» بتنظيم العديد من عروض الأفلام في المدن التابعة لمدينة الشارقة مثل خورفكان وكلباء، وغيرها.


670
تمتلك دبي الكثير من الإمكانيات، ومواقع التصوير، التي يمكن الاستفادة منها في تعزيز اقتصادها والترويج لها، وخلال السنوات الماضية، لعب المهرجان دوراً في الترويج لـ «دار الحي» وتحويلها إلى وجهة عالمية، قادرة على استقطاب إنتاجات بوليوود أو هوليوود الضخمة، وفق عبد الحميد جمعة، رئيس مهرجان دبي السينمائي، الذي أشار في هذا السياق، إلى تجربة تصوير مشاهد من فيلم «مهمة مستحيلة: بروتوكول الشبح» لتوم كروز، في دبي، حيث حقق الفيلم عوائد دولية تزيد على 670 مليون دولار، فيما شاهد الفيلم حول العالم أكثر من 80 مليون شخص، وعلى المستوى المحلي، ساهم تصوير الفيلم في دبي بإنفاق أكثر من 22 مليون دولار في دبي بشكل مباشر، فضلاً عن إقامة 200 شخص في فنادق دبي خلال فترة تصوير الفيلم، الذي أتاح توفير أكثر من 150 وظيفة في دبي، طوال فترة التصوير.


وعموماً، باتت دبي وجهة مفضلة وجاذبة لجميع صناع السينما في العالم، إذ تتوافر فيها إمكانات جذب متنوعة ومتميزة تجعل نجوم العالم يفضلونها على الكثير من أبرز وأعرق المدن العالمية في هذا المجال.