«تغريبة بني هلال بين الحقيقة والخيال» عنوان محاضرة متخصصة، نظمها أخيراً، مركز جمال بن حويرب، وتحدّث خلالها الكاتب والباحث والشاعر والأديب السعودي سعد عبد الله الحافي عن التغريبة التي أصبحت مصدر إلهام لكثير من الرواة في معظم البلدان العربية، وذلك بحضور كوكبة من المثقفين والباحثين والأدباء والإعلاميين.
أثر تاريخي
وقال جمال بن حويرب المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، رئيس المركز، خلال تقديمه للندوة : «نتحدث اليوم عن قبيلة كانت في الجزيرة العربية، وانتقلت إلى بلاد المغرب في ظروف غامضة، وتحدّث عنها الرواة بقصص مختلفة، في مصر وبلاد الشام والعراق واليمن وشمال إفريقيا، وإن اختلفت هذه القصص في شكلها وتفاصيلها، فإنها تُجمع كلها على أن هذه القبيلة تركت أثراً كبيراً في التاريخ والثقافة والأدب العربي».
فيما تساءل المحاضر سعد الحافي عن بني هلال الذين قال إن نسبهم يعود إلى نزار بن معد بن عدنان، وهم قبائل بدوية لها تاريخ معروف، ومن الشائع لدى سكان الجزيرة العربية ارتباط كل ما هو قديم بقبيلة بني هلال، حتى إنه ما زال هناك الكثير ممن يرون أنهم من قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا ما ضخّم الجانب الأسطوري في الحديث عن بني هلال، وكأنهم أمة لم تترك شبراً في أرض الجزيرة العربية إلّا وطأته أقدامهم، وكانت لهم فيه قصة! وهذا لا شك يخالف الواقع. وفي هذا المجال، يقول الشيخ العلامة حمد الجاسر، رحمه الله، إن العامة ينسبون كل أثر قديم إلى بني هلال، كما كان العرب القدماء ينسبون كل قديم إلى عاد. والواقع أن بني هلال لم يمتازوا على غيرهم من حيث القوة والعمران، بحيث تكون لهم آثار عمرانية باقية.
أقوال الرواة
كما تحدّث المحاضر عن منازل بني هلال قبل التغريبة، مستشهداً بقول لابن خلدون: «كان بنو عامر بن صعصعة كلهم بنجد، وبنو هلال بن عامر في بسائط الطائف ما بينه وبين جبل غزوان»، ثم إن الأصمعي ذكر في القرن الثاني الهجري أن جلّ بني هلال في الحجاز، كما جاء في تاريخ الطبري. واستطرد الحافي: «في الجاهلية نجد أن بني هلال اشتركوا مع قبيلتهم هوازن في حروب ومعارك في نجد والحجاز آخرها حنين».
كما ذكر بداية وصولهم إلى أفريقيا، حيث كان عددهم قليلاً، لا يتجاوز ثلاثة آلاف فارس، واستمر تزايدهم حتى بلغ في السنة التالية سبعة آلاف وخمسمئة فارس، وفي أول رمضان من عام 449 هجرية دخل بنو هلال القيروان.
ولعل من أهم مآثر بني هلال أنهم ربطوا المغرب العربي ببقية العالم العربي لغة وشعباً، ذلك أن العرب هناك كان عددهم قليلاً، قبل وصول الهلاليين.
إضاءة
المحاضر سعد عبد الله الحافي، هو رئيس تحرير مجلة «الحرس الوطني» السعودية، ورئيس لجنة الأدب الشعبي بمهرجان الجنادرية، وهو شاعر وباحث في التاريخ والأدب الشعبي، فاز بجائزة ومنحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، كما أنه عضو المجلس العلمي لموسوعة الملك عبد العزيز في الشعر العربي.