يحاول كتاب «عالم ماريا غايتانا أنيزي، الرياضية القديسة»، لمؤلفه ماسيمو مازوتي ان يسلط الضوء على المكانة والاسهامات الرياضية للايطالية ماريا غايتانا أنيزي بوصفها طفلة عبقرية، حيث لم تكن أنيزي قد تجاوزت الثلاثين حين توّجت إنجازاتها في عالم الرياضيات بنشر كتاب التفاضل والتكامل عام 1748 «ككتاب وُلد من رحم أفكار مغايرة تتمحور حول جدوى الرياضيات ومتعتها». وقد أولت أنيزي اهتماماً خاصاً بهذا العالم كونه مسعى فكرياً قائماُ بذاته، وأسلوباُ لشحذ ملكة المنطق.
أضف إلى أن أنيزي كانت من بين الأوائل التي لم تركز على التطبيقات الفيزيائية، فقد وضعت كتابها باللغة الإيطالية في زمن كانت لا تزال اللاتينية تعد فيه لغة المثقفين. وأصرت على كتابته بلغة بسيطة بغية إيصال مفاهيمه إلى الأولاد الأقل تعليماً، واكتسب مع ذلك احترام وتقدير علماء الرياضيات في عموم أوروبا. ويلحظ المؤلف ومؤرخ العلوم بجامعة كاليفورنيا ماسيمو مازوتي صاحب الكتاب ، أن مكانة أنيزي مقرونةً بثروة وطموح والدها قد فتحت «نوافذ فرص ضيقة» أتاحت لها أن تتعلم وتتخذ قراراتها فيما يخص توجهات حياتها أكثر من أي امرأة أخرى عاصرتها.
يكون من الإجحاف والدهشة، وربما الخيبة بمكان، اقتران اسم المرأة الورعة التي كرّست عقود حياتها لخدمة الفقراء بساحرة منحنى رياضي نتيجةً للغط لغوي، ومع ذلك يبدو الأمر مناسباً نوعاً ما، إذ يشبه تفسير الكلمة الإيطالية «فيرسييرا»، التي ترادف معنى كلمة «المنحنى»، بامرأة مسحورة مسكونة «أفيرسييرا». وسواء كان الخطأ متعمداً أو خطأ ترجمة، فقد رسّخ ذلك مكانة هذه المرأة في عالم التفاضل والتكامل. إنها رياضية القرن الثامن عشر التي أصبحت أول امرأة تضع كتاباً تطبيقياً أساسياً حول علم التفاضل والتكامل.
عاشت أنيزي حتى عام 1799، لكن البعض يتعامل مع وجودها وكأنه اختفى لحظة انكفائها عن عالم التشويق العلمي، إلا أنها تمكنت بلا شك من شق طريق خاص لها، فهي لم تكن قديسة ولا أماً ولا زوجة، لكنها استحقت احترام المجتمع لإبداعها الرياضي وعملها الخيري كونها مؤمنة. لقد استسلمت لرغبات عائلتها وتمرّدت عليها في آن.