بعد انتظار دام أكثر من سنتين، وخوف اعترى قلوب المنظمين والجمهور من ألا يأتي «غودو»، كما فعل سابقاً، إلى خشبة مهرجانات بيت الدين، أحيا زياد الرحباني حفلتين أثارتا الجدل بين محبي «الرجل المشاكس»؛ فمنهم من اعتبر أن الموسيقى كانت جميلة وإن لم يقدم في الحفلتين أي جديد. ومنهم من خرج خائب الآمال لأنه كان ينتظر أن يؤدي زياد والفرقة الضخمة المؤلفة من 90 فناناً وفنانة و15 من المساعدين الفنيين، أغاني أحبّها الجمهور وتعلّق بها، أو على الأقل أن يكون خلاقاً ويقدم عرضاً لا يشبه عروضه الموسيقية المسرحية السابقة!
على مدى ساعتين، وأمام جمهور تخطى الأربعة آلاف مشاهد في كل حفلة، قدم الرحباني نحو 26 مقطوعة موسيقية وأغنية في الحفلة التي حملت عنوان «على بيت الدين»، بقيادة هاني السبليني ونضال أبي سمرا.
وتنوعت الأغاني والموسيقى المؤداة بين ريبيرتوار السيدة فيروز ومسرحياتها وريبيرتوار زياد الخاص.
فأدت الفرقة بحرفية لا خلاف عليها، مجموعة من أغاني فيروز ومنها «كل ما الحكي» و«تلفن عياش» و«كان غير شكل الزيتون» و«بيي راح مع العسكر» و«بكتب اسمك يا حبيبي» و«اشتقتلك». فيما انفرد زياد بآلة البيانو خاصته التي لا يفارقها غالباً كما صرحّ في مقابلة صحافية (12 ساعة في اليوم)، بتقديم موسيقى من مسرحيته «شي فاشل» والمقدمات الموسيقية لمسرحيتي «ميس الريم» و«صح النوم».
ولولا ما أدّته المغنية منال سمعان من أعماله الجديدة نسبياً، مثل «ليك» وكذلك أغنية «صمدوا وغلبوا» والتي كان أهداها زياد إلى أهالي الجنوب اللبناني وأهالي غزة، لكانت الحفلة فعلاً كأنها مؤداة في زمن غير زمننا. ومن أجواء الحرب وذكرياتها المشؤومة، أدت الفرقة «شو هالايام يللي وصلنالها»، و«قال انو الغني عم يعطي فقير»، و«شو ما بدك».
لكن فقرة المطرب والموسيقي حازم شاهين الذي يعتبر من أبرز عازفي العود الشباب في العالم العربي، كانت هي الحدث في الحفلة مع أدائه أغنية «هتلي يا بكرا صفحة جديدة، حطلي مصر في جملة مفيدة».
وفيما انقسم الحضور بين مسحور بموسيقى يعرفها وهي فعلاً فريدة ومبتكرة، وبين معترض على عدم الابتكار الجديد، أتت الحفلة من دون أي مفاجآت أو ابتكارات، وكأنها حفلة من زمن التسعينيات؛ فالأداء نفسه، والنكت نفسها، والإخراج المسرحي والممثلون الذين يظهرون مع زياد في كل حفلاته الموسيقية نفسهم مثل طارق تميم ولينا خوري!
زياد الرحباني المجبول بالسياسة التي أنهكته وأنهكت كاهله الإبداعي، قرر أن لا تكون حفلتا بيت الدين سياسيتين؛ ولكن على أي حال، حضرت السياسة في مصر ولبنان وفلسطين بشكل غير مباشر من خلال الحوارات المفتوحة على الخشبة ومن خلال الأغاني.