اكتشف فريق باحثين من مركز التغيير العالمي لمستوى سطح البحر في جامعة نيويورك أبوظبي، بدعم من مكتب البرامج القطبية التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، أن مياه المحيطات الدافئة بشكل غير اعتيادي تتسبّب بذوبان سريعٍ لنهر هيلهايم الجليدي في جرينلاند، وهو الأكبر من نوعه في المنطقة. وللمرة الأولى، تم العثور على مياه دافئة استوائية المنشأ عند عمق موحّد بدلاً من المياه القطبية الباردة في الجهة الأمامية من الانفصال الجليدي لنهر هيلهايم، وهو ما تسبّب بارتفاع غير اعتيادي لمعدلات الذوبان. وفي العادة، تصل حرارة مياه المحيطات بالقرب من أطراف النهر الجليدي إلى درجة التجمّد، مما يجعل مستويات الذوبان منخفضة.

وفي 5 أغسطس 2019، أطلق فريق من الباحثين تحت إشراف ديفيد هولاند، أستاذ الرياضيات في معهد كورانت للعلوم الرياضية بجامعة نيويورك، والباحث الرئيسي في "مركز التغيير العالمي لمستوى سطح البحر" في جامعة نيويورك أبوظبي، مسباراً لرصد درجة حرارة المحيط محمولاً في طائرة هيلوكوبتر، وذلك في فتحة تشبه البركة أحدثتها مياه المحيطات الدافئة في الأوساط السميكة والمتجمدة عادةً أمام طرف النهر الجليدي. وتبعاً للحركة الطبيعية، يحمل تيار الخليج المياه الدافئة والمالحة من المناطق الاستوائية شمالاً، حيث تلتقي في جرينلاند مع المياه الباردة والعذبة قادمةً من المنطقة القطبية. وتتحرك المياه الاستوائية تحت المياه القطبية نظراً لملوحتها الشديدة. ولكن هولاند وفريقه اكتشفوا أن حرارة مياه المحيط في قاعدة النهر الجليدي كانت أعلى بأكثر من أربع درجات مئوية بدءاً من الأعلى إلى الأسفل عند عمق 800 متراً. وتم تأكيد نتائج هذا الاكتشاف مؤخراً في مشروع "المحيطات تُذيب جرينلاند" الذي أطلقته "ناسا".

وفي معرض تعليقه على هذا الاكتشاف، قال هولاند: "من الصعب على النهر الجليدي الاستعاضة عن الكتلة المُذابة جراء المياه الدافئة بنفس السرعة حيث يذوب السطح ويتسرّب داخل طبقات الجليد متدفقاً تحت النهر الجليدي وفي المحيط. وتمتلك مثل هذه المياه العذبة في أعماق الواجهة الأمامية للشق الجليدي قوّة هائلة للطفو والوصول إلى السطح، فتسحب معها المياه الاستوائية العميقة والدافئة نحو السطح أيضاً.

ويمكن العثور على المياه الاستوائية الدافئة والعميقة في العديد من مواقع المضائق البحرية بغرينلاند. ويتغير وجودها بمرور الوقت اعتماداً على حركة تيار الخليج. وعلى مدار العقدين الماضيين، تم العثور على مياه استوائية دافئة وفيرة في الأعماق. وتتعرض الأنهار الجليدية في جرينلاند - مثل هيلهايم - لوتيرة ذوبان متسارعة وخطيرة منذ وصول هذه المياه الدافئة.

وأضاف هولاند: "نحن متفاجئون باكتشاف أن ازدياد معدل ذوبان الأنهار الجليدية السطحية جرّاء ارتفاع درجة حرارة الجو قد يرتبط بتأثير المحيطات الدافئة. وعلى نحو رئيسي، يعتبر الهواء الحارّ ومياه المحيطات الدافئة ضربتين موجعتين تتسببان بذوبان الأنهار الجليدية بشكل سريع".


الصورة 1: 5 أغسطس 2019. حدد باحثون من جامعة نيويورك في نيويورك وأبوظبي وجود فتحة كبيرة وغير متوقعة في المنطقة الأمامية من نهر هيلهايم الجليدي، وتم إطلاق مسبار لرصد درجة الحرارة، حيث أظهرت النتائج أن درجة الحرارة تبلغ حوالي أربع درجات مئوية من الأعلى إلى الأسفل.

الصور 2: تستعد أورورا باسينسكي فيريس، طالبة الدراسات العليا في جامعة نيويورك، لإطلاق مسبار محمول على طائرة هليكوبتر عند الواجهة الأمامية للشق الجليدي. واكتشف الفريق أن درجة حرارة الماء كانت أعلى بكثير من درجة التجمد من أعلى إلى أسفل، وفوجئ الباحثون بوجود مثل هذه المياه الدافئة قرب الواجهة الأمامية للشق الجليدي.