استضاف مركز الشيخ زايد لعلوم الصحراء، صباح أمس، جلسة حوارية بعنوان «زايد والثقافة»، تحدث فيها معالي زكي أنور نسيبة، وزير دولة، وغانم مبارك الهاجري مدير عام المؤسسة العامة لحديقة الحيوانات والأحياء المائية بالعين.
وذلك بحضور الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ونخبة من مديري الدوائر والجهات والمؤسسات في العين، إضافة إلى جمع كبير من موظفي تلك الجهات.
ناقشت الجلسة العديد من المحاور الأساسية المرتبطة بحياة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإنجازاته الثقافية، ورؤية دولة الإمارات في العيش المشترك وقيم التسامح وتقبل الآخر، حيث أمست الدولة بفضل رؤى القائد المؤسس وجهوده، وجهة ثقافية تجمع شعوب العالم على أرضها.
ومن جانب آخر بينت محاور الجلسة طبيعة الاهتمام الكبير من قبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بحديقة الحيوانات بالعين والتي أنشأها عام 1968، حيث امتدت واتسعت حتى أصبحت أكبر حديقة على مستوى الشرق الأوسط ومن أكبر وأشهر حدائق الحيوان في العالم.
وقال معالي زكي نسيبة، في مستهل حديثه في الجلسة: «أود بداية، الإشادة بتأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أخيراً، أن سمات الشخصية الإماراتية على وسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تمثل صورة زايد وأخلاقه في تفاعلها مع الناس، وأن تعكس تواضع الإماراتي وطيبته ومحبته للآخرين وانفتاحه على بقية الشعوب.
فالمغفور له الشيخ زايد منذ بداية توليه رئاسة الدولة عمل على بناء وتعزيز هذا الصرح الذي يطلق عليه اليوم دولة الإمارات العربية المتحدة، واهتم بشكل نوعي ببناء الإنسان». وأضاف نسيبة: وكثيراً ما أكد الشيخ زايد أن بناء الإنسان هو بناء صعب ولكن هو الثروة الحقيقية.
كما كان يعتبر الثقافة والمعرفة مكونات رئيسة للدولة القوية، والمجتمع الذي يمثل قاعدة قوية لنهوض وإعلاء الدولة، وهو ما مهد الطريق، في ظل مواصلة القيادة الانفتاح على الثقافة العالمية وإقامة العديد من المشروعات الثقافية الضخمة، لأن تصبح دولة الإمارات مركزاً ثقافياً على الساحة، وواحة للتسامح والتنوع الفكري والثقافي.
واستطرد نسيبة: الشيخ زايد كان لديه ذخر تراكمي ضخم من المعرفة بالطبيعة الإنسانية وما حفل به التاريخ من أحداث ومسارات، لتصبح حياته كلها رحلة علم يتعلم ويُعلم من حوله بما كسبه من تراكم معرفي. كما كان، رحمه الله، يؤثر في من يتحدث إليهم، وذلك من غزير علمه، وأسلوب خطابه الأخاذ.
69
وتابع معالي زكي نسيبة: «في عام 1969 تم إنشاء دائرة ثقافة وإعلام في أبوظبي، وترأسها حينها، الشيخ أحمد بن حامد، وأيضاً أراد الشيخ زايد، آنذاك، أن يبني متحفاً، ولكن لم تتوفر البنى التحتية في مدينة العين في تلك الفترة، من إمدادات كالكهرباء والطرق.
وكانت رؤيته من تأسيس المتحف عرض ما تم اكتشافه من آثار للحضارات القديمة التي سكنت العين منذ 4000 سنة، وتعريف مواطني الدولة والعالم عموماً بمكانة وتاريخ وعراقة دولة الإمارات وما ترمز إليه. وبالفعل تم إنشاء المتحف. وفي كل مراحل حياة المغفور له الشيخ زايد كان يركز على الاستثمار في الإنسان من خلال التعليم والثقافة».
كما أوضح معالي زكي نسيبة أن الشيخ زايد كان يرفض فكرة «مستحيل». وتابع: اليوم حقق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري طموح الشيخ زايد بأن يكون للإمارات رواد فضاء.
وأشار نسيبة إلى اهتمام الشيخ زايد أيضاً بفتح الأبواب على الثقافات والحضارات والدول الأخرى، مع ضرورة التشبث في المقابل بأصولنا وموروثنا وعاداتنا وقيمنا.
وذكر معالي زكي نسيبة بأن المغفور له الشيخ زايد سمع عن وجود مهندسين بريطانيين بالدولة، وسألهم عن مكان إقامتهم لصلاتهم، فأجابوه بأنه لا مكان لهم سوى بيوتهم، ليأتي رد الشيخ زايد بأن يجعلوا لهم بيتا لإقامة صلاتهم، وهذا يمثل نظرته للتسامح، إضافة إلى تأكيده الدائم على أن الإسلام هو دين المحبة والتعاضد والتعاون في الخير.
وتابع: كما كان الشيخ زايد ذا إيمان عميق بقيمة معاني التسامح، لينعكس ذلك في حياة شعب وأخلاق وطن، فمبادئ التسامح واحترام الديانات من المكونات الأصيلة في الدولة. ووقوفه في الوقت ذاته بصلابة للدفاع عن قضايا المسلمين، لاسيما بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث أكد أن الإسلام ليس ديناً للعنف والإرهاب، وما قام به هؤلاء لا يمتون للإسلام بصلة.
مفخرة ومكسب
ومن جهته، قال غانم مبارك الهاجري: إن استضافة شخصية مميزة كمعالي زكي نسيبة في هذه الجلسة، والذي رافق المغفور له الشيخ زايد منذ مطلع تأسيس دولتنا الغالية، إنما هي مفخرة لنا ومكسب لمعارف ومعلومات وإرث تاريخي ثمين يجب علينا التعرف إلى أسراره والحفاظ على قيمته الإنسانية والتاريخية، إن وجود معاليه بيننا إضافة كبيرة لما تزخر به مسيرة حياته من رصيد ثقافي وإعلامي على المستوى المحلي والعالمي ولما شهده من مواقف ومراحل مختلفة من حياة الشيخ زايد، رحمه الله.
وأضاف الهاجري: لقد كان لاهتمام الشيخ زايد بالبيئة والطبيعة دور كبير في ترسيخ المفاهيم النوعية التي تتبناها الحديقة في صون الطبيعة وحماية التنوع البيولوجي، كما كان لنظرته البيئية والحضارية المستقبلية تأثير على استراتيجيات ورسالة الحديقة في الوصول إلـــى أعلى معايير الاستدامة العالمية.
مركز حضاري
أوضح معالي زكي نسيبة، وزير دولة، خلال الجلسة، أن دولة الإمارات تعتبر مركزاً حضارياً وثقافياً بسبب توفر البنى التحتية في شتى إمارات الدولة، وتوفر شتى المؤسسات الثقافية والأخرى ذات العلاقة بالفنون الجميلة والتشكيلية، وتأسيس المتاحف وتنظيم معارض الكتاب، إضافة إلى المسرح، مبيناً أن كل ذلك يعتبر حراكاً ثقافياً لا يهدأ، بحيث أصبحت دولة الإمارات اليوم منبراً ثقافياً وفنياً عالمياً يستقطب أشهر المثقفين والمفكرين والفنانين. وطالب نسيبة بضرورة غرس الثقافة في نفوس أطفالنا، فذلك يعتبر بلا شك من مكملات التربية والتعليم.