يوصف المسرح بأنه «فن الحياة»، وهو ليس كغيره من الفنون، ففيه تسقط الحواجز بين الجمهور والفنان الذي يتلقى مباشرة ردة فعل الجمهور، قبل أن يسدل الستار على العمل، تلك ميزة فريدة في فن المسرح، الذي استطاع تاريخياً التأقلم مع التغيرات، وأن يتطور معها، وبرغم ذلك ظل محافظاً على أصالته، وسحره اللافت وقضاياه أيضاً، وفي كل مرة كان «أبو الفنون» يخرج منتصراً من أي أزمة يواجهها، بفضل ما يتمتع به من حضور في قلوب عشاقه.

هذا العام لم تستطع معظم الفنون والفعاليات الثقافية، الإفلات من قبضة «كورونا»، الذي أجبرها على الدخول في «عزلة تامة»، بعد أن أطفأ أضواءها وهلة من الزمن، وخشبة «أبو الفنون» لم تكن بعيدة عن هذه «العزلة»، بعد أن أجبرها «كورونا» على التوقف عن استقبال العروض المسرحية وإقامة المهرجانات، لتقف أمام خيارين «أحلاهما مر» فإما أن تسير في درب الإلغاء أو أن تتحول إلى «واقع افتراضي»، كحل مؤقت، يبقى الجمهور على تواصل مع الخشبة «عن بعد».

فن التشابك

«المسرح عملية تبادلية بين المنصة والجمهور»، هكذا يصفه الفنان مرعي الحليان في حديثه مع «البيان»، ويقول إن «المسرح يحدث هنا والآن، وهذه مزيته التي تفرده عن بقية الفنون، وخصوصاً السينما والتلفزيون، وهو فن التشابك، والالتحام والفرجة الحية التي تتجدد وتطور بناء على ردات الفعل، وتحويله للمنصات الرقمية هو إعادة بث حالة التمسرح بين العرض والجمهور، وهذا ممكن في ظل وجود جمهور، ولكن بما أننا نعاني التباعد الاجتماعي الذي فرضته جائحة كوفيد - 19، فلا يمكن إقامة عروض أو مهرجانات عن بعد، لأنها بتقديري ستؤول إلى الفشل في تحقيق التفاعلية، وهي خاصية المسرح، ولا أعتقد أن هناك مسرحياً يعي هذه العملية، يوافق على المساس بمزية المسرح، ولكن احتكاماً للظروف، قد نسلم بأمر واحد فقط وهو إعادة بث عروض سابقة».

تضرر الموسم

لم يفلت المسرح من قبضة كورونا، فقد أصابه الفيروس في مقتل، بعد أن ألغى موسماً مسرحياً كاملاً، تعودت الإمارات أن تعيشه هذه الأيام، وفي هذا السياق، يعتقد الحليان أن المسرح ربما يكون من أكثر الفنون تضرراً، بسبب التباعد الاجتماعي، موضحاً: هذا الضرر بسبب أن المسرح فن قائم على الالتقاء والالتحام بالجمهور، مبيناً أن فيروس كورونا قد أتى حتى الآن على موسم مسرحي كامل، وسبب الضرر للفرق المسرحية والعاملين فيها. وقال: محلياً، ألغي الموسم المسرحي الصيفي، وكذلك مهرجان المسرحيات القصيرة، وعلى ذات الطريق يسير مهرجان الإمارات لمسرح الطفل، ومهرجان المسرح الصحراوي، ومهرجان المسرح الثنائي. وهذا يبين لنا حجم التأثر الذي انعكس على قطاع المسرح، مؤكداً أنه لا يستوي إقامة هذه المهرجانات افتراضياً، كونها ستفقد قيمتها الفنية.

فن جاذب

رأي المسرحي جمال مطر، لم يكن بعيداً عن تطلعات زميله مرعي الحليان، حيث قال: «كلنا يعلم أن المسرح فن جاذب، تكمن خطورته في إيصال الفكرة والمعنى عن طريق التواصل الحي، وهو الوحيد الذي يجب أن يقدم حياً على الخشبة، لإحداث التغيير عند الجمهور، وصولاً إلى مرحلة التطهير». وعد مطر أن الجمهور في المسرح هو «لاعب رئيس» لأنه يتشارك وجدانياً ونفسياً مع إيقاع العرض المسرحي. وقال: وجود الجمهور ضرورة في القاعة، لكون ذلك يساهم في تطور الممثل على الخشبة لأنه يأخذ من ردات فعلهم وأحاسيسهم، ويستلهم البطولة بحضورهم. واصفاً مشاهد مسرحية عن بعد، كمثل أن نأكل طعاماً من دون ملح.