الأبراج والعمارة الدفاعية المحلية وظائف واحتياجات طوّعت تحديات المكان

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كان من أكبر عوامل إنشاء العمارة الدفاعية التقليدية في الإمارات، متطلّبات: الأمن والاستقرار والحماية، وضغط العدوّ الخارجي وتأثيرات المشاكل الدّاخليّة.

ومِن المستحكمات العسكرية الموجودة في الإمارات: الأسوار والحصون والقلاع، ولكلّ منها وظيفة دفاعيّة معيّنة أو وظيفة مدنيّة محدّدة. ولكن الأبراج الدّفاعيّة هي أكثر انتشاراً وشيوعاً على أرض الإمارات، وهي متوزّعة على كافّة أنحاء الدولة ما يدلّ على ما لهذه العمائر من أهمية ومكانة في المجتمع المحلي قبل قيام الاتحاد.

وتتكوّن الأبراج على الأغلب من شكلين، دائري ومربع، وتتكون من نوعين، برج خارجي وبرج داخلي، فالأبراج الخارجية: تقع خارج المدينة وهدفها حماية أراضي المدينة، وتتكوّن هذه الأبراج من طابقين أو ثلاثة.

والأبراج الدّاخليّة: تقع في وسط المدينة وهدفها حراسة سور المدينة، وتتكوّن من طابقين أو ثلاثة. وعادة ما تكون قياسات الأبراج بقطر تبلغ قاعدته حوالي 6 أمتار، وبارتفاع ما بين 11 و12 متراً. وتميل الجدران لتضيق باتجاه القمّة بشكل ملحوظ، ما يعطي البرج مظهراً متميّزاً يشبه نبات الفلفل. وعادةً ما يتمّ الدخول عن طريق درج أو حبل يتصل بالباب.

تصميم محكم دقيق

هناك، من حيث مادّة بناء الأبراج ومواضع إنشائها: أبراج طينيّة دائريّة، أبراج حجريّة دائريّة، أبراج مسوّرة على قمم التلال والمرتفعات، أبراج للمراقبة، أبراج ساحليّة مربّعة الشّكل أو ذات أضلاع ثمانية.

وتتكوّن على الأغلب من ثلاثة طوابق، ويكون الطابق الثالث مكشوفاً ومحاطاً بحاجزٍ جداريٍّ يرتفع من جهة واحدة، وتبنى هناك منصّة مزوّدة بفتحات لإطلاق النار لتشكل شبه طابق رابع، ويُغطّى الطابق الأعلى بسعف النخيل. وتدعمه أربعة أعمدة ناتئة عن رؤوس الحاجز الجداري. ويتّصل الطابق الأرضيّ بالأوّل بواسطة درج. ويشكّل بدوره بفضل سقفه العالي وجدرانه السميكة، مخزناً ممتازاً وملاذاً من الحرّ.

تقنيات البناء

تُشيّد الأبراج من قوالب من الطّين، أو من الحجارة والمدر، أو من الحجارة وقوالب الطّين بحيث يكون كلّ نوع خاصّاً بأبراج معيّنة أو منطقة معيّنة، بالاعتماد على الموادّ المحلّيّة المتوافرة.

ومن أهمّ الخصائص المميّزة في معظم الأبراج هو مَيَلَان الشّكل الخارجيّ للجدران نحو الأعلى، ما يعطي البرج مظهراً مربّعاً. وتتكوّن القوالب من الطّين مخلوطاً مع كمّية كبيرة من الحصى، وبعض الأصداف وأحياناً بعض القطع الفخّاريّة.

وربما يتنوّع المزيج المستخدم في القوالب حتى في البرج نفسه، وعادة ما يتمّ وضع طبقات سميكة من قوالب الطّين المملّط بسماكة تصل إلى 2 سم. ويوجد نمطان للبناء، أفقيّ وعموديّ، ويسود النّمط العموديّ في معظم الحالات.

ويتمّ إضافة الحجارة على الجزء السّفليّ للطبقة الخارجية للمبنى، وذلك لحمايته من التآكل بفعل الماء أو الأملاح. وتُبْنى جدران الطابق الأوّل عادة بسماكة 10 سم تقريباً عبر مَيَلَان الوجه الدّاخليّ للحائط ما يحدث حافّة رفيعة يتمّ من خلالها تثبيت الدّعامات الخشبيّة على الأرض. ويؤدّي انحدار الوجه الخارجيّ إلى الدّاخل قليلاً، إلى تخفيف وزن الطابق العلوي كما يحافظ على سماكة جدران الطابق الأرضيّ.

ويعتبر الحجر والمدر من أكثر مواد البناء شيوعاً، ويعتمد اختيار نوع الحجر المستخدم على ما هو متوافر محلّيّاً. فمثلاً تُستخدم صخور المرجان على الساحل، بينما يُستخدم الحجر الكلسيّ الحصويّ الدّائريّ عند السهول.. وتستخدم دعائم خشبية في تقنية البناء الأولي، سواء بخشب الجندل أو بجذوع النّخيل، بمسافة تبلغ 50 سم. إمّا بأن تمتدّ نهاياتها إلى الحافّة أو تخترق الجدران بشكل عرْضيّ، وتغطى الدّعائم الخشبية بسعف النّخيل (الدّعون). وفوقها طبقة يصل سمكها من 10 الى 20 سم من الطين والحصى. ويتمّ تغطية ذلك كلّه بالمدر نفسه الذي يغطّي الجدران.

نمط سائد

وفي تقنية أخرى، ترتكز دعائم خشب الجندل على مسافة أكثر قرباً، وعادةً ما تكون أقل من 15 سم. وترصّ الحجارة بإحكام ما بين الدعائم لتشكّل منصّة تغطى بالملاط. وتستخدم هذه التقنية في الأبراج الحديثة أو عند ترميم الأبراج القديمة.

وتتطلّب استخدام الكثير من الخشب، كما يتنوّع الحجر المستخدم تبعاً لمدى توافره في المنطقة. ويعتبر النّمط السّائد هنا هو استخدام جذوع النّخيل بوضعها فوق بعضها البعض لدعم وإسناد الطابق الأول.

بينما يستند الطابق الثاني إلى دعامات من خشب الجندل، وذلك لكونها أكثر طولاً وأخفّ وزناً. ومن المعروف أنّ الطوابق العليا تكون أكثر عَرْضاً. وتتكوّن العتبات عادة من خشب الجندل أو من جذوع النّخل. ويتمّ استخدام الحجر الصخريّ في حال توافره. وتعتبر جذوع النّخل المتّصلة طوليّاً ببعضها البعض والمعروفة محلّيّاً باسم «مُوَاد» أحد أهمّ عناصر البناء لمعظم الأبراج.

خصائص وتكوين

تشتمل أبنية الأبراج على مجموعة من الخصائص التي تميز وتشكل هيكلية تكوينها المعماري، ومن بينها:

1- فتحات الرّمي:

يصل قطرها إلى 5-10 سم. وتتخلّل جدران كافّة الطوابق إلا أنّها أقلّ في الطابق الأرضي. وهي عبارة عن فتحات صغيرة لدخول الهواء ولإطلاق النار. وعادةً ما توجد على زاوية تقابل البرج، وترتفع عن الأرض ما بين 80-130 سم. وتكون في صفّين أحياناً.

2- فتحات إطلاق النّار العموديّة:

هي من الخواصّ الدّفاعيّة الشّائعة. وتتموضع عادةً ما بين فتحات الرمي بعرض 10 سم وارتفاع 90 سم. وصُمّمتْ لإعطاء مجال سفلي لإطلاق النّار. وترتفع من متر إلى 15 م من أسفل الجدار.

3-فتحات إطلاق النّار الأفقيّة:

وهي خاصّية نادرة وحديثة.

4- منافذ المدافع:

وهي فتحات مستطيلة الشكل ترتفع عن الطابق الأوّل بنحو 30 سم، وتسمح بحركةٍ محدودةٍ لمدفعٍ صغيرٍ.

5- عضائد الباب الإضافية:

تعتبر عضادة الباب الإضافية من إحدى الخواصّ غير المفهومة. ويتمّ في هذه الحالات بناء دعامة مائلة على جانِبَي الباب بطول 30 سم من القاعدة وتتناقص تدريجيّاً بداخل الجدار عند القمة. ولم يتضح لنا فيما إن كان في هذه الخاصّيّة أيّ غرض دفاعيّ أو بنائيّ. ويحتمل أن تكون قد صُممت من أجل إبعاد المعتدين عن قاعدة الجدران في حال حاولوا مهاجمة الباب.

6- منصّات الحواجز:

تعتبر منصّات الحواجز من الخواصّ المعروفة في الأبراج الدائرية الحجرية. وهي عبارة عن منصّة ضيّقة وميسورة، بُنيت مقابل الجدار الحاجز، بحيث يسمح للمدافعين بإطلاق النّار عبر الشرفة. وتوجد عادةً منصّتان متقابلتان في البرج الواحد.

7- أعمدة الظّلّ:

من أكثر الخصائص وضوحاً في الأبراج الدّائريّة الحجريّة. وهي ترتفع بنحو متر أو أكثر من قمّة البرج. وبُنيت لدعم الأوتاد المصنوعة من خشب الجندل والسقف المصنوع من سعف النخيل ما يزوّد البرج بالظلّ اللازم من أجل المراقبة على القمّة.

8- منصّات الحواجز:

تعتبر منصّات الحواجز من الخواصّ المعروفة في الأبراج الدائرية الحجرية. وهي عبارة عن منصّة ضيّقة وميسورة، بُنيت مقابل الجدار الحاجز، بحيث يسمح للمدافعين بإطلاق النّار عبر الشرفة. وتوجد عادةً منصّتان متقابلتان في البرج الواحد.

9- الشّرّافات:

وهي عبارة عن قمم الجدران الحاجزة، ومعظمها غير معقّدة، وهناك شرّافات أكثر تعقيداً.

10- كوّات الجدران:

إحدى أكثر الخصائص الأكثر شيوعاً في الأبراج والمنازل. ويبلغ ارتفاعها نحو 40 سم وعرضها 30 سم وبعمق 20 سم. وترتفع عن الأرض بنحو متر. وبُنيت لتكون مساحة لوضع المصابيح وأشياء أخرى.

11- سلالم الزوايا:

يستخدم سلّم الزاوية كوسيلة للتنقل ما بين الطوابق. ولا يحتلّ مساحةً كبيرةً من البرج. وهو ذو تصميم غير معقّد. ويتكوّن من عددٍ من الأعمدة القصيرة المصنوعة من الجندل مدرجة بداخل الجدار بشكل قطريّ عند زاوية الغرفة.

غرضان

توجد ميزة مشتركة في معمار الأبراج الدّائريّة خصوصاً، وهي أن تتقدم الجدران الخارجية للطوابق الأول والثاني والثالث أحياناً بنحو 2 أو 3 سم. وربما يكون ذلك من أجل حماية البرج من الأمطار أو من أجل الزينة فقط.

الدرايش

عادةً ما تكون الأبراج الدائرية والطابق الأرضيّ لمعظم الأبراج بلا نوافذ. بينما تتموضع النّوافذ الكبيرة في الطابق الأول منها. وتكون عتبات النّوافذ بحسب التقاليد المحلّيّة على الطوابق الأخرى. وهي خاصّيّة ذات علاقة بتهوية المبنى، وقد كانت بالأصل مغطّاة بشبكة خشبيّة، إلا أنّها قد اختفت في معظم الحالات، وتكون النوافذ كبيرة على نحو مذهل في المباني الدّفاعيّة.

فتحات مخفية

وسيلة أخرى لحماية الجدران من الأسفل والباب خاصّة. وتوجد هذه الفتحات فوق الباب أو حول البرج، وتعمل كفتحات أوليّة لإطلاق السهام أو النّار. وهي ذات تصميم ميسّر، مكوّن من جدار رقيق يستند إلى عمودين متعاكسين من خشب الجندل الناتئ عن الجدار الرّئيس. وينحصر مجال إطلاق النار إلى أسفل الجدران والمساحات المقابلة له ببضعة أمتار.

صفحة متخصصة بالتراث والبحث في مفردات المكان تصدر كل خميس

Email