تميّز الزي التقليدي للمرأة الإماراتية منذ القدم بقطعة القماش الذهبية التي توضع على الوجه لتظهر بعض الملامح البارزة كالعينين وجزء من الخدين، وتسمى «البرقع»، وترمز إلى الحشمة والعادات والتقاليد المتوارثة، وأبرز ما يميز هذه البراقع أنها تعتبر من الحرف التقليدية الإماراتية التي كانت تمارسها المرأة باعتبارها مصدراً للرزق.
وعلى الرغم من تراجع الإقبال على ارتداء البراقع واقتصار ارتدائها على النساء المتقدمات في العمر، فإن حرفة صناعة البرقع أو «قرض البراقع» لا تزال مستمرة لدى بعض النساء اللائي يحرصن على توريثها للأجيال القادمة، ومن ضمنهن الوالدة موزة راشد علي النقبي التي تمتهن صناعة البراقع منذ قديم الزمن، ولا تزال تمارس هذه الحرفة في المعارض والمهرجانات التراثية.
تتحدث النقبي عن البرقع في الماضي، وتقول: «يعتبر البرقع جزءاً من هوية المرأة الإماراتية منذ القدم، ويرمز إلى الحشمة والعادات والتقاليد الأصيلة، فالبرقع هو الغطاء الذي يغطي وجه المرأة وترتديه عند بلوغها أو عند زواجها، وكانت المرأة المتزوجة عادةً لا تخلع البرقع إلا أمام زوجها».
ويأتي البرقع بأشكال وألوان متعددة، وتشير النقبي إلى أن النساء الكبار في العمر كن يرتدين البرقع الكبير بالحجم الذي يغطي الوجه بالكامل عدا العينين، ويكون باللون الأحمر اللامع أو البنفسجي المائل إلى الاحمرار، أما الفتيات والنساء الشابات فكُنّ يرتدين البرقع الأصغر في الحجم، بحيث تتسع المساحة حول العينين، ويأتي باللون الأصفر أو الذهبي.
وعن الطقوس الاجتماعية في صناعة البراقع، تقول النقبي: «جميع البراقع التي كانت سائدة في الماضي هي من صناعة الأمهات والجدات، اللائي كن يجتمعن في فناء المنازل ويتعاونَّ على صناعة براقعهن، وكن يعلّمن بعضهن بعضاً، ويحرصن على وجود الفتيات بجوارهن لتعلّم الحرفة، ولم تكن البراقع تباع في الأسواق كما نشهد في الوقت الحاضر، بل كانت بعض الأمهات يبعن البراقع من منازلهن».
عصا السيف
تشير النقبي إلى أن صناعة البراقع كانت تعتمد على الأدوات والمواد التقليدية البسيطة، وتتحدث عنها: «يعتمد البرقع على قماش يسمى «الشيل»، ويأتي بثلاثة ألوان، وهي: الأحمر والأصفر والأخضر، ويُستورد من الهند، ويُخاط بواسطة «الكرخانة»، وهي الآلة التقليدية التي كانت تُستخدم في الماضي لتفصيل ملابس الأسرة في البيوت الإماراتية.
ويُثبّت البرقع بواسطة سعف النخيل الذي يأتي في منصف البرقع ويكون على الأنف، حيث يتم ارتداؤه، وتسمى هذه القطعة «عصا السيف»، لأنها كانت كالسيف القاطع في منتصف الجبهة، ويُخاط البرقع بـ«الشبق» الملوّن المصنوع من شعر الماعز وصوف الغنم، وأشهرها يأتي باللون الأحمر، ووظيفته تثبيت البرقع على وجه المرأة من خلال ربطة بعقد خفيفة خلف الرأس».
وبعد الانتهاء من صناعة البرقع، كانت النسوة يأتين بقطعة من الصدف تسمى «المصقلة»، وتُستخدم لتلميع البرقع وصقله، ليكون بشكل مستوٍ، كما تستخدم الكرة اللامعة لإعطاء البرقع لمعاناً مضاعفاً. ويدخل في صناعة البرقع استخدام القماش القطني الذي يوضع أسفل قماش «الشيل» الذي يستخدم لامتصاص العرق في فصل الصيف ولتثبيت البرقع.
أما بالنسبة إلى مقاسات البراقع، فتوضح النقبي أن المقاس يعتمد على حجم وجه المرأة وسنوات عمرها، عدا ذلك يعتمد تصميم البرقع على الفتحة المحيطة بالعينين والمنطقة التي تغطي الخدين وأعلى الوجه باتجاه الحاجبين، وكانت صناعة البرقع الواحد تستهلك يوماً كاملاً.
براقع الزينة
تشير النقبي إلى أن صناعة البراقع تراجعت عن السابق، في ظل التطور ودخول آلات الخياطة المتطورة، وبعض الأمهات ما زلن يمارسن هذه الحرفة كهواية، كما اقتصر ارتداء البرقع على النساء المتقدمات في العمر، فيما شهدت أسواق البراقع تصميمات حديثة، إذ أدخلن على صناعته الخرز والألوان الجديدة.