أبهر قمر دموي اللون مراقبي النجوم في كثير من أنحاء العالم أمس الجمعة وهو يدخل رويدا في ظل الأرض في أطول خسوف في القرن الحادي والعشرين.
ومن رأس الرجاء الصالح حتى الشرق الأوسط ومن الكرملين إلى ميناء سيدني شخصت أبصار الآلاف نحو السماء لرؤية القمر الذي أعتم ثم تحول لونه إلى البرتقالي والبني والقرمزي لدى توغله في ظل الأرض.
وتقول إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) إن الخسوف الكلي سيستغرق ساعة و42 دقيقة و57 ثانية، لكن سيسبقه ويليه خسوف جزئي، مما يعني أن القمر سيقبع ثلاث ساعات و54 دقيقة في الجزء المعتم من ظل الأرض.
وحدث الخسوف التام في الساعة 20:22 بتوقيت جرينتش وأمكن رؤيته في أوروبا وروسيا وأفريقيا والشرق الأوسط ومعظم أنحاء آسيا واستراليا، رغم أن السحب حجبت القمر في بعض الأماكن.
ودفع المئات في استراليا بالفعل مقابل مشاهدة الخسوف من مرصد سيدني قبل شروق الشمس.
في الوقت نفسه يقترب المريخ من الأرض أكثر مما حدث في العام 2003 لذلك قد يشاهد بعض المتابعين ما يبدو أنه نجم يتراوح لونه بين الأحمر والبرتقالي الذي سيكون في الواقع الكوكب الأحمر (المريخ).
وقال روبرت ماسي، نائب المدير التنفيذي للجمعية الملكية البريطانية لعلماء الفلك: "إنها مصادفة غير مألوفة بالمرة أن يحدث خسوف كامل للقمر بينما يكون المريخ في الجانب المقابل خلال نفس الليلة".
ومنذ آلاف السنين يجول الإنسان بنظره في السماء بحثا عن بشير خير أو نذير شؤوم، لكن علماء الفلك قالوا إنه لا يوجد ما يستدعي القلق.
ولن يتسنى مشاهدة الخسوف في أميركا الشمالية ومعظم أنحاء المحيط الهادي. ومن المتوقع أن يحدث خسوف القمر المقبل لنفس الفترة الزمنية العام 2123.
و"خسوف القرن" كما يصفه العلماء ظاهرة فلكية فريدة يترقبها العالم اليوم حين يظهر الـ "القمر الدموي" بلونه الأحمر الوردي في كل أرجاء العالم.
ظاهرة ارتبطت على المر الزمان بأساطير تركت بصماتها في الفن والأدب والشعر، رصدتها (DW) الألمانية في التالي:
رمزية وعلم فلك:
في العصور الأولى تم تكريم قوة القمر، فقد رُبطت زيادة وتقلص حجم القمر بالأنشطة البشرية. فضلا على ذلك، تم حساب الوقت بالاعتماد على القمر بدلا من الأيام والشهور الرومانية. ويرمز قرص الشمس الأثري البرونزي، الذي تم اكتشافه في بلدة نبرا الألمانية إلى كلا الجانبين: الفلك والروحانية، فيما يتراوح عمر هذا القرص الثمين بين 3700 و4100 سنة.
مُفعم بالمعاني:
في الفنون الجميلة، يرمز القمر إلى أشياء مختلفة كثيرة، منها البراءة، بيد أن ذروة الاهتمام بالقمر ارتبطت بالرومانسية، حيث أراد الفنانون من خلال أعمالهم الفنية إرجاع السحر إلى القمر على غرار هذه الصورة، التي تعود إلى سنة 1820، وتحمل عنوان "رجلان يتأملان القمر" للرسام والرومانسي الألماني كاسبر ديفيد فريدريك.
مُلهم الشعراء:
في عالم الآدب يلعب القمر منذ مدة طويلة دورا رئيسيا وخاصة في الشعر، إذ يُستخدم من أجل التعبير عن الكآبة والشوق، فضلا عن المُواساة. مثل قصيدة الشاعر الألماني الكبير فولفغانغ فون غوته "إلى القمر".
غناء للقمر:
لا يُحمس القمر فقط الذئاب على الغناء، بل أيضا الإنسان الذي تغنى منذ زمن قديم بالأجرام السماوية. وأبرز أمثلة على ذلك في العصر الحديث هو الفيس بريسلي "قمر أزرق"، و ألبوم الفرقة الموسيقية البريطانية الشهيرة بينك فلويد "الجانب المُظلم في القمر".
رعب ورومانسية:
قال الكاتب الأميركي المعروف مارك توين "كل واحد منا كالقمر، لديه جانب مُظلم لا أحد يراه". ومنذ العصور القديمة هناك أساطير عن أشخاص، يتحولون إلى ذئاب عند اكتمال القمر. كما أن السينما تُشير مرارا وتكرار إلى أسطورة المستئذبين.
هنا مثلا صورة من فيلم "الرجل الذئب" سنة 1941. زيادة على ذلك، ظهرت أفلام كوميدية يلعب فيها القمر دورا أساسيا على غرار "مجذوبة القمر" سنة 1987.
حدث كبير:
مع أول هبوط مأهول على سطح القمر سنة 1969، خسر القمر آخر أسراره وفقد بالتالي جاذبيته. وفجأة بدأ الناس في السفر إلى القمر والتقاط صور هناك، فيما يبدو أخيرا أن العلم غزا القمر.
جاذبية دون انقطاع:
على الرغم من غزو القمر، إلا أن هذا الأخير لم يفقد سحره وجاذبيته. ففي سنة 2013 أطلق الفنان الصيني آي ويوي وصديقه الدنماركي أولافور إيلياسون مشروع "قمر". كما بإمكان كل شخص الدخول إلى موقع هذا المشروع "www.moonmoonmoonmoon.com". ووضع رسم أو إشارة تُخلد القمر.