" قدمت مشروعاً يختص بالغرافيك والتصميم لإحدى الشركات، وهو عبارة عن إنجاز 4 بطاقات تحمل رسومات منوعة، أخذت ما يقارب 8 ساعات للعمل على واحدة منهم، لأحصل على تقدير مالي يكاد لا يذكر. وتواصلت بعدها مع شركة إعلان وطلبت منهم أن يصمموا تلك البطاقات نفسها، واكتشفت أن سعر الواحدة تجاوز ما تم تقديمه لي بمفارقة كبيرة، لا أدري ما السبب في عدم تقدير المؤسسات المختلفة لعمل (الفري لانسر) وخاصة الإماراتيين العاملين في مجال الأعمال الإبداعية؟". حديث للمصممة الإماراتية وفاء المرزوقي، جمعها مع " البيان " عبر مناقشة نوعية لعملها في مجال ( الفري لانسر ) أو ما يسمى بالعمل الحر.، اعتبرها المتخصصون في المجال أنها ثقافة إبداعية استثمارية لنزعة الأعمال الحرة الشابة، لا تلقى تقديراً مادياً ومردوداً نوعياً من قبل المؤسسات والشركات المتعاملة معها.
تعزيز الريادة
اعتبر عبدالباسط الجناحي المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب أن تجربة ( الفري لانسر ) جيدة بكل المقاييس في مجال الأعمال وخاصة لفئة الشباب، لما تحمله من بعد استثماري على مستوى التنمية الذاتية للأشخاص، وإقامة علاقات العمل، وتأسيس بنية تجاه قاعدة مشروع صغير أو متوسط، مبيناً أنها ظاهرة صحية للباحثين عن وظائف في ظل قلة الفرص، حيث يكون فيها الشخص متحرراً من كل القيود الإلزامية أو التخوف من المسؤولية، ونحن كعاملين في مجال تعزيز مكانة العمل الإنتاجي والتخصصية من قبل الأفراد، نشجع على خوض الشباب في هذا الميدان، كونه الأسلوب العملي الأبرز في إثراء النزعة الريادية للأعمال من قبل الشباب في الإمارات وخاصة الإبداعي منها التي تحتل أولويات أجندة العمل الحر.
غياب التقدير
عملت المصممة الإماراتية وفاء المرزوقي كـ ( فري لانسر ) لمختلف المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة، مبينه أن هناك 3 أسباب رئيسية ساهمت في خوض الشباب لهذه التجربة . أولها: المردود المادي الشخصي للعمل الإبداعي، والذي يحكمه مفارقة كبيرة عند العمل كموظف ضمن مؤسسة متخصصة مثلا. وثانيها: العمل الإبداعي عادة يعتمد على " mood " أو المزاج كما وصفته المرزوقي، والعمل كموظف يجعله يخضع لفكرة الإلزام وتقديم العمل دون تفرد خاص به.
وثالثها: إن " الفري لانسر " يقدم للعامل فيها قوة اختيار وبدائل ومتنفسا للتطوير والابتكار. وفي سياق سوق العمل، أوضحت المرزوقي أن نظرة الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية تجاه العاملين في " الفري لانسر " وخاصة المواطنين، تكاد لا تلقى دعما ماديا أو معنويا في بعض الأحيان. متحدثة عن مجالها في التصميم والجرافيك : " لا أعلم لماذا يتم الإقلال من كفاءتنا ومقارنتها بأعمال شركات الدعاية والإعلان التي لا تحمل نفس مستوى سمة الاحترافية والجودة والإتقان الذي نقدمه؟".
المصور الفوتوغرافي محمد سالم توجه لـ (الفري لانسر) في مجال التصوير الفوتوغرافي قبل أن يؤسس شركته المتخصصة في خدمات التصوير، مشيرا إلى أن ظاهرة العمل الحر يحمل أكثر من بعد إيجابي وسلبي في نفس الوقت، ومنها الحرية وعدم الارتباط الفعلي بمؤسسة وعمل يومي، والتعرف أكثر على مستوى القدرات من قبل الشخص العامل في المجال، إضافة إلى إمكانية الخوض في تجارب خاطئة والتعلم منها عبر الممارسة العملية الحقيقية في الميدان. وفي سياق الجانب السلبي لهذا المجال أشار سالم إلى أن حضور من لا يجيدون الحرفة الإبداعية مثل التصوير مثلا، ويزاحمون الكفاءة والاحترافية وبأقل الأسعار ، تشكل أزمة تبعد معظم الأعمال الجيدة من الاستمرار. وفعليا التجربة عززت فيه المهارات القيادية والتنظيمية ومنها ظهر نتاج الشركة التي أسستها اليوم.
تقبُل مجتمعي
قدمت مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، دورات تدريبية عديدة في مجال إقامة الأعمال، وذكر عبدالباسط الجناحي المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب في هذا الصدد تبني المؤسسة لمختلف العاملين في مجال "الفري لانسر"، كجزء حيوي للرؤية التي تسعى إلى تحقيقها المؤسسة، في خلق مؤسسات أعمال جديدة عبر توفير منصة لازمة لإطلاق أفكارهم، موضحا أن مبادرة التاجر الصغير التي عملت عليها المؤسسة خلقت ثقافة تقبُل المجتمع للعمل الحر والمنتج والرائد، مستهدفة مختلف الشرائح والأعمال، عبر مشاركة الأهالي والأسر في تقديم أعمال أبنائهم ودعم مشاريعهم عمليا.