تلقيت أول من أمس، اتصالا مفاجئا من أحد الأصدقاء، بعد انتهاء الدوام الرسمي، بينما كنت أحضر مع الأهل مائدة الافطار، وقال لي بصوت (متحمس): صدام حسين يغزو الكويت في مسلسل ساهر الليل ـ وطن النهار، وأجبته: فعلاً، كنت أنتظر رؤية: كيف سيصيغ المخرج الكويتي محمد دحام الشمري، هذا المشهد، الذى لم يمح من عمق الذاكرة الخليجيية والعربية.
وأضاف الصديق المتصل: تخيلي، كنا نجلس جميعاً أمام التلفاز في غرفة الجلوس، وتفاعلنا مع الطرح، في الحقيقة العمل يستحق الحديث عنه.
لسنا هنا في موقف مدح أو إطراء للكاتب الكويتي الشاب فهد عليوه، مبدع سيناريو مسلسل "ساهر الليل" بأجزائه الثلاثة، والذي يحضر هذا العام بشكل توثيقي، يحمل مرحلة حرب الخليج الثانية، وأبعادها على المجتمع الكويتي في تلك الفترة، رغبة منه في إيصال بعض تفاصيل الصورة للجيل الحالي الذي لم يعاصر المرحلة التسعينية، كما صرح في العديد من المواقع الإعلامية. ولكننا أمام عمل درامي، استطاع تحريك الوجدان، وطرح تساؤلات، وتواصل حقيقي مع المشاهدين.
حيث رأى بعضهم، أنها إعادة لفتح الجرح الكويتي من جديد. أما آخرون فأيدوا البعد التاريخي في المسلسل، ودور الفن في ترسيخ هذه الرسالة.
صدمة
لا يوجد عمل كامل ومثالي، دون وجوب النقد البناء في اعتبارات طرحه. ولكن هناك عروض درامية تتسم بالتكامل في عناصرها: الحبكة والجذب من خلال صناعة الصورة وتفصيل الكلمة وموقعها في المشهد. وجميعها معايير تجدها في مسلسل "ساهر الليل" وأنت تشاهده.
واستكمالاً للمناقشة التي دارت حول الحلقة 4 من المسلسل. بعد انتهاء تلك المكالمة السابقة، وتناول الافطار، توجهت مباشرة لمتابعة الحلقة على موقع اليوتيوب.
بدأت مشاهد الغزو العراقي في المسلسل بأصوات الصواريخ والدبابات، والتي اعتمد فيها المخرج على الموسيقى التصويرية للمشهد، مشكلة صدمة لأهل الكويت، بين مصدق ومكذب أن صدام حسين غدر بهم، أم أنها مجرد مناوشات حدودية.
واستمرت المشاهد تتالى في حوارات قصيرة، والمزيد من المشاعر تجاه الحالة من قبل الممثلين. مما جعلت المشاهد يعيش حالة تصاعدية مع الحدث.
شخصية عراقية
أبرز المسلسل طبيعة المجتمع الكويتي في مرحلة التسعينات، وما هية تلاحمهم مع العراقيين. ومنها حضور شخصية عراقية في العمل، وهي زوجة رجل كويتي يعمل دبلوماسياً، وابنها رجل عسكري، الذي يتم اعتقاله فيما بعد. ويتوصل المشاهد لهذا الحكم لشخصية عبر لهجتها المستخدمه.
حيث بين تلك المرأة العراقية المنصهرة في المجتمع الكويتي، من خلال إنجابها لأبناء كويتيين وتربيتهم، موضحاً المسلسل البعد الإنساني في هذه الشخصية، الذي أحسن فيه المخرج محمد دحام اختيار الممثلة الكويتية نور لتأدية الدور، التي اعتبرت أن تشخيصها لهذا الدور سيحدث نقلة لها في المجال الفني.
وفي سياق الأحداث إبان لحظة الغزو، ترى التفاعل الكبير لوسيلة الإذاعة بشكل أكبر عن التلفزيون، حيث استمر التلفزيون في تقديم أغان وطنية وشعارات العروبة، جاعلاً من الفرد الكويتي، لا يعلم مجريات الحادث في الخارج، ويعيش مرحلة توهان نسبي.
أما وسيلة الإذاعة فكانت الأقدر في التواصل الخارجي، عبر الأخبار العالمية في تلك الفترة، ولكنها اتسمت بعدم الوضوح والتشويش كما بينها المخرج في الكثير من اللقطات.
البيت الكويتي
صورت الحلقة الرابعة بداية استنفار البيوت الكويتية في حرب الخليج الثانية، وخاصة كبار السن من يمثلون وجدان المجتمع، وتفاصيله العريقة. إضافة إلى الشباب من المراهقين ونضجهم المبكر تجاه قضية وطنية.
من جهة أخرى، ترى المرأة الكويتية الأم والأخت والحبيبة، متواجدة في المشاهد بأبعادها في التعامل مع الصدمة. والجانب التوثيقي للمرحلة، مما يفرز أسئلة تجاه طبيعة ما شكلته الحالة من تداعيات على المدى البعيد في منطقة الخليح. وأوضح الكاتب فهد عليوه أنه كان صغيراً خلال الحدث، ولكنه اعتمد على البحث المتأصل، للكتابة في الموضوع.