بين الحيادية التي يجب الالتزام بها، والحقيقة التي يجب إظهارها، والضغوطات التي يمارسها الجمهور، يجد الإعلامي نفسه في مأزق صعب، يجبره في بعض الأحيان على الوقوف على الهامش، وفي أحيان أخرى على التمسك بموقفه والتعبير عن آرائه وتوجهاته بكل وضوح، ورغم أن الحيادية تعتبر أهم عناصر الإعلام الناجح، إلا أن الكثيرين اليوم يعتبرونها أكذوبة كبيرة، لا منطق لها ولا مبررات. ورغم محاولات كثير من المذيعين على التمسك بحياديتهم على الشاشة، إلا أنهم يتحررون من قيودها في مواقع التواصل الاجتماعي، فيعلنون عن مواقفهم وتوجهاتهم بكل صراحة.

فهل ما يفعله الإعلاميون صحيح، وما موقفهم من الحياد الإعلامي؟

إجابات تلك الأسئلة في التحقيق التالي.

أكدت المذيعة في قناة العربية ميسون عزام ، أن المذيع وجه المحطة التي يعمل بها، والجمهور يربط بينهما لا شعوريا، وما يحسب عليه، ينسحب على المحطة، وهناك عقد أخلاقي بيني وبين "العربية"، يمنعني من أن أؤثر عليها بطريقة أو بأخرى، ويجعلني حذرة في تصريحاتي وتعليقاتي في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. وتوجهي يتماشى مع الخط التحريري لـلقناة، وإلا لما أستمريت فيها حتى الآن.وعندما أرغب في التعبير عن موقف أو رأي ،ألجأ لكتابة مقال على الموقع الالكتروني الخاص بالمحطة، فهو متنفسي الحقيقي ووجهتي الصحيحة لي.

ضمير المجتمع

"على الإعلامي أن يكون صاحب موقف ورأي واضح بعيدا عن الحيادية" هذا ما أكده المذيع في سما دبي جمال مطر، ومن يجب أن يكون حياديا في تعامله مع الخبر ،هو مقدم الأخبار فقط . فالإعلامي ضمير المجتمع، وتبنيه لوجهة نظره الخاصة تثري أي حوار، والجدل والاختلاف في الرأي ضروريان، لأنهما يصنعان إعلاما حقيقيا، و"أنا واضح في برامجي كوضوحي في مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقفي وآرائي معروفة وصريحة".

المذيعة في "إم بي سي والعربية"نيكول تنوري بدأت حديثها قائلة "واجب الإعلامي أن يطرح الفكر غير الموجود في الحوار، وألا يتبنى وجهة نظر خاصة، فهو ليس صانع قرار"، فالحيادية أمر حساس تواجهه المؤسسات الإعلامية، ودائما ما يتكلم البعض عن الحيادية والديمقراطية والحقيقة، الا أن المشكلة تكمن في أنه ليس هناك حقيقة في المطلق، فكل شخص يراها عبر منظوره الخاص، وأنا أسعى دائما إلى ما هو أقرب للحقيقة.وعلى المذيع أن يكون حياديا 100%، فهو مرآة لنقل الواقع، وحتى إن لم يكن مقتنعا ببعض وجهات النظر أو الآراء، فواجبه أن يعرضها جميعها على المشاهد.

وأشار المذيع بقناة أبوظبي الأولى سعيد المعمري إلى أنه من الضروري أن يكون الإعلامي حياديا، وقال: وظيفة المذيع أن يعرض الموضوع ووجهات النظر المختلفة، والحكم في النهاية للمشاهد.والأمانة المهنية تقتضي في بعض الأوقات أن أعرض وجهة نظري الخاصة وأتبنى موقفا محددا، ولكني أتوخى الحذر في ذلك، فلا أوجه الآخرين ليتبنوا موقفي.ويجب على المذيع أن يحدد الصورة التي يريد الظهور بها في مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا شخصيا اعبر عن مواقفي السياسية والاجتماعية وتوجهاتي الرياضية وآرائي الخاصة بوضوح وعلانية.

مجرد شعارات

ويقول المذيع بإذاعة وتلفزيون نور دبي عبدالله إسماعيل،"الحيادية مجرد شعارات" والحيادية المطلقة لا وجود لها ، فلكل مؤسسة إعلامية توجه ومصلحة معينة، وحيادية الإعلام لا تعني أن يلغي الإعلامي نفسه، بل هي ألا يلغي الرأي الآخر، وحين يتعلق الموضوع بالثوابت والقيم، فمن المفروض أن نتخلى تلقائيا عن حياديتنا.وشخصيا اتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بكل حرية، واعبر فيها عن مواقفي وآرائي بكل صراحة ووضوح.

وشدد عميد كلية المعلومات والإعلام والعلوم الإنسانية في جامعة عجمان للعوم والتكنولوجيا دكتور خالد الخاجة، على أهمية الحياد الإعلامي، وعلى الإعلامي الالتزام به بغض النظر عن موقعه، فهو كالشاهد، والشاهد كالقاضي الذي يجب أن يكون حياديا دائما، فمن أخلاقيات المهنة أن ينقل المذيع الحقائق كما هي، وإن كان يعمل بمؤسسة لها اتجاهات معينة فعليه أن يبتعد عنها حتى لا يسيء لنفسه. والإعلام في الدول العربية والغربية موجه، ونادرا ما نرى إعلاميا محايدا، وتوجهات المؤسسات الإعلامية والحكومات هي ما يمنع ذلك.