تعد الإمارات اليوم في طليعة الدول من حيث الاهتمام بالحرف والصناعات التقليدية الشعبية إذ أمكن إحصاء أكثر من 30 حرفة شعبية يدوية خلال الدورة الأخيرة لمهرجان أيام الشارقة التراثية مازالت تمارس داخل مجتمع دولة الإمارات وتمثل مورد رزق للعديد من الناس الذين يمارسونها حتى لو اقتصرت تلك الممارسة في المناسبات والمهرجانات.

ومن أهم الصناعات والحرف التقليدية التي كانت حاضرة في المهرجان والتي مازالت تمارس في الدولة تجريد أو سحل الخوص وصناعة السيوف والأكل الشعبي والخناجر وعمل الوسم والتلي وعمل الحبال .

ويسمى قلد الحبال وغزل الصوف وقرض البراقع والنجارة وعمل اليازرة والحدادة والجص ودق وطحن الحبوب والحناء والأشرعة وصناعة القراقير والسفافة وصناعة السفن والطواشة والزراعة والعطور وصناعة المنابر والدخون والخياطة والسدو وصناعة الحلوى وخض اللبن وعمل الدبس والتجارة وغيرها من الصناعات التقليدية العريقة في المجتمع.

اهتمام

وبعد ثورة النفط واجهت الصناعات والحرف التقليدية عقبات وتحديات وبات بعض منها على شفا الانقراض، وبالفعل بدأت حرف بعينها بالتلاشي والاندثار مع بداية السبعينيات من القرن الماضي إلا أن هذا الحال لم يرض المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) الذي غرس حب الاهتمام بقطاع الصناعات والحرف التقليدية في جيل اليوم.

إذ افتتح مركزا للصناعات التقليدية واليدوية القديمة في عام 1978 بإشراف الاتحاد النسائي العام وتفرعت منه العديد من مراكز التدريب على مستوى الدولة.

ثم سارت القيادة الرشيدة على النهج نفسه، فبدعم من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وتوجيهات أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله زاد الاهتمام بالصناعات التقليدية ما دفع جمعيات ومراكز التراث ومراكز الأسر المنتجة والمؤسسات والأهالي للمشاركة في إحياء هذا اللون من الأنشطة.

صناعات الساحل

وفي هذا الإطار يقول محمد خميس بو هارون: «اشتهر أهل الساحل بالصناعات البحرية المتعلقة بالأسماك التي كانت تصدر إلى الأسواق الخليجية والإفريقية ومنها صناعة المالح في الساحل الشرقي وصناعة (العومة) التي شكلت مصدرا غذائيا واقتصاديا أساسيا لشعب الإمارات أثناء كساد تجارة وصناعة اللؤلؤ حيث استخدمت في الأطعمة وكسماد للمزارع».

ويضيف: «تعد صناعة السفن الخشبية من أهم الصناعات التي تميزت بها دولة الإمارات ونالت قسطا كبيرا من الاهتمام والشهرة ومازالت باقية إلى يومنا»، مؤكدا أن أهالي دولة الإمارات حملوا بجدارة لقب أفضل الجلاليف «جمع جلاف وهو صانع السفن» على امتداد سواحل الخليج العربي .

مهن

من جانبه يقول المزارع علي محمد المنصوري إن أهالي المناطق الزراعية «مناطق النخيل» أجادوا المهن والحرف المتعلقة بالنخيل حيث استخدم سكان المناطق الزراعية معطيات هذه الشجرة السخية لتلبية مختلف احتياجات معيشتهم لأن هذه النخلة كانت الشجرة الوحيدة التي استفاد الإنسان على مدى مئات السنين من كامل أجزائها بدءا من الجذوع إلى الألياف والكرب المحيطة بالجذوع حتى السعف والجريد إلى جانب الثمار.

التمور

وقال علي سعيد الشحي: «أهم منتجات التمور التي استخدمها سكان المناطق الزراعية (الدبس) الذي كان يقوم مقام السكر هذه الأيام ..كما كانت هذه المادة تستخدم في صناعة أنواع كثيرة من الحلويات والمأكولات الشعبية، ومن الصناعات التي صنعها الأهالي في المناطق الزراعية قديما هي (البثيث) وذلك بخلط التمر مع السمن والطحين لتعطي نوعا من الحلوى لذيذة الطعم.

وقال احمد راشد الحيمر من سكان الجبال: «شهدت المناطق الجبلية صناعة مزدهرة للفخار وصل إنتاجها أقاصي الشرق والغرب، وتعد منطقة شمل برأس الخيمة من أكثر المناطق في الدولة قاطبة اشتهارا بصناعة الفخار وإنتاج أشكاله وأنواعه المختلفة ».

تراث

تمثل الحرف والصناعات الجانب المنتج من حياة المجتمع حيث تتداخل الحرف في مدلولها العام مع مفهوم الصناعات التقليدية ..فإذا كان الرعي والصيد والزراعة والتجارة والتطبيب من الحرف فإن الحدادة والصناعة والحياكة والنجارة تمثل الصناعات.

ودولة الإمارات العربية المتحدة غنية بتراثها الحضاري الذي ورثته عبر مختلف مراحلها التاريخية والحضارية ويظهر ذلك بوضوح في تعدد الفنون الشعبية والحرف والمصنوعات التقليدية التي تعكس ذوقا فنيا وتراثا غنيا.