تعددت أنواع الفيروسات وطرق علاجها منذ القدم، فالبعض ينجو منها والبعض لا تساعده صحته على التغلب عليها، ولكن قد ينجو من يستعين بعقله ورجاحة فكره وينتصر ليعيش ويخلق طرقاً جديدة للعيش والشفاء، وتحكي لنا «الباب الموصد»، قصة انتشار وباء الكوليرا في إحدى دول الخليج، وتتوقف عند انصياع الأبناء لأوامر والديهم وملازمة المنزل ليحافظوا على حياتهم وحياة أبنائهم، وقد تميزت دول الخليج بالحياة البسيطة في فترة ما قبل النفط التي كانت تفتقر كثيراً للاحتياجات الضرورية لأفراد المجتمع الصغير آنذاك، وكان يعتمد الأهالي على الغوص أو التجارة مع الهند لطرق أبواب الرزق بعيداً عن أوطانهم، ويبقى الهدوء يعم أحياء المنطقة وتبقى أدويتهم الشعبية الملاذ لكل مرض.

الفيلم هو انعكاس لما يحدث حالياً مع فيروس «كورونا» وما تقوم به الدولة من احترازات لسلامة أفرادها مع اختلاف الوباءين والحقبتين والإمكانات الطبية، حيث إن أفضل الحلول على الإطلاق هو ملازمة المنزل وأخذ الاحتياطات بجدية.

إمكانيات

انتشار وباء الكوليرا، هو قصة فيلم «الباب الموصد»، الذي أنتج عام 1965، من بطولة مريم الصالح ولطفي عبد الحميد وجاسم النبهان وعبد الجبار عبد المجيد، وتأليف وحوار صالح حمد وسيناريو وإخراج يحيى فائق. والقصة مستوحاة من قصة حدثت عام 1831، واستطاع الممثلون وبأداء بسيط ومتواضع أن ينقلوا لنا حقبة زمنية تظهر مدى بساطة الناس والفرق في الإمكانيات الحالية لدول الخليج، التي تعزز وتسعى لسعادة مواطنيها في ظل حكوماتنا الرشيدة، حيث كان بإمكان وباء أن يقضي على قرية كاملة بدون أن يحرك أحد ساكناً، فليس هناك أي إمكانيات تذكر في تلك الفترة.

سنة الرحمة

ويتناول الفيلم أحداث سنة الطاعون، أو الرحمة كما يسميها المؤرخون، فقد انتشر في الكويت وباء الكوليرا، راح ضحيته حوالي 60% من السكان آنذاك، وهلكت عوائل كاملة، إلا من رحم ربي من الرجال الذين كانوا في رحلة تجارية للهند، عاد أغلبهم ليفجعوا بأهلهم وأولادهم، حتى إن أحد التجار عاد ليحرق منزل أسرته التي وجدها ميتة داخل المنزل بالكامل، هرع الناس وسكنوا «عشيش» في منطقة الشويخ، وكان هناك بيت واحد في منطقة شرق الكويت لم يذكر اسم ساكنيه ولم يمت منهم أحد، وذلك لأسباب حكيمة من صاحب المنزل، حيث يحكي الفيلم قصة الزوجين فاطمة وإبراهيم اللذين كانا يقطنان المنزل، وفي أحد الأيام أرادت فاطمة أن تطمئن على أهلها في ظل الظروف الصحية السائدة، ولم تكن هناك طريقة غير زيارتهم، وهو ما كان يشكل مشكلة كبيرة، فالخروج من المنزل من المستحيلات، وقد يسبب مجرد فتح الباب القضاء على الأبناء المحتمين بين جدار هذا المنزل.

الأبواب والحارات

لقد قررت العائلة بحزم إغلاق باب بيتهم، وعدم فتحه حتى ينجلي الوباء، وحتى تحت إصرار زوجة الابن على زيارة أهلها لم يفتحوا لها الباب لتخرج، بل واستعانوا بحبل تعلقت به لتنزل من السطح إلى الخارج. دقائق استغرقتها لتكتشف موت أسرتها، لتعود سريعاً إلى البيت، لكن لم يفتح لها الباب، وتوفيت على عتبته.

لم يكن في الفيلم أكثر من 4 إلى 5 مواقع فقط للتصوير، الموقع الأول الذي يجمع سعود ابن إبراهيم مع والده وحديثه عن زيارة الكويت، حيث خرج والده منها لينسى فاطمة وتجربته الأليمة هناك، وموقع القهوة وزيارة الشخص الغريب الذي يحمل مرض الكوليرا لينقله إلى من يجلس في القهوة، ومن ثم إلى القرية بأكملها.

ثم موقع المنزل الذي تدور فيه أحداث قصة فاطمة وإبراهيم، وإصرار الجد على البقاء على قيد الحياة عن طريق الابتعاد عن الناس، إضافة إلى الأحياء التي تصور أهالي المنطقة الذين كانت جثثهم ملقاة عند الأبواب وبين الحارات.