«ما تعلمته من هذا الكهف الصغير هو أن التعليم بالتجربة يظل راسخاً معك مدى الحياة»، قاعدة ذهبية يقدمها لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على طبق من ذهب، قاعدة تختزل كافة المعاني، وإن دققت في كلماتها حتى تدرك مدى عمقها وأهمية «التعليم بالتجربة»، تلك القاعدة يبوح بها صاحب السمو نائب رئيس الدولة، في قصة «كهفي الصغير»، تلك الحكاية القصيرة الحاملة لرقم 13 في كتاب سموه «قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً»، الذي يضم بين دفتيه عشرات الحكم والمعاني.

قاعدة ذهبية

تلك القاعدة الذهبية آثر سموه أن يختتم بها سرد قصة «كهفي الصغير» التي شكلت جوهر الحلقة 29 من البرنامج الوثائقي «قصتي»، المستلهم من كتاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الذي تولى إنتاجه المكتب التنفيذي لسموه، ويعرض على شاشات تلفزيون دبي ومنصاته المتعددة، والتي افتتحت بمشهد مستلهم من طفولة صاحب السمو نائب رئيس الدولة، ويكشف اللثام عن بعض من ملامح تجارب سموه في الحياة.

«يميل الكثير من الرجال إلى أن يكون لديهم «كهف» خاص بهم، يلجؤون إليه، لممارسة هواياتهم، أو الابتعاد عن ضجيج البيت، أو الاسترخاء بعد عناء يوم طويل. نمت هذه الرغبة في أن يكون لدي كهفي الخاص عندما كنت صغيراً»، هكذا يبدأ سموه سرد حكايته مع ذلك الكهف الصغير الذي تحول إلى ملعب يمارس فيه صاحب السمو نائب رئيس الدولة هواياته، ويسبر بين جدرانه أغوار الطبيعة، ويتعرف على تفاصيلها.

ويقول سموه: «كان لدينا غرفة صغيرة، أرضها رملية، وكان والدي يحتفظ في تلك الغرفة بصقور الصيد، طلب مني الاهتمام بالغرفة، فاهتممت بها، ولكن على طريقتي الخاصة»، ويضيف: «أذكر أنه جاء ليراني ذات يوم، حيث كنت جالساً على الأرض الرملية في الغرفة الصغيرة، وما أن وقع بصره علي حتى تبدلت ملامح وجهه الجادة التي سرعان ما اجتاحتها ضحكة عميقة وهو ينادي والدتي».

شغف

تبوح الحكاية التي تمددت مشاهدها على نحو 6 دقائق، بتفاصيل جميلة تكتشف لنا عن مدى شغف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالطبيعة وبكل مكنوناتها ومكوناتها، وهو ما يؤكده لنا بقوله: «تحولت الغرفة من غرفة للصقور إلى غرفة مكتظة بمختلف أنواع الحيوانات، إذ كنت قد أمسكت بالكثير من العقارب، ووضعت صناديق مملوءة بالأفاعي من كل نوع، كما ملأت المساحة الصغيرة المتبقية بالأصداف وهياكل الأسماك».

خلال سرده لحكاية «كهفي الصغير» يدهشنا سموه، بوصفه وباهتمامه بأدق التفاصيل، لا سيما في ذلك المشهد الذي يتعلق بزيارة والده، المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ووالدته المغفور لها، الشيخة لطيفة بنت حمدان بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراهما، لغرفته، حيث يقول: «وقف والدي ووالدتي عند مدخل الغرفة، وقد ملأت ضحكاتهم الفضاء، قبل أن تقول أمي إذاً لم يكن هناك لص متخصص بسرقة الجرار من المطبخ! على الأقل أعد لي يا حبيبي زجاجة مستحضر التجميل، فالعود الذي فيها قيمته أكبر بكثير من ريش تلك الطيور التي تحتفظ بها هناك».

ويواصل سموه القول: «بعد ذلك الموقف أصبحت الغرفة أول مكان يتم البحث فيه عند فقد أي جرة أو عبوة زجاجية من البيت، وبسبب نوبة الغضب التي انتابتني بعد أن اضطررت للتخلي عن بعض أدواتي الثمينة، قرر والدي ووالدتي إثراء فضولي بالعلوم وأعطتني أمي دفاتر صغيرة أدون اكتشافاتي عن الطيور والحيوانات والأصداف والهياكل التي كنت أجمعها».

حب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة والتجارب والطبيعة، كان كفيلاً بأن يساعده على ملء دفاتره بالملاحظات القيمة، حيث يقول: «امتلأت تلك الدفاتر الصغيرة بالكثير من الملاحظات التي كنت أدونها والرسومات.. كانت تلك الدفاتر متعتي التعليمية، وكانت تلك الغرفة «كهفي الصغير» الذي أتعرف من خلاله على الطبيعة».